;

أحداث ثورة أكتوبر الروسية 1917 (الثورة البلشفية)

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 06 فبراير 2022
أحداث ثورة أكتوبر الروسية 1917 (الثورة البلشفية)

شكلت الثورة الاشتراكية نقلةً نوعيةً في تاريخ روسيا، حيث نقلت روسيا إلى دولة جمهورية اشتراكية شكلت نواةً للاتحاد السوفيتي الذي استمر حتى عام 1991، حيث كان تفككه (أي الاتحاد السوفيتي) نهايةً للحرب الباردة التي استمرت لعقود.

إذ كان الاتحاد السوفيتي زعيماً للمعسكر الشرقي في حين كانت الولايات المتحدة الأمريكية زعيمةً للمعسكر الغربي.. المزيد عن ثورة أكتوبر عام 1917 وخلفياتها نتابع تفاصيلها في هذه المقالة.

خلفية ثورة أكتوبر البلشفية

شاركت روسيا في الحرب العالمية الأولى التي بدأت في عام 1914 إلى جانب دول التفاهم (فرنسا، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية) ضد دول تكتل الوسط (ألمانيا، الإمبراطورية الهنغارية النمساوية، السلطنة العثمانية).

وخلال الحرب غزت ألمانيا روسيا مما أدى إلى مقتل الآلاف إضافةً لتدهور الوضع الاقتصادي، الأمر الذي أثار غضب الروس نتيجة إصرار القيصر على مواصلة الحرب رغم الخسارة.

فكان ذلك سبباً أساسياً لثورة فبراير التي حصلت في الثامن من شهر آذار/ مارس 1917 (الموافق للرابع والعشرين من شهر شباط/ فبراير في التقويم الشرقي الذي تعتمده روسيا) عندما خرج المتظاهرون الذين يطالبون بالخبز إلى الشوارع في بتروغراد (وتسمى الآن سانت بطرسبرغ).

وبدعم من حشود ضخمة من العمال الصناعيين المضربين اشتبك المتظاهرون مع الشرطة حيث رفضوا مغادرة الشوارع، وفي العاشر من شهر آذار/ مارس عام 1917 قام العمّال في جميع المصانع والمعامل في بتروغراد بالإضراب عن العمل.

وانتخبت عدة مصانع نواباً لجمعية العمال البتروغرادية (التي أنشأت لتنظيم الإضرابات العمالية في المدينة)، وفي الحادي عشر من شهر آذار/ مارس عام 1917 استدعى القيصر الروسي الجيش الموجود في بتروغراد لقمع المظاهرات مما أدى إلى اشتباكات مع المتظاهرين أسفرت عن مقتل عدد منهم لكنهم بقوا في الشوارع وبدأت قوات الجيش في التراجع.

وفي اليوم التالي (أي في الثاني عشر من شهر آذار/ مارس عام 1917) انتصرت الثورة بعد إعلان الجيش الروسي المتواجد في بتروغراد الوقوف إلى جانب المتظاهرين، فاضطرت الحكومة الإمبراطورية القيصرية للاستقالة.

وشكل مجلس الدوما حكومة مؤقتة برئاسة الكسندر لكيرنسكي، وفي اليوم الخامس عشر من شهر آذار/ مارس عام 1917 (الموافق للثاني من شهر آذار/ مارس في التقويم الشرقي الذي تعتمده روسيا) تخلى القيصر نيكولاس الثاني عن العرش لصالح شقيقه مايكل (من مواليد عام 1878 وتوفي في عام 1918) لكن مايكل رفض تولي العرش؛ بالتالي انتهت القيصرية وأصبحت روسيا تحت حكم الحكومة الروسية المؤقتة.

موقف الحكومة الروسية الجديدة من الحرب العالمية الأولى

عانت الحكومة الروسية الجديدة من الانشقاق الداخلي نتيجة الخلاف حول استمرار مشاركة روسيا في الحرب العالمية الأولى.

وفي النهاية أخذت الحكومة المؤقتة قرارها بالاستمرار في الحرب من خلال مذكرة دبلوماسية صدرت في الأول من شهر أيار/ مايو عام 1917.

أعرب من خلالها وزير الخارجية الروسي بافيل ميليوكوف عن رغبة الحكومة المؤقتة في مواصلة الحرب ضد القوى المركزية (ألمانيا الإمبراطورية الهنغارية النمساوية - الدولة العثمانية).

الأمر الذي أغضب الروس على اعتبار أن المشاركة في هذه الحرب كانت سبباً أساسياً للثورة ضد قيصر روسيا، وفي الفترة بين الأول والرابع من شهر أيار/ مايو عام 1917، تظاهر نحو مئة ألف شخص من العمال والجنود في موسكو ومدن أخرى ورفعوا شعارات ضد الاستمرار في الحرب.

التظاهرات الروسية في شهر تموز/يوليو

رفضت الحكومة الروسية المؤقتة مطالب مجالس العمال والفلاحين بإعطائهم صلاحيات اتخاذ القرارات المتعلقة بهم، كما رفضت توزيع الأراضي على الفلاحين والجند.

وعندما وصل فلاديمير لينين من المنفى في سويسرا في ربيع عام 1917 انضم إلى الحزب البلشفي في روسيا الذي كان يهدف إلى الإطاحة بالحكومة المؤقتة وإنشاء حكومة البروليتاريا (العمال).

وعندما رفضت الحكومة المؤقتة مطالب الفلاحين والجنود؛ أخذ الفلاحون الأرض بالقوة، كما قام الحزب البلشفي بحملة لتثقيف العمال والجنود وحثهم على الاستيلاء على السلطة والأرض بأنفسهم.

فتجددت المظاهرات في شهر تموز/ يوليو عام 1917 وطالب المتظاهرون باستلام الحزب البلشفي السلطة في روسيا، فقامت الحكومة المؤقتة بقمع المتظاهرين وتوقفت المظاهرات.

وفي السابع من شهر تموز/ يوليو أصدرت الحكومة الروسية قراراً باعتقال فلاديمير لينين ومحاكمته، وفي الثاني عشر من شهر تموز/ يوليو أصدرت الحكومة قراراً بإعدامه.

فقام العمال والجنود بتكثيف نشاطهم والعودة للتظاهر من جديد في الخامس عشر من شهر تموز/ يوليو عام 1917 وجددوا مطالبهم باستلام الحزب البلشفي للسلطة، فقامت الحكومة بقمع التظاهرات مما أدى إلى مقتل المئات من المتظاهرين.

عزل القائد العام للجيش الروسي

عزل رئيس الحكومة الروسية المؤقتة الكسندر كيرنسكي القائد العام للجيش الروسي آنذاك؛ اللواء لافار كورنيلوف في شهر آب/ أغسطس عام 1917 بتهمة تنظيم انقلاب ضده وقام بسجنه.

وذلك إثر كورنيلوف بنقل القوات الموالية للحكومة المؤقتة إلى بتروغراد لمواجهة خطر الراديكالية، وقيامه بفرض الأحكام العرفية لضبط الأمن في العاصمة الروسية موسكو، وقد أدى عزل القائد العام للجيش إلى قطع العلاقات بين الجيش الروسي والحكومة المؤقتة.

أحداث ثورة أكتوبر 1917

بدأت إضرابات عمالية في كل من شهري أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/ أكتوبر عام 1917، حيث شملت موسكو وبتروغراد، والمناجم في دونباس وعمال المعادن في جبال الأورا.

 كذلك عمال النفط في باكو وعمال النسيج في المنطقة الصناعية الوسطى، إضافة لعمال السكك الحديدية، وفي هذه الأشهر وحدها شارك أكثر من مليون عامل في الإضرابات.

فبحلول شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 1917 كان هناك أكثر من أربعة آلاف انتفاضة من الفلاحين ضد ملاك الأراضي.

وعندما أرسلت الحكومة المؤقتة قوات لمواجهة التمرد، قاومها المتظاهرون وأعلنوا عدم اعترافهم بالحكومة المؤقتة ولم ينفذوا أوامرها، وقاموا بتشكيل هيئة تمثيلية عنهم في شمال روسيا والمدن الواقعة على بحر البلطيق في غرب روسيا.

اللجنة المركزية للحزب البلشفي تُعلن التمرد

صوتت اللجنة المركزية للحزب البلشفي التي كان يترأسها فلاديمير لينين في الثالث والعشرين من شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 1917 بتأييد عشرة واعتراض اثنين على قرار القيام بانتفاضة مسلحة ضد الحكومة الروسية

ثم أنشأ الحزب البلشفي لجنة عسكرية ثورية داخل بتروغراد بقيادة رئيس السوفييت ليون تروتسكي، وضمت اللجنة العمال المسلحين والبحارة والجنود، وأكدت دعم حيادية حامية بتروغراد، كما خططت اللجنة بشكل منهجي للسيطرة على مواقع استراتيجية من العاصمة الروسية موسكو.

بداية ثورة أكتوبر

بدأ الحزب البلشفي الثورة ضد الحكومة الروسية المؤقتة في الخامس والعشرين من شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 1917 (الذي يوافق السابع من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر في التقويم الشرقي الذي تعتمده روسيا) في بتروغراد (سانت بطرسبرغ).

حيث استولى الثوار على مكاتب البريد والبرق، ومحطات السكك الحديدية، ومصرف الدولة، وتزامنت الثورة مع وصول أسطول من مشاة البحرية الذين أعلنوا ولاءهم للثورة والحزب البلشفي، وتمكن الثوار من الاستيلاء على المراكز الحكومية في بتروغراد التي انضمت حاميتها للثوار.

الحكومة الروسية المؤقتة عاجزة عن مواجهة التمرد

كانت الحكومة الروسية المؤقتة عاجزة عن مواجهة التمرد؛ لأن السكك الحديدية كانت خاضعة لسيطرة العمال والجنود الموالين للثوار لعدة أيام، مما جعل السفر بالسكك الحديدية من وإلى بتروغراد بالنسبة للمسؤولين الحكوميين المؤقتين أمراً مستحيلاً.

كما لم تتمكن الحكومة المؤقتة من العثور على أي مركبات صالحة للخدمة، وفي صباح اليوم التالي هرب رئيس الحكومة الروسية المؤقتة الكسندر كيرنسكي من بتروغراد.

لينين يعلن الإطاحة بالحكومة الروسية المؤقتة

بعد مغادرة رئيس الحكومة الروسية المؤقتة الكسندر كيرنسكي بتروغراد، أصدر فلاديمير لينين إعلاناً بعنوان "لمواطني روسيا" جاء فيه أن اللجنة الثورية العسكرية أطاحت بالحكومة المؤقتة، حيث تم إرسال الإعلان عبر برقية في جميع أنحاء روسيا.

السيطرة على قصر الشتاء

شن الثوار البلشفيون هجوماً على قصر الشتاء الذي كانت تتواجد فيه الحكومة المؤقتة التي هرب رئيسها كما ذكرنا في فقرة سابقة، حيث حاصر الثوار القصر وطالبوا الحكومة بالاستسلام وذلك في السادس والعشرين من شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 1917.

في هذه الأثناء احتل العمال والجنود الموالون للثورة آخر محطات التلغراف؛ مما قطع اتصالات الحكومة مع القوات العسكرية الموالية لهم خارج مدينة بتروغراد، فوافقت الحكومة المؤقتة على الاستسلام ودخل الثوار قصر الشتاء دون مقاومة.

البرلمان الروسي ينقل السلطة إلى الحزب البلشفي

كان مجلس الدوما الروسي يتألف من ستمئة وسبعين مندوباً منتخباً؛ ثلاثمئة منهم من الحزب البلشفي وما يقرب مئة من اليسار الاشتراكي الثوري الذين أيدوا أيضاً الإطاحة بحكومة الكسندر كرينسكي.

عندما أعلن الثوار سقوط قصر الشتاء اعتمد مجلس الدوما مرسوماً في السادس والعشرين من شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 1917 لنقل السلطة إلى السوفييت (العمال والجنود والفلاحين)، تضمن القرار تعيين فلاديمير لينين رئيساً للحكومة السوفيتية الجديدة.

الثورة المضادة لثورة أكتوبر

بدأت الثورة المضادة التي نظمها رئيس الحكومة المُقالة الكسندر كيرنسكي في التاسع والعشرين من شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 1917، حيث هاجم الثوار الموالون لكيرنسكي الحامية الروسية في ضواحي بتروغراد.

فأسفرت الاشتباكات عن مقتل ثمانية أشخاص من الثوار الموالين لكيرنسكي، ونتيجةً لذلك تخلى الموالون عنه.

ثورة أكتوبر تستمر والثوار يسيطرون على موسكو

سيطر الثوار بزعامة الحزب البلشفي على مدينة موسكو في الحادي والثلاثين من شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 1917، وفي الأول من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1917 وجه رئيس الحكومة الروسية الجديدة فلاديمير لينين نداءً إلى جميع المواطنين في روسيا لتأييد الحكومة الجديدة، التي أعلنت يوم السابع من شهر تشرين الثاني/ أكتوبر عيداً للثورة.

نتائج ثورة أكتوبر 1917 داخل روسيا وخارجها

نتائج الثورة على الداخل الروسي

  • بعد نجاح الثورة تم تأميم جميع الممتلكات الخاصة؛ الأراضي الزراعية والبنوك والمصانع.
  • كما تمت مصادرة الحسابات المصرفية الخاصة، وكذلك ممتلكات الكنيسة فأصبحت كلها ملكاً للدولة الروسية.
  • وحددت الحكومة الروسية ساعات العمل بثماني ساعات.
  •  كما وضعت حداً أدنى للأجور.

وفي السياسة الخارجية

  • وقعت الحكومة الروسية اتفاقية بريست ليتوفسك مع ألمانيا في عام 1918، بموجب تلك الاتفاقية خرجت روسيا من الحرب العالمية الأولى.
  • كما قامت الحكومة الروسية برفض تسديد الديون الخارجية التي كانت قد استدانتها روسيا القيصرية من الدول الغربية.

في الختام.. شكلت ثورة أكتوبر التي حصلت في شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 1917 أول ثورة شيوعية في العالم، وأدت إلى تشكيل أول حكومة شيوعية في روسيا، بالتالي أول دولة اشتراكية في تاريخ العالم.

بعدها أصبحت روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية السابقة؛ جزءاً لاحق من اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية (الاتحاد السوفيتي)، الذي حل في أواخر عام 1991.

اشترك في قناة رائج على واتس آب لمتعة الترفيه