;

لغز خطوط نازكا في بيرو: من شيدها، ولماذا حيّرت العلماء؟

  • تاريخ النشر: منذ يومين زمن القراءة: 3 دقائق قراءة آخر تحديث: منذ 9 ساعات
لغز خطوط نازكا في بيرو: من شيدها، ولماذا حيّرت العلماء؟

يُثير لغز خطوط نازكا في صحراء بيرو دهشة الباحثين منذ أكثر من قرن، إذ تمتد هذه الرسوم العملاقة على مساحة شاسعة من الأرض القاحلة، وتُصوِّر أشكالاً هندسية، وحيوانات، ونباتات، لا يمكن إدراكها بوضوح إلا من ارتفاعات شاهقة. ويكمن سرّها الحقيقي في سؤالين متلازمين: من بناها؟ ولماذا؟

ما هي خطوط نازكا؟

تُعرَّف خطوط نازكا بأنها مجموعة من الرسومات الأرضية العملاقة، تُعرف علمياً باسم الجييوغليف، حُفرت عبر إزالة الطبقة السطحية الداكنة من التربة، لكشف طبقة أفتح لوناً أسفلها. ويُقدَّر عدد هذه الرسومات بالمئات، ويتراوح حجم بعضها بين عشرات الأمتار وأكثر من 300 متر، وتشمل أشكالاً لحيوانات مثل الطائر الطنان، والقرد، والعنكبوت، إضافة إلى خطوط مستقيمة تمتد لعدة كيلومترات.

من الذي بناها؟

يرجّح علماء الآثار أن حضارة نازكا، التي ازدهرت في جنوب بيرو بين عامي 200 قبل الميلاد و600 ميلادية، هي المسؤولة عن إنشاء هذه الخطوط. وتستند هذه الفرضية إلى توافق التواريخ، وتشابه الرموز المستخدمة في الخطوط مع الزخارف الموجودة على الفخار والمنسوجات التي خلّفتها الحضارة نفسها.

ورغم ضخامة الرسومات، فإن تنفيذها لا يتطلب تقنيات خارقة، بل يعتمد على أدوات بسيطة، وحسابات دقيقة، ونظام من النقاط المرجعية، ما يُثبت امتلاك هذه الحضارة فهماً متقدّماً للهندسة والتنظيم الجماعي.

كيف صمدت كل هذه القرون؟

يعود بقاء خطوط نازكا إلى طبيعة المنطقة نفسها؛ فالصحراء تتميّز بجفاف شديد، وقلة الرياح، وغياب الأمطار تقريباً، ما جعل التعرية بطيئة للغاية. وهكذا، بقيت الخطوط محفوظة لقرون طويلة، كأن الزمن مرّ من حولها دون أن يمسّها.

لماذا بُنيت خطوط نازكا؟

هنا يبدأ الجدل الحقيقي، إذ طُرحت تفسيرات متعددة، لكل منها ما يدعمها وما يُضعفها.

التفسير الديني والطقوسي:
يرى كثير من الباحثين أن الخطوط كانت جزءاً من طقوس دينية مرتبطة بالآلهة، خاصة تلك التي تتحكّم بالمطر والمياه. فالماء كان عنصراً نادراً في هذه البيئة الصحراوية، وربما مثّلت الرسومات نداءً رمزياً للقوى العليا من أجل الخصب والاستمرار.

التفسير الفلكي:
اقترح بعض العلماء أن عدداً من الخطوط يتوافق مع مواقع شروق وغروب الشمس، أو مع حركة النجوم، ما يشير إلى احتمال استخدامها كنوع من التقويم الفلكي لتحديد مواسم الزراعة والاحتفالات.

التفسير الاجتماعي والتنظيمي:
تذهب فرضيات أحدث إلى أن عملية إنشاء الخطوط نفسها كانت ذات معنى، أي أن المشاركة الجماعية في رسمها عزّزت التماسك الاجتماعي، ورسّخت الهوية الثقافية، بغضّ النظر عن رؤية الشكل النهائي من السماء.

نظريات مثيرة للجدل

لا يخلو موضوع خطوط نازكا من نظريات مثيرة، أبرزها الادعاء بأنها صُمّمت لتُرى من قبل كائنات فضائية. غير أن هذه الفرضيات تفتقر إلى أي دليل علمي، ويتعامل معها الباحثون بوصفها نتاجاً للخيال أكثر من كونها تفسيراً تاريخياً جاداً.

ماذا تقول الاكتشافات الحديثة؟

أسهمت تقنيات الاستشعار عن بُعد والطائرات المسيّرة في اكتشاف عشرات الخطوط الجديدة خلال السنوات الأخيرة، ما وسّع فهمنا لنطاق المشروع وتعقيده. وتشير هذه الاكتشافات إلى أن الخطوط لم تُنشأ في فترة واحدة، بل على مراحل، ما يعكس تطوراً فكرياً وثقافياً مستمراً داخل حضارة نازكا.

لا تزال خطوط نازكا لغزاً مفتوحاً، يجمع بين الفن والدين والعلم، ويعكس قدرة الإنسان القديم على ترك بصمات تتجاوز حدود الزمن. وبينما قد لا نملك جواباً نهائياً عن سبب بنائها، فإن المؤكد أنها ليست مجرد رسومات على الرمال، بل رسالة حضارية صامتة، ما زالت تُجبر العالم على التوقّف والتأمّل.

إذا رغبتِ، يمكنني إعداد مقال تحليلي مقارن بين خطوط نازكا ومواقع غامضة مشابهة حول العالم، أو تبسيط الموضوع بأسلوب خفيف رائج للمنصّات الرقمية.

اشترك في قناة رائج على واتس آب لمتعة الترفيه