;

صنعوا التاريخ: أسرار عائلة الرحباني وحكايات لم يعرفها أحد كُشفت مؤخراً

  • تاريخ النشر: الأحد، 09 فبراير 2020
صنعوا التاريخ: أسرار عائلة الرحباني وحكايات لم يعرفها أحد كُشفت مؤخراً

ما في نجاح دايم أنا بعرف هالقصة وكل اللى متلي بيعرفوا هالقصة، العيون قاسية والناس ومحبة الناس مثل رف السنونو بيكونوا هون وفجأة بيروحوا، كلمات صاغها الأخوين الرحباني خلال مسرحية ناس من ورق على لسان البطلة ماريا في حوار خالد جمعها مع شكور، لكن تاج النجاح لم يفارق جبين عاصي الرحباني حتى بعد وفاته، تعرفوا على قصة عائلة صنعت التاريخ وكيف تغيرت حياتهم اليوم.

أرض الإنسان بيته كلمات بسيطة لخص بها عاصي الرحباني نشأته بين الكروم والناس الطيبين مما كان له أثر بالغ في شخصيته البسيطة وموسيقاه الطاغية، التحق بجوقة الكنيسة في سن صغيرة حين لاحظ الأب موهبة عاصي وبدأ في تعليمه أصول الموسيقى.

عفريت الموسيقى تسلل إلى روح عاصي الرحباني وانتقل معه إلى المنزل حيث تأثر به شقيقاه منصور وإلياس الرحباني، إلياس كان الأصغر ففارق العمر بين إلياس وعاصي 14 عاماً كاملة.
الارتباط بالأرض وموسيقى الكنيسة بجانب عشق غير عادي للتراث اللبناني كلها أمور صنعت ألحان عاصي الرحباني، وتحدث عن هذا العشق أكثر من مرة مؤكداً محاولته البناء على الفلكلور اللبناني وإضافة ملامح عالمية له، فالفلكور في نظره هو حديث وغناء الشعب والإبداع أن تُضيف له من روحه دون أن تغير ملامحه الأصيلة.

موسيقى عاصي ومنصور الرحباني جاءت في وقت صعب حيث كانت الموسيقى المصرية مسيطرة على الساحة، وقتها طرق الأخوان أبواب الإذاعة اللبنانية لإضافة روح جديدة للموسيقى اللبنانية وترك أثر تاريخي بها.
لقاء فيروز وعاصي الرحباني
لا بأس بصوتها كلمات صماء وصف بها عاصي الرحباني صوت الفتاة المراهقة فيروز في عام 1951 لكن في قلبه كان لصوتها وقع عظيم حيث اعتقد أن هذه الفتاة يمكنها أن تصبح مغنية رائعة في حين اعتبر منصور الرحباني أن صوت فيروز لا يصلح للغناء الراقص!

قرر عاصي تدريب فيروز وهنا اختلطت الموسيقى بالحب، حيث تعلمت فيروز الغناء وتزوجت من عاصي الرحباني في يناير كانون الثاني من عام 1955، لينتج عن هذا الزواج أجمل ثنائي في الموسيقى العربية.
أولى أغاني فيروز مع عاصي كانت غروب جاءت بعدها العديد من الأغاني العبقرية، لكن التنقل بين دور الأستاذ والعاشق والزوج كان صعباً للغاية وكلف هذا الثنائي الكثير من الأشياء.
الديكتاتور عاصي 
الكثير من الروايات عن شخصية عاصي الرحباني الحادة المهووسة بالكمال خاصة عندما يتعلق الأمر بالموسيقى، تحكي فيروز أن عاصي كان شغوفاً بالموسيقى فهو يعمل على مدار الساعة دون تعب وعندما يفكر بشيء يقوم بتجربته على الفور ويطلب من فيروز إعادة الأغنية عدة مرات حتى يحصل على نسخة يرضى عنها تماماً.
ديكتاتور كان له سلطة رهيبة، ويخافوا منه كتير، من قسوته، هكذا وصفت فيروز عاصي في الكواليس وأضافت أنها كانت تخاف منه أحيانا خاصة قبل الصعود على المسرح، فهو صاحب الفكرة وطريقة التنفيذ كان يستمع لكل الآراء لكن في النهاية سينفذ ما يراه!
هذا لم يكن رأي فيروز وحدها، فكل من تعامل مع عاصي الرحباني أكد أنه لا يمل من الإعادة والبحث حتى يصل إلى اللحن الأجمل والأداء الأكمل وفقاً لما وصفه الشاعر جوزف أبي ضاهر.
قسوة عاصي الرحباني على فيروز شهدها الجميع خاصة وأن فيروز صاحبة المزاج المتقلب إلا أن صبر فيروز وإيمانها الكامل بموهبة وعقل عاصي كانت سبب كافي لإنهاء المشاكل العنيفة التي وقعت بينهما حتى أن فيروز أكدت أن غناء أعمال عاصي على المسرح كانت تحوله من ديكتاتور قاسي إلى عاشق!
الموت بأكثر من شكل
الكثير من الشائعات حاصرت زواج عاصي وفيروز بجانب عدد من خلافات المالية وعلاقة غير مستقرة جمعت بين فيروز وعائلة عاصي وهو ما اتضح بعد وفاة عاصي.
أغرب تلك الشائعات استيلاء عاصي على أموال فيروز ولعب القمار وحالة الانهيار العصبي التي أصابت فيروز بعد هذا الحادث، القصة بالكامل كانت مجرد شائعة ومسار سخرية من فيروز وعاصي.

الحقيقة الثابتة أن هناك انفصال وخلاف وقع بين عاصي وفيروز في السنوات الأخيرة من حياته إلا أن الأزمة الصحية التي ألمت بعاصي الرحباني عام 1972 كانت أكبر من أي خلاف وقتها اكتشف الأطباء أن حجم دماغ عاصي الرحباني أكبر من غيره من المرضى وهي حالة نادرة جداً وكانت المعجزة تعافي الرحباني الكبير وعودته إلى العمل وعلى الرغم من القطيعة وتقديم فيروز حفلات وحدها بعيدا عن الأخوين الرحباني إلا أن قصيدة حب جمعت بين فيروز وعاصي مرة أخرى خلال فتتاح مهرجانات بعلبك وظهرت لمساته واضحة.

صحة عاصي لم تتحسن كثيراً فبعد عام ونصف من هذا الحادث دخل في غيبوبة دامت لفترة طويلة كان يستيقظ منها بشكل نادر و متقطع حتى رحل عن عالمنا وترك إرث العائلة الثقيل لمنصور الرحباني لتُخلد قصة العائلة في أغنية سألوني الناس التي تحدثت عن غياب عاصي وكانت من كلمات منصور والأروكسترا لإلياس الرحباني وأول لحن قدمه زياد لوالدته فيروز.

أجيال جديد من عائلة الرحباني

يخفت بعدها الوهج عن عائلة الرحباني فالضابط الذي استقال من عمله واشتغل بالفن برفقة شقيقه الأكبر، افتقد إلى لمسة عاصي السحرية وقدم من بعده عدد من المسرحيات التاريخية مثل ملوك الطوائف وزنوبيا وعلى الرغم مما حققته هذه المسرحيات من نجاح إلى أن الجمهور ظل يبحث عن عاصي!
ريما ابنة عاصي الرحباني كشفت عن عدة جوانب من خلافات فيروز مع العائلة وأكدت على إبعاد والدتها لتحقيق أهداف لا تُدركها، خلافات فيروز مع عائلة الرحباني وصلت إلى المحاكم حيث تجنبت فيروز بسبب هذه الأزمة تقديم أغاني شارك فيها منصور الرحباني بأي شكل.

ليزداد الصخب حول طبيعة العلاقات بين الرحابنة  بسبب خلاف زياد مع شقيقته التي أتهمها أكثر من مرة بسوء إدارة شوؤن والدته فيروز واستغلال اسمها، إلا أن الخلاف امتد وأصبح بين زياد ووالدته فيروز و انتهى إلى قطيعة استمرت عامين كاملين، خلال هذه الفترة حاول أكثر من وسيط حل الموقف دون جدوى حيث تمسكت فيروز بعدم الرد على مكالمات زياد إلا أن زياد أنهى الخلاف من خلال مكالمة هاتفية أجراها بنفسه على طريقة والدته، لتحرص فيروز بعد ذلك بفترة على حل الخلاف بين زياد وريما.
حياة زياد الرحباني مرت بالعديد من التقلبات أبرزها مشكلة نسب ابنه عاصي من زوجته دلال كرم حيث أثبت فحص الـDNA أن عاصي زياد الرحباني لا ينتمي إلى الرحابنة ولبس ابناً لزياد، وذلك بعد تصريحات جدلية أطلقتها زوجته السابقة.

هدأت العاصفة وعاد التعاون بين زياد وفيروز في أغنية كيفك أنت حيث عرضها زياد على والدته وظلت تفكر بها 4 سنوات كاملة وترددت حول جملة في الأغنية وهي كيفك إنت ملّا إنت والتي تسببت في نقد كبير لفيروز وابنها على الرغم من نجاح الأغنية.
التعاون بين فيروز وزياد أحدث تغييرات كبيرة في طريقة غناء فيروز حيث أصبحت أغانيها أكثر تطور وحيوية في نظر البعض في حين يعتقد عشاق فيروز الأصليين أنها تخلت عما يميزها وما حافظت عليه لفترة قصيرة بعد وفاة عاصي الرحباني من خلال أغاني حاولت تقديمها مع رياض السنباطي.

على الجانب الآخر من حياة زياد الرحباني نجد أسامة ابن منصور الرحباني الذي عمل بالموسيقى وارتبط اسمه بدرجة كبيرة بالمغنية الشابة هبة طوجي وحاول معها تقديم عدد من مسرحيات والده منها صيف 840 وملوك الطوائف بالتعاون مع شقيقاه غدى ومروان الرحباني، لكن الكثير من علامات الاستفهام أحاطت علاقة أسامة وهبة خاصة مع تمسكه الشديد بالعمل معها على الرغم من وجود مواهب أفضل منها بكثير.
رحلة طويلة جمعت بين عدد كبير من أفراد عائلة الرحباني والتي قُدر لها أن تصنع تاريخ من الفن بدايته كانت باسم عاصي الرحباني دون أن يعلم أحد نهاية لهذه الرحلة ليتحول أبطالها  من عائلة الرحباني إلى ناس من ورق وتبقى موسيقاهم.