;

ما هي حرب المئة عام؟

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 06 فبراير 2022
ما هي حرب المئة عام؟

لطالما شكلت الحروب إحدى الوسائل الأساسية لحل الخلافات والنزاعات، وعلى الرغم من أن الأسلحة التي كانت تستخدم قديمة وفعاليتها محدودة بالنظر إلى الأسلحة الحديثة إلا أن الحروب حصدت آلاف الضحايا، ومن هذه الحروب حرب المئة عام، التي انطبق على هذه الحرب المثل القائل: "من يضحك أخيراً يضحك كثيراً" حيث انتصرت القوات البريطانية في المعارك على فرنسا واحتلت جزءاً من أراضيها حتى الأعوام الأخيرة من الحرب حيث انتصر الفرنسيون المبادرة وحرروا كل أراضيهم المحتلة.

حرب المئة عام من أطول حروب التاريخ

حرب المئة عام هي الحرب التي اندلعت بين فرنسا وبريطانيا في العصور الوسطى بين القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين، ودامت الحرب مدة مئة وستة عشر عاماً سقط خلالها آلاف القتلى من الطرفين قبل أن تضع حرب المئة عام أوزارها معلنة انتهاء واحدة من أطول الحروب في التاريخ.

تسمية حرب المئة عام

أطلق للمرة الأولى اسم "حرب المئة عام" على الحرب التي اندلعت بين بريطانيا وفرنسا في العصور الوسطى، وذلك في القرن التاسع عشر حيث استخدمه المؤرخ الفرنسي فيليب كونتامين (Philippe Contamine) في كتابه (Chrysan the Desmichels) (كريسانث ديسميشلز) الذي نشر في عام 1823، وفي عام 1852 نشر أول كتاب حمل اسم حرب المئة عام (Guerre de Cent Ans) للكاتب الفرنسي ث. باشليه (Th. Bachelet)، كما تم تداول (Chrysan the Desmichels) المصطلح للمرة الأولى في الكتب الدراسية في عام 1839 حيث استخدمه الكاتب الفرنسي بورو (M. Boreau) في كتابه الذي حمل عنوان (تاريخ فرنسا للتعليم المدرسي) (L"Histoire de France à l"usage des classes).

أسباب حرب المئة عام

تعود حرب المئة عام إلى الأسباب التالية:

  • الكساد الكبير الذي ساد في العصور الوسطى.
  • استمرار الاقتتال بين عائلتي بلانتاجونت ((Plantagenets) البريطانية و كابيتنز (Capetians)) الفرنسية للسيطرة على مناطق غوين (المعروفة حالياً بمدينة بوردو).
  • الصراع على العرش في فرنسا في عام 1328 بعد وفاة الملك تشارلز الرابع، الابن الأخير للملك الفرنسي السابق فيليب الرابع، حيث لم يكن للملك المتوفي أبناء ذكور لوراثة عرش فرنسا، لكن كان له ابنة وزوجته حاملاً، حيث من المفترض إن أنجبت ذكراً أن يصبح الوريث، وعلى اعتبار أن الملك البريطاني هو ابن أخت الملك الفرنسي الراحل فكان يعتقد أن العرش من حقه لاسيما أن الملكة الفرنسية أنجبت طفلاً عاش أياماً معدودات.

أزمة العرش الفرنسي

بعد وفاة الملك الفرنسي فيليب الرابع في الأول من شهر شباط/ فبراير عام 1328، ووفاة ابنه الذي لم يعش لأكثر من أيام معدودات، طرحت خيارات لتولي العرش من بينها تنصيب ملك بريطانيا إدوارد الثالث (من سلالة بلانتاجانت) الذي تسلم العرش البريطاني في عام 1327 بعد وفاة والده الملك إدوارد الثاني، (إدوارد الثالث ابن أخ الملك الفرنسي شارل الرابع وهو ابن الأميرة إيزابيلا شقيقة الملك الفرنسي المتوفى فيليب الرابع)، وفيليب السادس بن شارل فالوا (من سلالة الكابيتيون).

لكن الفرنسيين رفضوا أن تحكمهم الملكة إيزابيلا وزوجها روجر مورتيمر بحجة تنصيب ابنهما إدوارد الثالث العرش، فتسلم العرش فيليب السادس في عام 1328، فرفض الملك البريطاني إدوارد الثالث تنصيب الملك فيليب السادس ملكاً لفرنسا وقرر استرداد العرش بالقوة.

العلاقات الفرنسية الاسكتلندية عشية حرب المئة عام

كانت اسكتلندا دولة مستقلة، لكن ملوك بريطانيا كانوا يبذلون جهدهم لبسط سيطرتهم على اسكتلندا، الأمر الذي دفع اسكتلندا للتحالف مع فرنسا من خلال معاهدة أبرمت بين الدولتين في عام 1295، وتجددت في عام 1326 تعهّدت بموجبه فرنسا بمساعدة الاسكتلنديين إذا قرروا غزو بريطانيا، كما تعهّد الاسكتلنديون دعم فرنسا إذا تعرضت للغزو من بريطانيا.

معركة سلايس المعركة الأولى في حرب المئة عام

أبحرت القوات البريطانية بزعامة الملك إدوارد الثالث في الثاني والعشرين من شهر حزيران/ يونيو عام 1340 نحو الشواطئ الفرنسية، ووصل إليها في اليوم التالي حيث تمكن من خداع الأسطول الفرنسي من خلال الانسحاب، ثم عاد في المساء وهاجم الأسطول الفرنسي ودمره فيما عرف باسم معركة سلايس (SLUIS).

معركة كريسي المعركة البرية الأولى بين البريطانيين والفرنسيين

أطلق الملك البريطاني إدوارد الثالث قواته في عمق الأراضي الفرنسية في شهر تموز/ يوليو عام 1346، ووصل إلى نهر السوم حيث كانت القوات الفرنسية بقيادة الملك فيليب السادس ترابط هناك وبدأت أول معركة برية بين القوات الفرنسية والبريطانية تمكن خلالها البريطانيون من الانتصار في هذه المعركة، فهرب الملك الفرنسي فيليب السادس من المعركة، وطلب من ملك اسكتلندا المساعدة من خلال مهاجمة الجيش الاسكتلندي الأراضي البريطانية لإشغال الجيش البريطاني بالدفاع عن أراضي.

لكن الجيش البريطاني تمكن من هزيمة ملك اسكتلندا ديفيد الثاني في معركة الصليب نيفيه وذلك في السابع عشر من شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 1346، وأُسر الملك الاسكتلندي وبالتالي تفرّغت بريطانيا للحرب في فرنسا.

فرنسا تخسر معركة كاليه أمام بريطانيا

استمرت القوات البريطانية في التقدم في الأراضي الفرنسية حتى وصلوا إلى مدينة كاليه الواقعة على القناة الإنجليزية حيث استولت عليها وذلك في عام 1347، الأمر الذي مكنها من حماية المناطق التي احتلتها في شمال فرنسا من محاولة القوات الفرنسية استردادها، (بقيت مدينة كاليه تحت الاحتلال البريطاني بعد انتهاء حرب المئة عام ولم يخرج منها البريطانيون إلا في عام 1558 بعد محاصرة فرنسا للبريطانيين هناك وإجبارهم على المغادرة وبالتالي عادت كاليه للسيادة الفرنسية).

فعقد الملك الفرنسي فيليب السادس هدنة مع البريطانيين تقوم على الاعتراف بالاحتلال البريطاني للمدن الفرنسية التي احتلوها، وفي عام 1350 توفي الملك الفرنسي وخلفه الملك جون الثاني الذي استمر في الحرب ضد بريطانيا.

القوات البريطانية تأسر الملك الفرنسي جون الثاني في معركة بواتييه

استمرت القوات البريطانية في التقدم داخل فرنسا، حيث قاد القوات البريطانية أمير ويلز الأمير إدوارد الابن الأكبر للملك البريطاني إدوارد الثالث (وكان يلقب الأمير إدوارد بالأمير الأسود لأنه استطاع التغلب على مرض الطاعون الذي انتشر في بريطانيا)، وتمكن الأمير إدوارد من هزيمة القوات الفرنسية في معركة بواتييه في عام 1356، وأسر الملك الفرنسي في هذه المعركة، فعين الأمير شارل ملكاً لفرنسا، فعاث العديد من النبلاء والمرتزقة الفرنسية فساداً، وعمّت الفوضى فرنسا، كما قام النبلاء بسلب الفلاحين أراضيهم بحجة الديون، واستمر في الحكم حتى عودة الملك جون الثاني من الأسر في عام 1360.

معاهدة بريتاني (Brétigny) (كاليه)

غزت القوات البريطانية فرنسا للمرة الثالثة في عام 1360، وهاجمت العاصمة الفرنسية باريس لكنها تراجعت نتيجة مقاومة الفرنسيين لهم، وهناك أصيبت القوات البريطانية بموجة برد أدت إلى وفاة ألف جندي بريطاني، فقرر الملك البريطاني إدوارد الثالث التفاوض مع الملك الفرنسي الأسير جون الثاني في مؤتمر بريتاني (Brétigny) ووقعت معاهدة معروفة باسم بريتاني (Brétigny) نسبة للمؤتمر الذي نتجت عنه، وتدعى أيضاً بمعاهدة كاليه نسبة للمدينة التي وقعت فيها المعاهدة وهي مدينة كاليه وذلك في الثامن من شهر أيار/ مايو عام 1360.

حيث تضمنت المعاهدة اعتراف فرنسا بسيطرة بريطانيا على مدينة آكيتاين إضافةً للمدن التي احتلتها من فرنسا، مقابل تخلي الملك البريطاني إدوارد الثالث عن مدن النورماندي، تورين، أنجو، ماين، وإعادتها لفرنسا، إضافةً لتخلي الملك البريطاني إدوارد الثالث عن حقه في عرش فرنسا، كما تضمنت المعاهدة أيضاً أن تدفع فرنسا لبريطانيا ثلاثة ملايين جنيه ذهبي، إضافةً لإطلاق سراح الملك الفرنسي جون الثاني مقابل احتجاز ولديه وشقيقه إضافة لسبعة وثلاثين أميراً، وأربعة من سكان باريس، واثنين من المواطنين من كل مدينة من المدن الرئيسية في فرنسا التسعة عشرة.

السلام الأول بين بريطانيا وفرنسا امتد تسع سنوات

بتوقيع معاهدة بريتاني في عام 1360، توقفت الحرب بين فرنسا وبريطانيا وحل السلام بين الدولتين حتى عام 1369، أي استمرت مرحلة السلام تسع سنوات، حيث أطلق الملك البريطاني سراح الملك الفرنسي جون الثاني الذي لم يُعمر طويلاً حيث توفي في عام 1669، وتولى عرش فرنسا من بعده الملك شارل الخامس.

وفي عام 1366 بدأت حرب أهلية في قشتالة (مقاطعة تابعة لإسبانيا)، وذلك بسبب الخلاف على العرش حيث تنافس كل من بيتر وأخيه غير الشقيق هنري، فوقفت فرنسا إلى جانب هنري، في حين طلب بيتر معونة بريطانيا، لكن بريطانيا لم تستجب لمطالب بيتر في البداية كي لا تخرق معاهدة بريتاني مع فرنسا، ولكن بعد خسارة بيتر الحرب مع أخيه هنري بدعم من الملك الفرنسي شارل الخامس الذي أرسل له اثني عشر ألف جندي فرنسي ليحاربوا معه، ذهب بيتر إلى منفاه في آكتين (التابعة لمدينة بوردو حالاً)، فقام ابن الملك البريطاني الأمير إدوارد بقيادة جيش كبير إلى قشتالة حيث تمكن من هزيمة هنري في معركة ناخيرا وإعادة بيتر إلى عرش قشتالة.

في المقابل اتفق بيتر والأمير إدوارد على أن تدفع قشتالة كلفة الحملة البريطانية لإعادة بيتر إلى السلطة، لكن بيتر لم يتمكن من الوفاء بوعده، كما أصيب الأمير إدوارد بالمرض ما دفعه للعودة إلى آكتين للعلاج، وتسديد الديون التي تراكمت عليه بسبب الحملة على قشتالة، حيث كان الحل الوحيد أمامه فرض الضرائب على الناس لإيفاء الديون؛ الأمر الذي أغضب الأهالي ومن بينهم أمراء جاكسون الذين امتنعوا عن دفع الضرائب، وأرسلوا إلى الملك الفرنسي شارل الخامس للوقوف إلى جانبهم في موضوع رفض دفع الضرائب، فقام الملك الفرنسي باستدعاء الأمير إدوارد للتباحث في هذه القضية فرد الأمير إدوارد بالتوجه إلى الملك الفرنسي محارباً على رأس جيش وهنا انتهت الهدنة، وعادت الحرب بين الدولتين.

عودة الحرب بين فرنسا وبريطانيا في عام 1369

عادت الحرب من جديد بين القوات الفرنسية والبريطانية في عام 1369، حيث قام الأمير إدوارد ابن الملك البريطاني إدوارد الثالث بغزو فرنسا بعد أن طلب ملكها شارل الخامس رؤيته بعد أن طلب أمراء جاكسون منه التدخل كي لا يدفعوا الضرائب التي فرضها الأمير إدوارد، فقرر الأمير إدوارد مهاجمة فرنسا عوضاً عن زيارتها، كما أعلن الملك البريطاني إدوارد الثالث أنه سيطالب بالعرش الفرنسي في تراجع عن بنود معاهدة بريتاني، رداً على ذلك أعلن الملك الفرنسي شارل الخامس مصادرة جميع الممتلكات البريطانية في فرنسا، وقبل نهاية عام 1369 كانت كل بوردو مشتعلة، لكنه خسر المعركة أمام الفرنسيين.

وفاة الملك البريطاني إدوارد الثالث ونظيره الفرنسي شارل الخامس

بعد تدهور حالته الصحية، عاد الأمير إدوارد إلى بريطانيا في شهر كانون الثاني/يناير عام 1371، وبقي فيها حتى وفاته في الثامن من شهر حزيران/ يونيو عام 1376، وفي العام التالي، أي في الحادي والعشرين من شهر حزيران/ يونيو عام 1377، خلفه في الحكم ريتشارد الثاني الذي كان طفلاً، فحكم بريطانيا مجلس وصاية ريثما يكبر الملك ويستلم مهامه، فقام الملك الفرنسي شارل الخامس باستغلال اضطراب الأوضاع في بريطانيا بعد وفاة نظيره الملك إدوارد الثالث، وقام باستعادة العديد من المناطق الفرنسية التي احتلتها بريطانيا، وفي عام 1380 توفي الملك الفرنسي شارل الخامس، وخلفه الملك شارل السادس.

في هذه الأثناء، واجه مجلس الوصاية في بريطانيا العديد من التحديات خلال فترة حكمه، منها ثورة الفلاحين في عام 1381 والحرب الأنجلو الاسكتلندية خلال عامي 1384 و 1385، كما قام بفرض الضرائب لسداد الديون التي ترتبت على حرب قشتالة؛ الأمر الذي جعل شعبية مجلس الأوصياء تتراجع في بريطانيا.

السلام الثاني بين فرنسا وبريطانيا امتد ستة وعشرون عاماً

فقدت الحرب البريطانية الفرنسية شعبيتها لدى الشارع البريطاني نتيجة فرض المزيد من الضرائب على المواطنين لتمويل هذه الحرب الطويلة الأمد، والتي كانت السبب الرئيسي لثورة الفلاحين، فقام الأمراء المناوئون للملك البريطاني بالضغط عليه من خلال مجلس اللوردات لإيقاف الحرب على فرنسا، وفعلاً بدأت المفاوضات مع الملك الفرنسي شارل السادس في خريف عام 138.

أسفرت هذه المفاوضات عن توقيع هدنة لولينفين (Leulinghen) في الثامن عشر من شهر حزيران/ يونيو عام 1389، أهم ما تضمنته وقف الحرب بين الدولتين لمدة ثلاث سنوات، وفي ذات العام عاد جون دوق لانكستر عم الملك ريتشارد الثاني من إسبانيا، وقام بالقضاء على المناوئين للملك، وبعد وفاة جون دوق لانكستر في عام 1399، قام الملك ريتشارد الثاني بمصادرة أملاك ابن عمه هنري بولينجبروك ونفاه إلى إسبانيا، فعاد هنري بولينجبروك إلى بريطانيا غازياً في نفس العام وقام بخلع الملك ريتشارد الثاني واعتقاله وتولى هو أي (هنري بولينجبروك) الحكم باسم هنري الرابع، وفي العام التالي توفي الملك السابق ريتشارد الثاني في السجن.

اسكتلندا تضرب الحدود البريطانية

تغيير الملك في بريطانيا، شكل فرصة لأمير ويلز لإعلان تمرده على الملك البريطاني هنري الرابع في عام 1400، واستمر التمرد خمسة عشر عاماً، انتهى في عام 1415 بعد أن تمكن أمير ويلز من الحصول على استقلال ذاتي لإمارته استمر لسنوات، كما قام بشن غارات على الحدود مع بريطانيا لكنها هزمت في معركة هوميلدون (Homildon) في عام 1402.

فرنسا في السلام الثاني

أُصيب الملك الفرنسي شارل السادس بالجنون، وبدأ الصراع على العرش يعود من جديد إلى فرنسا، حيث سعى كل من جون وشقيقه لويس أورليان -وهما ابنا عم الملك شارل السادس- للوصول إلى العرش، وبعد اغتيال لويس أورليان، انحصرت المعركة بين الملك الفرنسي شارل السادس وعائلته من جهة ومنافسه جون في عام 1410.

مطالب بريطانية تمهد لعودة الحرب بين بريطانيا وفرنسا

توفي الملك البريطاني هنري الرابع في عام 1413 وتولى العرش ابنه هنري الخامس الذي استغل الأوضاع المضطربة في فرنسا نتيجة جنون الملك والانقسام بين أفراد الأسرة الحاكمة للوصول إلى السلطة، وأرسل إلى الملك الفرنسي يطالبه بالتنازل عن عدد من المدن الفرنسية لصالح بريطانيا، كما طلب يد كاترين ابنة الملك الفرنسي الصغيرة، لكن الملك الفرنسي رفض مطالبه، فكانت هذه حجة كي يستعد الملك البريطاني هنري الخامس للحرب.

عودة الحرب بين بريطانيا وفرنسا

أبحر الملك الفرنسي هنري الخامس في شهر آب/ أغسطس عام 1415 نحو الأراضي الفرنسية، حيث حاصر مدينة هارفلور، وتمكن من احتلالها في الثاني والعشرين من شهر أيلول/ سبتمبر عام 1415، وتمكن من هزيمة الجيش الفرنسي، وأسر عدداً كبيراً من الجنود الفرنسيين، واصلت القوات البريطانية تقدمها حيث سيطرت على مدينة كاين في عام 1417، كما سيطرت على مدينة روان في التاسع عشر من شهر كانون الثاني/ يناير عام 1419، وبحلول عام 1420 كانت القوات البريطانية قد احتلت كامل النورماندي، وهنا لم يبقَ أمام الملك الفرنسي شارل السادس سوى توقيع معاهدة مع البريطانيين.

معاهدة تروا تحول فرنسا إلى دولة تابعة للدولة البريطانية

بعد الهزائم المتتالية التي لحقت بالجيش الفرنسي وافق الملك الفرنسي شارل السادس على توقيع معاهدة تروا مع الملك البريطاني هنري الخامس وذلك في عام 1420، حيث تزوج الملك البريطاني هنري الخامس من الأميرة كاترين ابنة الملك الفرنسي شارل السادس، وتضمنت المعاهدة أن يصبح الملك البريطاني هنري الخامس وريث عرش فرنسا، وفي نفس العام دخل الملك البريطاني هنري الخامس إلى العاصمة الفرنسية باريس، وبذلك أصبحت فرنسا تابعة لبريطانيا.

مقتل ولي عهد بريطانيا

عين الملك البريطاني هنري الخامس أخاه توماس قائداً للحملة البريطانية على فرنسا، وفي عام 1421 قاد توماس حملة ضد الفرنسيين المعارضين لحكمه وكانت النتيجة خسارته المعركة ومقتله، فعاد الملك البريطاني هنري الخامس إلى فرنسا وتقدم بقواته نحو مدينة دوفين، حيث بدأ الحصار في السادس من شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 1421، واستمر الحصار حتى الحادي عشر من شهر أيار/ مايو عام 1422 حيث تمكنوا من احتلالها، وفي الحادي والثلاثين من شهر آب/ أغسطس عام 1422 توفي الملك الفرنسي شارل السادس، وفي الحادي والعشرين من شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 1422 توفي الملك البريطاني هنري الخامس، تاركاً الحكم لابنه هنري الذي بلغ من العمر تسعة أشهر، وأصبح هنري السادس فحكم باسم مجلس أوصياء العرش.

الحرب البريطانية الفرنسية مستمرة

استمرت الحرب بين بريطانيا وفرنسا، حيث تمكنت القوات البريطانية من الانتصار على القوات الفرنسية في معركة فيرنوي في السابع عشر من شهر آب/ أغسطس عام 1424، كما انتصرت القوات البريطانية في معركة باودج على القوات الفرنسية، وهي ستكون آخر معركة ينتصر فيها البريطانيون على الفرنسيين.

فرنسا تستعيد زمام المبادرة وتحرر أراضيها المحتلة

في هذه الأثناء عين الفرنسيون شارل السابع ملكاً عليهم بالسر في عام 1422، وعندما علمت بريطانيا دخلت بجيوشها الأراضي الفرنسية وهزمت القوات الفرنسية في عدة معارك، لكنه في النهاية نصب ملكاً على فرنسا رسمياً في مدينة ريمس في شهر تموز/ يوليو عام 1429، وبعد هزائمهم المتتالية وقع البريطانيون معاهدة أراس في عام 1435، وفي عام 1444 تزوجت الأميرة مارجريت ابنة أخ ملك فرنسا من ملك إنجلترا هنري السادس و في عام 1449 اندلعت معركة جديدة بين القوات الفرنسية والبريطانية تمكنت من خلالها القوات الفرنسية من هزيمة القوات البريطانية وتحرير العديد من المدن الفرنسية من بينها مدينة روان من الاحتلال البريطاني.

وفي عام 1450 حررت فرنسا النورماندي، وفي الثلاثين من شهر حزيران/ يونيو عام 1452 حررت القوات الفرنسية مدينة جاسكوني وعاصمتها مدينة بوردو، ثم انتصر الفرنسيون على البريطانيين في معركة كاستيون في عام 1452 التي كانت آخر معركة في حرب المئة عام.

معاهدة تنهي حرباَ امتدت 100 عام بين فرنسا وبريطانيا

على الرغم من أن معركة كاستيون كانت آخر معركة بين القوات البريطانية والفرنسية، إلا أن حالة الحرب استمرت بين الدولتين حتى توقيع معاهدة بيكوغني (Picquigny) في عام 1475، التي أنهت حرب المئة عام رسمياً بين فرنسا وبريطانيا حيث تخلى الملك البريطاني عن المطالبة بالعرش الفرنسي.

في الختام، شكلت حرب المئة عام التي دامت مئة وستة عشر عاماً درساً للفرنسيين والبريطانيين الذين حاربوا بعضهم كل هذا الوقت من أجل عرش تخلى عنه البريطانيون في النهاية، ولاسيما أن هذه الحرب أودت بآلاف الضحايا، كما قضت على أجيال من الشباب على مدى قرن ونيّف من الزمن.

اشترك في قناة رائج على واتس آب لمتعة الترفيه