;

حكاية مسرحية روميو وجولييت

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 06 فبراير 2022
حكاية مسرحية روميو وجولييت

يعد شكسبير أحد أهم الكتاب على مر العصور وما زالت مسرحياته الخالدة حاضرة في أذهان الأجيال المتعاقبة، وقد أخذت مسرحية روميو وجولييت حيزاً كبيراً في الفنون التشكيلية، الفنون المسرحية والسينمائية وحتى في عروض الباليه، نعرفكم في مقالنا على رائعة روميو وجولييت وكيف تناولها الفن بكافة أشكاله.

الكاتب وليام شكسبير (شاعر الوطنية) و (شاعر الفنون المسرحية)

يعد وليم شكسبير من كبار الكتاب الإنكليز الذين صنعوا لأنفسهم مكانة كبيرة في الأدب الإنجليزي والعالمي، عاش بين عامي (1564-1616)، تأثر به العديد من الكتاب في القارة الأوروبية والأمريكية في القرن السابع عشر، الثامن عشر والتاسع عشر، كما تأثر به العديد من الكتاب العرب وترجمت مسرحياته وقدمت في السينما والمسرح.

استوحى شكسبير فكرة المسرحية من تراجيديا تاريخية ألّفت عام 1562 تحت عنوان (روميوس وجولييت)، كانت التراجيدية عبارة عن ملحمة شعرية طويلة من تأليف آرثر بروك؛ استوحاها أيضاً من حكاية فرنسية لمؤلف يدعى بيريه عام 1559، ويقدّر أن شكسبير كتب المسرحية بين عامي (1591-1595) ونشرت أول مرة عام 1597.

قصة مسرحية روميو وجولييت

تدور أحداث القصة في مدينة فيرونا (Verona) الإيطالية، حول الصراع الأزلي بين عائلتيّ مونتيغو وكابوليت دون ذكر سبب الصراع بينهما، وكانت الشجارات تندلع دائما بين الخدم وأصدقاء العائلة؛ مما جعل أمير فيرونا (إسكاليس) يأمر العائلتين بالتوقف عن القتال وإلا سوف يعاقبهما بقتل أي شخصين يتقاتلان، وكان لدى عائلة مونتيغو صبي بعمر المراهقة يدعى (روميو) ولدى عائلة كابوليت فتاة بعمر الرابعة عشرة تدعى (جولييت).

اللقاء الأول بين روميو وجولييت

كان روميو العاشق واقعاً بحب فتاة تدعى (روزالين)، يعلم روميو بإقامة حفلة تنكرية في منزل كابوليت وأن روزالين ستكون موجودة فيقرر الذهاب مع صديقيه مركيشيو وبنفوليو، وهناك يقابل جولييت ويتحادثان ويقعان في الحب، ثم يدرك أنه كان يحب فكرة الحب وليس روزالين حيث وجد الحب الحقيقي مع جولييت.

استطاع ابن عم جولييت (تيبالت) التعرف على روميو وأراد الشجار معه لكن والدها منعه من ذلك؛ لأن روميو كان ضيفاً في منزله ويعرف بأخلاقه الرفيعة، فيدرك العاشقان أنهما من العائلتين المتناحرتين.

بعد انتهاء الحفل يذهب روميو ويقف تحت شرفة غرفة جولييت مردداً أجمل الأشعار التي وردت في المسرحية ويتفق الاثنان على الزواج سراً في اليوم التالي، ثم يذهبان إلى القس ويزوجهما ظناً منه أن صراع العائلتين سينتهي بزواجهما.

النزال الذي أدى إلى موت (مركيشيو) صديق روميو

تأخذنا المسرحية إلى مشهدٍ آخر حيث يقوم تايبوليت بالبحث عن روميو للنزال معه ويجد صديقيه ثم يأتي روميو لكنه يرفض القتال، فيتولى صديقه مركيشيو الشجار ويقوم تايبوليت بقتله فيغضب روميو لذلك ويتقاتل مع تايبوليت ويقتله، ثم يصل خبر قتل روميو لابن عم جولييت تايبولت، ويصدر حاكم فيرونا قراراً بنفي روميو خارج المدينة عقاباً له على القتل فيذهب روميو في تلك الليلة ليودع جولييت.

في اليوم التالي يخبر والد جولييت ابنته أن أحد أقارب الأمير اللورد باريس طلب يدها للزواج، لكنها ترفضه وتصاب بالهلع لأنها متزوجة، فتذهب إلى القس لورنس وتخبره فيقرر مساعدتها ويعطيها دواءً يتسبب بظهورها ميتة، وطلب منها تجرعه قبل يوم الزفاف، ثم تذهب جولييت وتخبر والدها بموافقتها على الزواج وسرعان ما يشرع بالاستعداد لزفاف ابنته، وقبل الزفاف بيوم تشرب جولييت الدواء وتغيب عن الوعي، في هذه الأثناء يكون القس قد أرسل رسالة يخبر بها روميو عن خطته ولكنها لم تصله بسبب انتشار الطاعون الأسود بل وصله خبر وفاتها.

موت العاشقان والصلح بين العائلتين

خرج روميو مسرعاً إلى مدينة فيرونا واشترى في طريقه سماً فقد قرر أن يموت إلى جانب حبيبته، يصل روميو إلى مقبرة عائلة كابوليت ويجد جولييت ممددةً في تابوت وما زالت بجمالها المعتاد، ثم يلتقي باللورد باريس الذي قرر إمضاء الليلة بقربها ويتقاتلان، ويُقتل اللورد على يد روميو، ويذهب روميو إلى مصيره الأخير ويشرب السم ليكون معها ثم تستيقظ جولييت وتجد روميو ممداً بقربها لتدرك أنه فارق الحياة حزناً على فراقها.

فتقوم بأخذ خنجره وطعنه في قلبها، يصل القس لورنس إلى المقبرة ويجد كلاً من روميو وجولييت قد فارقا الحياة فيقوم بإخبار أهل المدينة بالقصة، تتصالح العائلتان وينتهي الصراع بموت ولديهما ويقرر أهل المدينة صنع تمثالين من الذهب لهما ليخلدوا ذكراهما؛ ليتذكروا دائماً أن موت العاشقين كان سبب الصلح بين العائلتين.

تجسيد قصة روميو وجولييت على المسرح

  • أغلقت المسارح في كانون الثاني/يناير عام 1593 في لندن بسبب انتشار الطاعون الأسود في البلاد، فتم أداء المسرحية أول مرة على خشبة مكان سمي (المسرح) عام 1594، وكان أول مسرح يبنى في لندن وقد ركز شكسبير من خلال مسرحيته على انتشار الطاعون وخطورة هذا المرض، لعب الممثل ريتشارد بربيج (Richard Burbage) دور روميو، وأخذ الممثل روبرت غوف (Robert Goffe) دور جولييت، فقد كان الشبان يمثلون أدوار النساء لأنه لم يكن يسمح للنساء بالتمثيل حتى أواخر القرن السابع عشر.
  • أعيد تمثيل المسرحية على مسرح لندن الجديد عام 1935 من إنتاج دارلنجتون (Darlington)، من إخراج جون جيلجود (John Gielgud)، وقد لعب دور روميو بالتناوب مع الممثل لورانس أوليفييه (Laurence Olivier)، والممثلة بيغي أشكروفت (Peggy Ashcroft) بدور جولييت، كتبت صحيفة ديلي تلغراف حينها: "أن محبي المسرح الحقيقين سيحملون ذكرى هذه المسرحية إلى قبرهم".
  • عمل المخرج فرانكو زفيرلي (Franco Zeffirelli) عام 1960 كأول إنتاج له لأعمال شكسبير، وغالباً ما كان يحذف بعضاً من النص في العروض المسرحية المباشرة، ولم تختلف هذه النسخة كثيراً ولكن أراد زفيرلي مناشدة الشباب وجعل المسرحية تبدو حقيقةً فعلاً، لعبت الممثلة جودي دينش (Judi Dench) دور جولييت، والممثل جون سترايد (John Stride) دور روميو، ووجهت بعض الانتقادات للمسرحية التي لم ترض الجميع ولكن العديدون أحبوا المسرحية لواقعيتها وبراعتها.
  • عرضت المسرحية مجدداً عام 2002 من إنتاج شركة فيستربورت (Vesturport)، إخراج غيسلي أورن غاردرسون (Gisli Orn Gardarsson)، لعب دور روميو جيسلي أورن غاردرسون، ولعبت الممثلة نينا دوغ فيليبوسدوتير (Nina Dogg Filippusdottir) دور جولييت، وقد صرح الممثل شون كونري (Sean Connery): "ربما ليس شكسبير الذي اعتدنا عليه، ولكن هذا شكسبير كما ينبغي أن يكون".
  • وأعيد تأديتها عام 2010 من إنتاج شركة شكسبير الملكية، إخراج روبرت جولد (Rupert Goold)، وتأدية سام تروغتون (Sam Troughton) وماريا غيل (Mariah Gale)، حيث عرضت في مدينة فيرونا، وصرح السيد بيلنغتون (Billington) لجريدة الغارديان: "لم يستطع أحد تأدية المسرحية بشكل رائع كهذه منذ أن قام فرانكو زفيرلي بإخراجها".

تحويل مسرحية روميو وجولييت إلى فيلم سينمائي

  • كان أول فيلم عام 1908 بعنوان (Romeo and Juliet) تم تقديمه كفيلم صامت من استديو فيتوغراف في الولايات المتحدة الأمريكية، إخراج جيه ستيوارت بلاكتون (J. Stuart Blackton)، لعب دور روميو الممثل الأمريكي بول بانزر (Paul Panzer) ودور جولييت الممثلة فلورانس لورانس (Florence Lawrence).
  • أعيد تصوير الفلم بنسخة جديدة عام 1936 بعنوان (Romeo and Juliet) من إنتاج إيرفينغ ثالبيرج (Irving Thalberg)، إخراج جورج كوكر (George Cukor)، أداء الممثل الأمريكي ليزلي هوارد (Leslie Howard) بدور روميو، والممثلة الكندية نورما شيرر (Norma Shearer) بدور جولييت، كتبت صحيفة نيويورك تايمز أنه "واحد من أفضل ألف فيلم تم صنعه"، ولكن العديد من النقاد قالوا إن "الممثلين كانوا كباراً في السن".
  • فيلم أنتج عام 1961 فيلم غنائي إخراج جيروم روبنز (Jerome Robbins) والذي يجسد قصة روميو وجولييت وكان بعنوان (West Side Story)؛ جسد الصراع بين البيض والملونين في الخمسينيات، تدور أحداث الفيلم حول صراع في الحي الغربي من مدينة نيويورك بين عصابتين من الشباب، الأولى من البيض باسم جيتس (Jets) يتزعمها ريف (Riff) والذي قام رس تامبلين (Russ Tamblyn) بأداء الدور، والمجموعة الثانية من الملونين باسم شاركس (Sharks) يتزعمها برناردو (Bernardo) والذي قام الممثل جورج شاكيرس (George Chakiris) بأداء دوره، توني (Tony) والذي أدى دوره الممثل ريتشارد بيمر (Richard Beymer)، مؤسس مجموعة جيتس السابق وصديق ريف المقرب؛ يلتقي ماريا (Maria) والتي أدت دورها الممثلة نتاليا وود (Natalie Wood)، وهي الشقيقة الصغرى لبرناردو فيقعان بالحب من النظرة الأولى ويخططان للهرب سوياً، تقرر المجموعتان الدخول في معركة مصيرية ولكن ماريا تطلب من توني التدخل ليحسم الأمر بينهما حفظاً لحبهما ولكن تكون النهاية مأساوية بالنسبة لتوني وماريا.
  • عاد المخرج فرانكو زفيرلي (Franco Zeffirelli) لتصوير نسخة جديدة من الفلم عام 1968 في إيطاليا بعنوان (Romeo and Juliet)، أداء الممثل ليونارد وايتينج (Leonard Whiting) البالغ من العمر 17 عاماً، والممثلة أوليفيا هوسي (Olivia Hussey) البالغة من العمر 15 عاماً، وقد فاز الفلم بجائزة الأوسكار عن فئة أفضل الأزياء.
  • قدمت نسخة ملونة من الفيلم بعنوان (Romeo & Juliet) عام 1996 من إخراج باز لورمان (Baz Luhrmann)، تمثيل ليوناردو ديكابريو (Leonardo DiCaprio) بدورروميو، والممثلة كلير دينس (Claire Danes) بدور جولييت، وحصل الفلم على العديد من الترشيحات والجوائز كجائزة (MTV Movie Awards)، كذلك جائزة البافتا (Bafta Film Awards)، وجائزة المهرجان السينمائي الدولي وترشح لجائزة الأوسكار.
  • آخر نسخة من الفيلم كانت في عام 2013 من إخراج كارلو كارلي (Carlo Carlei) بعنوان (Romeo & Juliet)، من أداء الممثل دوغلاس بوث (Douglas Booth) بدور روميو، والممثلة هايلي ستاينفيلد (Hailee Steinfeld) بدور جولييت.

عروض الباليه التي تناولت قصة روميو وجولييت

بدأ مصمم رقصات الباليه كينيث ماكميلان (Kenneth MacMillan) عام 1965 بالعمل على تحويل روميو وجولييت إلى عرض راقص، بعد أن أخذ الأذن من مدير الباليه الملكي فعمل مدة خمسة أشهر لإنتاج العرض، قام بأداء الأدوار الرئيسية الراقصان رودولف نوريف (Rudolf Nureyev) ومارغوت فونتين (Margot Fonteyn)، أعجب الجمهور بالعرض كثيراً كما نال إعجاب النقاد وأشارت صحيفة ديلي ميل أن "كينيث ماكميلان يشغل مكانة مرموقة بين مصممي رقصات الباليه".

أعاد مصمم رقصات الباليه بيتر مارتينز (Peter Martins) إحياء مسرحية روميو وجولييت عام 2007 في عرض باليه جديد في مدينة نيويورك، احتفالاً بالذكرى المئوية لرحيل لنكولن كيرستين (كاتب ومصمم رقصات باليه في مدينة نيويورك).

المسرحية مصدر إلهام العديد من الرسامين والنحاتين

ألهمت قصة روميو وجولييت العديد من الرسامين فقاموا بدمج إبداع شكسبير مع خيالهم الرائع ورسموا لوحات غاية في الجمال، صوروا من خلالها مشاهد من المسرحية بدقة متناهية:

  • رسم الفنان جوزيف رايت (Joseph Wright) عام 1790 لوحة صورت مشهد القبر من المسرحية حين يلتقي العاشقان وتنتهي بمأساة موتهما، أبرزت اللوحة مهارة رايت في تصوير المشاهد بدقة وحرفية مع نقل التفاصيل الدقيقة وعرضت في المعهد البريطاني ديربي عام 1839.
  • قام الفنان فرانك برنارد ديكسي (Francis Bernard Dicksee) عام 1884 برسم لوحة (القبلة المسروقة) والتي وصفت أنها أكثر اللوحات رومنسية في بريطانيا، قام برسمها بالألوان الزيتية وتظهر العاشقان يتبادلان القبل بعد زفافهما السري.
  • قدم الفنان التشكيلي الإسباني سلفادور دالي (Salvador Dali) عام 1975 عشرة من الرسومات التوضيحية والتي استوحاها من المسرحية وشرح من خلالها قصة العاشقان.

كما كانت مصدر إلهامٍ للعديد من النحاتين الذين أبدعوا في منحوتاتهم، وعرضت في المتاحف العالمية والساحات العامة:

  • صمم النحات الفرنسي الشهير جان لويس غريغور (Jean-Louis Gregoire) بين عامي (1840-1890) مجموعة من التماثيل البرونزية بدقة متناهية.
  • كما توجد منحوتة برونزية أمام مسرح ديلاكورت في نيويورك، نحتها الأمريكي ميلتون هيبلد (Milton Hebald) عام 1977.
  • وقدم النحات الروسي أوغست رودين (Auguste Rodin) عام 1917 منحوتة من الرخام الأبيض، والموجودة حالياً في سان بطرس بيرغ، روسيا.

ختاماً.. تشغل المسرحية حيزاً مهماً في عالم الأدب وما زالت العروض مستمرة في تقديمها للأجيال اللاحقة، قدم لنا شكسبير في مسرحيته رمزاً للوفاء والحب جسّده العاشقان روميو وجولييت، وعلى الرغم من الصراع الأزلي بين العائلتين تفوق العاشقان على ذلك وحققا السلم ولكن بموتهما.

اشترك في قناة رائج على واتس آب لمتعة الترفيه