;

أحداث غيرت العالم وصنعت التاريخ

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الثلاثاء، 07 مارس 2023

نعيش اليوم فيما نسميه اصطلاحاً العالم الحديث، ولم تكن هذه التسمية مرتبطة بالزمن بقدر ما ارتبطت بأحداث محددة أدخلت العالم في هذا الطور من "الحداثة"، حيث كانت بعض الاكتشافات جوهرية إلى حد تغيير وجه العالم، كما تعتبر بعض الحروب والمعارك نقطة تحول تاريخية أسفرت عن انهيار امبراطوريات كبرى وقيام أخرى.

ومازال العالم فعلياً يعيش على أنقاض هذه الأحداث ويحاول أن يخلق صيغة جديدة لكسر ما أدت إليه من نتائج علَّ أحفادنا يشهدون ولادة عالم مختلف عمَّا عايشناه.

 

1- حادثة سقوط الفسطنطينية

شهد العالم حدثين كبيرين في النصف الثاني من القرن الخامس عشر شكَّلا اندثار امبراطورية وولادة غيرها، وهناك خلاف ليس بالجوهري لتحديد ما إن كان سقوط القسطنطينية أم اكتشاف أمريكا هو نقطة البداية للعالم الحديث، لكن المتفق عليه أن الأمرين شكَّلا انقلاباً على مرحلة تاريخية وبدء مرحلة جديدة يمكن أن نقول أنَّها مازالت تؤثر في شكل العالم حتَّى يومنا هذا.

سقوط القسطنطينية

القسطنطينية

كان العالم رومانياً بامتياز منذ نهايات القرن الأول قبل الميلاد، حيث امتدت الإمبراطورية الرومانية لتسيطر على قلب العالم بجنودها وتجارتها وحضارتها لتكون روما عاصمة العالم آنذاك، وفي النصف الأول من القرن الرابع الميلادي انتقلت عاصمة الإمبراطورية الرومانية من روما إلى القسطنطينية (Constantinople).

وفي نهاية القرن نفسه أصبحت المدينة عاصمة للإمبراطورية البيزنطية (إمبراطورية روما الشرقية) التي تميزت باعتناقها للمسيحية كدين رسمي للدولة لكنها تعتبر امتداداً للإمبراطورية الرومانية الوثنية.

بدأت سلطة الرومان البيزنطيين تنحسر فعلياً مع صعود نجم الجيوش الإسلامية الفاتحة في القرن السابع الميلادي وما تلاه من تغيرات كبيرة في ظل الدين الجديد، لكن القسطنطينية (اسطنبول حالياً) بقيت عاصمة الرومان البيزنطيين على الرغم من الحروب الكثيرة مع المسلمين والفرس، إلى أن بدأ حصار القسطنطينية من قبل الإمبراطورية العثمانية الوليدة في السادس من نيسان/ أبريل عام 1453.

حيث كان السلطان محمد الثاني بن مراد يعرف قيمة دخول القسطنطينية معرفة جعلته يصمم على دخولها، فهذا يعني إنهاء الحرب مع البيزنطيين لصالح الدولة العثمانية والسيطرة على الشرق بشكل كامل، كما أن موقع القسطنطينية على مضيق البوسفور هو صلة الوصل الأمتن بين أوروبا والشرق.

نهاية الإمبراطورية الرومانية البيزنطية وولادة الامبراطورية العثمانية

استمر حصار القسطنطينية حتَّى انهارت دفاعات المدينة أمام جيش السلطان العثماني في التاسع والعشرين من شهر أيار/مايو عام 1453، فدخلها فاتحاً وصارت شهرته (محمد الفاتح) الذي أسدل الستار على واحدة من أعظم حضارات العالم وافتتح عهد الإمبراطورية العثمانية، وكان سقوط القسطنطينية المفصل التاريخي الأهم في بناء الدولة العثمانية وتوسعها باتجاه أوروبا والشرق الأوسط.

 

2- حادثة إكتشاف أمريكا

كريستوفر كولومبوس مكتشف أمريكا

أبحر كريستوفر كولومبوس (Christopher Colombus) في الثالث من آب/ أغسطس عام1492 بتمويل من الملكة ايزابيلا ملكة إسبانيا، وكان الهدف من الرحلة هو اكتشاف طريق تجارية جديدة إلى الهند، لكن كولومبس فعلياً وصل إلى أماكن مجهولة بالنسبة للعالم واكتشف جزر الأنتيل التي يطلق عليها جزر الهند الغربية لاعتقاد كولومبوس أنَّه اقترب من الهند، كما أطلقوا على السكان الأصلين لأميركا الحالية اسم (الهنود الحمر).

فعلياً تم إطلاق اسم أمريكا على القارة التي اكتشفها كولومبوس نسبة إلى البحار الإيطالي أمريكو فسبوتشي (Amerigo Vespucci) عام 1507، لأن كولومبوس كان يعتقد أنَّه يسير بالاتجاه الصحيح إلى الهند والصين كما اعتقد أنَّه وضع يده على طريق آسيا المنشود لكنه لم يعلم أنَّه اكتشف للتو قارة جديدة.

بينما استطاع أمريكو أن يستأنف البحث ويؤكد للأوروبيين أنَّهم أمام قارة جديدة وعالمٍ جديد، فسميت باسمه تكريماً له (أمريكا)، لتكون بداية نشوء أكبر إمبراطورية ما تزال قائمة وإن لم يكن نظام حكمها إمبراطورياً، لكنها تسير على نهج الإمبراطوريات الاستعمارية والتوسعية.

 

3- الحرب العالمية الأولى

بعد فتح القسطنطينية رضخ معظم الشرق وبعض أوروبا لنفوذ السلطنة العثمانية، وبعد اكتشاف أميركا بدأت مرحلة جديدة من تاريخ أوروبا والعالم تنشأ بنشوء المستعمرات الأمريكية، ومرَّ العالم بأحداث كثيرة خلال هذه الفترة إلى أن جاءت الحرب العالمية الأولى كنقطة تحول في التاريخ.

حيث بدأت الحرب العالمية الأولى في الثاني من آب/أغسطس عام 1914 بين دول المركز (السلطنة العثمانية، الإمبراطورية الألمانية، الإمبراطورية النمساوية المجرية ودول أخرى) وبين دول الحلفاء (بريطانيا، فرنسا، روسيا القيصرية حتَّى عام 1917، الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، اليونان، ودول أخرى).

انتهت الحرب العالمية الأولى بهزيمة ألمانيا والسلطنة العثمانية التي عرفت بالرجل المريض في آخر عهدها، وتوقيع هدنة فرساي مع دول التحالف في الحادي عشر من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1918، لكن نتائج الحرب كانت إعادة تشكيل العالم وتوزيع النفوذ بين المنتصرين.

صورة من الحرب العالمية الاولى

نتائج الحرب العالمية الأولى

  • انهيار روسيا القيصرية بعد الثورة الشيوعية عام 1917 والحرب الأهلية الروسية التي انتهت باستقرار النظام الشيوعي في روسيا.
  • انهيار الإمبراطورية الألمانية وتوقيع اتفاقية فرساي التي تصب في مصلحة الحلفاء مباشرةً.
  • انهيار السلطنة العثمانية واقتسام تركتها الاستعمارية بعد انسحابها من مناطق سيطرتها.
  • وقوف العرب إلى جانب دول التحالف رغبةً بالاستقلال، وتوقيع اتفاقية سايكس بيكو السرية بين الحلفاء والتي قضت باقتسام الدول العربية التي كانت تخضع للأتراك بين فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية، لكن هذه الأخيرة انسحبت من الاتفاقية بعد انتصار الثورة الشيوعية كما أنَّ الشيوعيين هم من فضحوا أمر المعاهدة.
  • إعطاء وعد بلفور عام 1917 لليهود الذي تتضمن اعترافاً بحقوقهم في إقامة دولة قومية في فلسطين الواقعة تحت الاحتلال الإنجليزي.
  • دخول الولايات المتحدة الحرب في نهايتها، وهذه المشاركة العسكرية تعتبر بداية عصر أمريكا كقوة فاعلة على المستوى العالمي.
  • نشوء دول جديدة ناتجة عن تفكك الإمبراطوريات العظمى.
  • وفاة أكثر من 16 مليون إنسان حول العالم، إضافة إلى 20 مليون مصاب.
  • نشوء مفهوم سباق التسلح بين الدول العظمى وتسارع وتيرة تطوير الأسلحة النوعية.
 

4- الحرب العالمية الثانية وعملية بيرل هاربر

صورة للمقاتلين في الحرب العالمية الثانية

شكَّل المنتصرون في الحرب العالمية الأولى منظمة عصبة الأمم كمنظمة أممية تسعى لتجنب الحروب وحل النزاعات الدولية، لكن وصول أدولف هتلر إلى حكم ألمانيا مع حلمه بالثأر للإمبراطورية الألمانية والعرق الألماني المتفوق جعل من مهمة عصبة الأمم مستحيلة، حيث بدأت الحرب العالمية الثانية في الأول من أيلول/سبتمبر عام 1939 بغزو القوات الألمانية لبولونيا.

فأعلنت كل من فرنسا وبريطانيا الحرب على ألمانيا بعد يومين من غزو بولونيا، لتبدأ فعلياً واحدة من أخطر وأكبر الحروب في تاريخ العالم بين معسكرين مدججين بالسلاح، المعسكر الأول عرف باسم دول المحور (ألمانيا النازية، الإمبراطورية اليابانية التي بدأت الحرب مع الصين عام 1937، إيطاليا، رومانيا، بلغاريا، المجر، ودول أخرى).

فيما عرف المعسكر الثاني باسم دول التحالف (بريطانيا، فرنسا، الصين، النرويج، الدنمارك، بلجيكا، هولندا، الاتحاد السوفيتي بعد الغزو الألماني عام 1941، الولايات المتحدة الأمريكية بعد عملية بيرل هاربر، ودول أخرى).

عملية بيرل هاربر

تفجير ميناء هاربر

تعتبر عملية بيرل هاربر (Pearl Harbor) من أهم الحوادث ضمن الحرب العالمية الثانية، حيث أنَّ هذه العملية هي التي جعلت الولايات المتحدة الأمريكية تتخذ قرارها بدخول الحرب بمواجهة اليابان وألمانيا، ذلك بعد أن قامت المقاتلات والغواصات اليابانية بتدمير جزء من الأسطول الأمريكي في ميناء بيرل هاربر في هاواي.

وكانت العملية اليابانية مباغتة ووقائية حيث شعر اليابانيون بخطورة وجود القطعات البحرية الأمريكية في هذا المكان خاصة مع رغبة اليابان الوصول إلى الفلبين، كما كانت أميركا قد ضيقت الخناق على اليابان من خلال العقوبات الاقتصادية لكن لم تكن أميركا قد دخلت الحرب بشكل مباشر على الرغم من دعمها العلني للحلفاء.

أسفر الهجوم عن مقتل حوالي 2400 شخص من الجانب الأميركي وتدمير عدد من البوارج والسفن الحربية، لكن النتيجة الأكثر أهمية كانت إعلان الولايات المتحدة الحرب رسمياً على اليابان.

نتائج الحرب العالمية الثانية

نظرياً انتهت الحرب العالمية الثانية بسقوط برلين في قبضة الحلفاء في الثلاثين من نيسان/أبريل عام 1945 وتوقيع ألمانيا اتفاقية الاستسلام، لكن فعلياً استمرت الحرب لأنَّ اليابان رفضت الاستسلام، فشهد العالم واحداً من أخطر الأحداث العسكرية على الإطلاق من خلال استخدام الولايات المتحدة الأمريكية للقنبلة الذرية في اليابان لأول مرَّة في التاريخ، ما أجبر اليابان على الاستسلام لتنتهي بذلك إحدى أكثر الفترات دموية في التاريخ الحديث، وكانت نتائج الحرب كارثية:

  • انهيار ألمانية النازية واقتسامها بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية.
  • استخدام القنبلة النووية للمرة الأولى في التاريخ، حيث ألقت الولايات المتحدة القنبلة النووية الأولى (الطفل الصغير Little Boy) فوق مدينة هيروشيما اليابانية في السادس من آب/أغسطس 1945، ثم ألقت القنبلة الثانية (الرجل البدين Fat Man) في التاسع من الشهر نفسه فوق مدينة ناجازاكي، وكانت هذه المرّة الأخيرة التي استخدم فيها السلاح النووي (حتَّى تاريخ إعداد هذه المادة).
  • يقدر عدد ضحايا الحرب من 60 إلى 80 مليون إنسان حول العالم.
  • ارتفاع وتيرة سباق التسلح بين دول العالم لامتلاك السلاح النووي.
  • تراجع فرنسا وبريطانيا كقوتين استعماريتين، وتنازلهما عن العديد من المستعمرات واستقلال معظم الدول العربية.
  • إنشاء منظمة الأمم المتحدة كبديل أممي لمنظمة عصبة الأمم.
  • صعود الولايات المتحدة كقوة محورية في العالم الجديد.
  • التعاطف مع قيام كيان قومي لليهود في فلسطين بعد الخدمات التي قدمها اليهود للحلفاء في الحرب، إضافة إلى ما لقيه اليهود من هتلر وسوقوا له باسم هولوكوست (المحرقة).
  • بداية الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي، وتأسيس حلف وارسو بقيادة الاتحاد السوفيتي بمواجهة حلف الناتو (شمال الأطلسي) والولايات المتحدة الأمريكية.
 

5- قيام دولة الإحتلال الإسرائيلي في فلسطين

إعلان صحيفة يعلن قيام دولة الإحتلال إسرائيل

عام 1917 وفي خضم الحرب العالمية الأولى أعلن وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور (Arthur James Balfour) عن تأييد حكومة المملكة المتحدة لقيام دولة لليهود في فلسطين، وهذا ما عرف بوعد بلفور المشؤوم، حيث يعتبر هذا الوعد حجر الأساس للدولة العبرية التي كانت تنشدها الحركة الصهيونية.

أمَّا التدشين فقد وقع في ظروف مشابهة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث عادت العصابات الصهيونية التي حاربت إلى جانب الحلفاء محمَّلة بالوعود والمال والسلاح فضلاً عن التدريب الذي تلقاه عناصرها خلال الحرب.

كما استثمرت الحركة الصهيونية ما فعله النازيون باليهود خلال الحرب (المحرقة) لتحصل على التعاطف الشعبي في أوروبا وأميركا، كما تم الضغط على بريطانيا للانسحاب من فلسطين من خلال سلسلة من العمليات الإرهابية التي قامت بها العصابات الصهيونية في فلسطين، فكان الانسحاب البريطاني في الرابع عشر من أيار/مايو عام 1948، لتعلن الحركة الصهيونية عن تأسيس الدولة القومية للشعب اليهودي في فلسطيني (إسرائيل) في اليوم نفسه، وفي اليوم التالي بدأت الحرب بين العصابات الصهيونية وجيش الإنقاذ العربي، والتي انتهت بهزيمة العرب وترسيخ الدولة الخديجة.

نتائج قيام الكيان الصهيوني

  • تهجير آلاف الأسر الفلسطينية من قراهم إلى مناطق أخرى داخل فسطين وخارجها.
  • انكسار الجيوش العربية أمام أول امتحان لها في الحرب الحديثة.
  • يشكِّل الاحتلال الإسرائيلي عقبة كبيرة في وجه السيادة والاستقلال الكامل للدول العربية.
  • فشل منظمة الأمم المتحدة بفرض قراراتها على العصابات الصهيونية ما جعلها قتيلة في المهد.
  • قام الاحتلال بحركة توسعية عام 1967 احتل خلالها الجولان السوري وسيناء المصرية والضفة الغربية لنهر الأردن، حيث استعادت مصر سيناء بعد اتفاقية السلام المنفردة عام 1979، واستعاد الفلسطينيون الضفة الغربية وقطاع غزَّة جزئياً بعد اتفاقية أوسلو عام 1993، فيما استعاد السوريون القنيطرة في حرب السادس من تشرين الأول/أكتوبر عام 1973، وما تزال مرتفعات الجولان السورية محتلَّة حتَّى تاريخه.
  • الاحتلال الإسرائيلي هو الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك الأسلحة النووية والتي تشكل تهديداً مباشراً لدول الجوار.
 

6- أحداث الحرب الباردة وإنهيار الإتحاد السوفييتي

الحرب الباردة

يعني مصطلح الحرب الباردة وجود تضارب بالمصالح بين قوتين، لكن هذا التضارب والصراع لا يصل إلى مرحلة الحرب العسكرية بل يبقى ضمن إطار الحرب بالنيابة والحرب السياسية ودعم المعارضين، يعود ذلك إلى توازن القوة العسكرية بين الطرفين ما يجعل دخولهما في حرب عسكرية أمراً لا ينتهي إلا بتدميرهما معاً.

وقد بدأت الحرب الباردة فعلياً بعد إعلان الاتحاد السوفيتي عن امتلاكه للقنبلة الذرية وإجراء أول تجربة نووية في الصحراء السيبيرية صيف عام 1949، ليصبح الاتحاد السوفيتي بذلك عصيَّاً على المواجهة العسكرية المباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما عرف لاحقاً بسلاح الردع لأنَّ الولايات المتحدة لم تعد قادرة على استخدامه بمواجهة روسيا أو أي دولة من الدول التي امتلكته لاحقاً لذلك أخذ العداء بين المعسكرين الشرقي والغربي تسمية الحرب الباردة.

واستمرت هذه الحرب حتَّى انهيار الاتحاد السوفيتي في السادس والعشرين من كانون الأول/ديسمبر عام 1991، ليدخل العالم مرحلة جديدة من الهيمنة الأمريكية التي ما تزال مستمرة حتَّى اليوم، حيث يعتبر انهيار الاتحاد السوفيتي غياباً للمنافس الوحيد لأميركا مما جعل كلمة الولايات المتحدة هي العليا في العالم الحديث، وربما يمكن القول أنَّنا نشهد اليوم عودة فاعلية روسيا وتعدد الأقطاب.

 

7- حروب الخليج والغزو الأمريكي للعراق

الحرب بين إيران والعراق

يسجل المؤرخون انتصار الثورة الإسلامية في إيران على حكم الشاه عام 1979 كحدثٍ جوهري في تاريخ العالم الحديث، حيث شهدت المنطقة إعادة خلط الأوراق بعد إزاحة الشاه علي رضا بهلوي ووصول الإمام الخميني إلى حكم إيران، وكانت أوضح الإجراءات التي تم اتخاذها في مطابخ السياسة العالمية لمواجهة خطر الثورة الإيرانية قيام حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران، حيث اندلعت الحرب بين العراقيين والإيرانيين في الثاني والعشرين من أيلول/سبتمبر عام 1980 في عهد الرئيس العراقي صدام حسين.

وكانت الأسباب المعروفة للحرب رغبة صدام باستعادة الأهواز واستغلال ضعف إيران الحديثة ومخاوفه من تمدد الثورة الإيرانية إلى العراق، كما لقي صدام دعماً كبيراً من الدول العربية في مختلف المجالات، واستمرت الحرب حتَّى صيف عام 1988 وإصدار قرار مجلس الأمن بوقف القتال وبدء المفاوضات، والجدير بالذكر أنَّ كلا الطرفين اعتبر نفسه قد انتصر بالحرب كما استمرت عمليات الانسحاب وتبادل الأسرى حتَّى بداية حرب الخليج الثانية.

حرب الخليج الثانية

الغزو العراقي للكويت

استيقظت الكويت في الثاني من آب/أغسطس عام 1990 على هدير الدبابات العراقية الغازية، حيث قرر الرئيس العراقي صدام حسين احتلال الكويت متذرعاً بتلاعب دولة الكويت بأسعار النفط العالمي وسرقة الآبار الحدودية بين الدولتين، فضلاً عن اعتبار الكويت أرضاً عراقية.

وكان الحدث النادر هو اتفاق معظم القوى الدولية أنَّ الغزو العراقي للكويت يعتبر تعدياً على سيادتها واحتلالاً لدولة مستقلة، فتم تشكيل قوة دولية مشتركة من جيوش عربية وأجنبية تولت مهمة تحرير الكويت، وكان الخليج العربي قاعدة رئيسية لانطلاق العمليات العسكرية.

كما شاركت كل من مصر وسورية في حرب التحرير، وعلى الرغم من التحذيرات الكثيرة التي تلقاها النظام العراقي لكنه أبى أن ينسحب من الكويت، كما حاول تشتيت المعركة من خلال استهداف الاحتلال الإسرائيلي بصواريخ سكود آملاً تغيير مسار المعركة.

لكن في النهاية اضطر الجيش العراقي للانسحاب من الكويت بين السابع والعشرين والثامن والعشرين من شباط/فبراير عام 1991، ليدخل العراق بدوامة من الحصار الاقتصادي الدولي والعلاقات المتوترة مع دول الجوار ويعيش فترة احتضار طويلة انتهت مع حرب الخليج الثالثة.

حرب الخليج الثالثة (الغزو الأمريكي للعراق)

الغزو الأمريكي للعراق

عاش العراق ظروفاً صعبة من الحصار الاقتصادي والعزلة السياسية بعد انتهاء حرب الخليج الثانية، كما بدا أن التخلص من حليف الأمس بات ضرورياً بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وقد بدأت بوضع استراتيجيات جديدة من التوسع العسكري الأمريكي بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر عام 2001، فبعد احتلال أفغانستان أعلنت أمريكا الحرب على العراق متذرعة بامتلاك العراق أسلحة دمار شامل.

بدأت الحرب في العشرين من آذار/ مارس عام 2003 واستمرت فعلياً حتَّى احتلال بغداد في التاسع من أبريل/نيسان وإعلان وقف العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات التحالف في الأول من أيار/مايو من العام نفسه، وكان آخر فصل من فصول هذه الحرب هو إلقاء القبض على الرئيس العراقي صدام حسين وتقديمه للمحاكمة بعدة تهم، حيث انتهت مرحلة حكمه للعراق بإعدامه في أول أيام عيد الأضحى في الثلاثين من شهر كانون الأول/ديسمبر عام 2006.

ويعتبر احتلال العراق نقطة تحول جوهرية في تاريخ الشرق الأوسط والعالم حيث لم تنتهي تبعاته حتَّى اليوم على الرغم من انسحاب القوات الأمريكية من العراق بين عامي 2009 و 2010.

 

8- أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر عام 2001

هجمات الحادي عشر من أيلول

استيقظ العالم في ذاك اليوم على أخبار بالغة الخطورة، حيث قامت جماعة من "الإرهابيين" باختطاف أربع طائرات نقل مدنية وتوجيهها إلى أهداف استراتيجية في مدينة نيويورك الأمريكية، فاصطدمت الطائرة الأولى ببرج مركز التجارة العالمي الشمالي عند الساعة التاسعة إلَّا ربع صباحاً، وتلتها الطائرة الثانية التي اصطدمت بالبرج الجنوبي بعد سبع عشرة دقيقة، ما أدَّى إلى انهيار البرجين بشكل كامل.

كما ارتطمت الطائرة الثالثة بمبنى وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون بينما فشلت الطائرة الرابعة في تحقيق هدفها وتم اعتراضها وإسقاطها، حيث تعتبر هذه الهجمات هي الأعنف في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية حتَّى إعداد هذه المادة، كما تسببت بسقوط حوالي ثلاثة آلاف شخص.

دخل العالم مرحلة جديدة ما تزال مستمرة حتَّى اليوم، حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول حلف شمال الأطلسي باحتلال أفغانستان وغزو العراق وتهديد سوريا بتهمة دعم الإرهاب أو امتلاك أسلحة دمار شاملة.

كما برزت العديد من الاتهامات لوكالة الاستخبارات الأمريكية بالترتيب لعمليات الحادي عشر من سبتمبر لأهداف بعيدة المدى، ويمكننا القول أن المحرقة اليهودية كانت حصان طروادة لليهود وأحداث الحادي عشر من أيلول سواء كانت هجمات إرهابية حقاً أم كانت "مؤامرة" أمريكية إلَّا أنها كانت حصان طروادة أيضاً لمدَّة عشر سنوات كاملة، حتَّى بدأت أحداث "الربيع العربي" التي تعتبر الحدث الجوهري في الفترة الحالية لكن الثابت للجميع أن العالم ما يزال فوق الصفيح الساخن.

ختاماً.... قدمنا فيما سبق أبرز الأحداث التي تحكمت بمصائر شعوب العالم، فنتج عنها قيام دول وانهيار أخرى، كما نتج عنها تبدل في التحالفات وتغير في مفاهيم الحرب والسلام، وما تزال هناك الكثير من الأحداث التاريخية المهمة التي قد نتناولها في مواد أخرى، كما يمكنكم زيارة قسم الحروب والصراعات المسلحة، وقسم المناسبات والأعياد الوطنية لتتعرفوا على مزيد من الأحداث المصيرية في تاريخ الشعوب.

اشترك في قناة رائج على واتس آب لمتعة الترفيه