;

تطبيق إنستجرام.. حيث المثالية الفارغة

  • Qallwdallبواسطة: Qallwdall تاريخ النشر: الأربعاء، 10 مارس 2021
تطبيق إنستجرام.. حيث المثالية الفارغة

بيوم من الأيام، قررت المدونة «سكارليت ديكسون» أن تبدأ يومها بشيء جديد، واضعةً صورة لها على حسابها الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي «إنستجرام» أثناء تناولها وجبة الإفطار، واصفةً الصورة بالعبارة التالية:

«أفضل الأيام تبدأ بابتسامة إيجابية، بعض الكعكات المحلاة، وكم لا نهائي من الشاي». 

على عكس ما توقعت ديكسون، فلم تسر الأمور كما خططت لها، لربما فقط أرادت صاحبة الـ24 عاما أن تنشر الطاقة الإيجابية بين متابعيها، إلا أن ما حدث هو أن أحد المتابعين كان قد قرر أن يصطاد بالماء العكر، بأن وضع الصورة نفسها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، واصفًا المدونة الشابة بأنها تريد أن تخدع سائر البشر، حيث لا وجود لحياة مثالية لهذه الدرجة. والمثير أن منشور هذا الشاب قد جلب تفاعلا أضعاف ما جلبه المنشور الأصلي للفتاه، فماذا حدث؟

مثالية فارغة

«حسابي الشخصي على إنستجرام لا يعبر بشكل كلي عن حياتي اليومية».

سكارليت ديكسون، المدونة الشابة

حقيقة لا يمكن تجنُّب الحقيقة، فأي صورة ينشرها أي مستخدم لا يمكن أن تعّبر كليًا عن خط سير حياته، وهذا ما لم تنكره ديكسون، ولا يمكن أن ننكره أنا وأنت، لكن وفي ظل إحساسنا بأن «فيسبوك» مكان ممل، وأن «تويتر» ملجأ للبائسين، فالغريب أن «إنستجرام» يجعلك تشعر لا إراديا بأن الجميع يحظون بحياة مثالية، الجميع باستثنائك أنت.

في 2017، قامت الجمعية الملكية للصحة العامة بالمملكة المتحدة بإجراء استطلاع رأي لتحديد الأثر السلبي الذي ينتج عن بقاء الشباب من سن 14 لـ24 سنة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، بداية من تعرضهم لصعوبات في النوم، وصولا لشعورهم بالخوف من تفويت الفرص المعروف بالـFOMO.

أظهرت النتائج بأن الضرر العام الناتج عن المكوث أمام تطبيق «إنستجرام» هو الأكبر مقارنةً ببقية التطبيقات مثل فيسبوك، تويتر، يوتيوب وسنابشات. حسب ما توصل إليه «نيام مكديد»، المسؤول عن الاستطلاع، إذ وجد أن المشكلة الرئيسية هي أن استمرار تصفُّح إنستجرام دون مقدرة حقيقية على التفاعل مع الصور والمقاطع التي يتم تصفحها ينتج شعورا سيئًا لصاحبها، فمن المفترض أن التطبيق يتيح لك مشاركة الآخرين حياتهم الشخصية اليومية، في حين أن ما تراه هو الجانب المثالي من حياتهم تلك، ما يخلق شعورا داخليا بأنك لست على ما يرام.

«بعض الأشخاص يمكنهم مثلا تصفح قائمة طويلة من المنشورات عن السيارات الفارهة، في حين لا يستطيعون أن يمتلكوا واحدة».

-نيام مكديد

سياسة جذب التفاعل

مع ظهور من يعرفون بمحترفي الإنستجرام، وهم مجموعة كبيرة من البشر تسعى للتربّح ماديا من حساباتهم الشخصية عن طريق الإعلانات والرعاية، بات طبيعيا أن يتم غزو التطبيق بملايين الصور التي تبدو ظاهريا مثالية، لأن جذب التفاعل مرهون بإظهار الشخص نفسه كصاحب تجارب شيقة؛ لكن هذا ليس كل شيء.

الطبيعي أن يقتصر دور تطبيق التواصل الاجتماعي على مشاركة الأصدقاء أو المعارف بعضهم البعض عديد الأشياء بداية من الأفكار، الحياة اليومية وحتى المناسبات الخاصة، لكن في 2012 وتحديدا بعد شراء شركة فيسبوك تطبيق إنستجرام، تم تعديل لوغاريتمات البحث الخاصة بتطبيق الصور بحيث تظهر المنشورات التي جذبت أكبر كم من التفاعل أولا، ما يعني أن أي شخص وبمجرد فتحه للتطبيق سيصطدم مبدئيًا بصورة أو مقطع يشعره بأنه الوحيد الذي لا يجذب انتباه الآخرين، على عكس صاحب المنشور.

بنفس الصدد، أضحى موقع إنستجرام ما هو إلا مكان كبير يضم ملايين البشر الذين يريدون التسابق، فأصبح المحترفون السالف ذكرهم يسعون لأن يظلوا بالواجهة عبر شراء المتابعين، التفاعل، وكل شيء بغض النظر عن محتواهم الحقيقي ومدى إفادته لنفس المتابعين. لتستمر معاناة المستخدم العادي كما هي، ويستمر شعوره بأنه ليس محط الأنظار يؤرقه.

لأننا نخاف

حتى مع اعترافنا بكون مثالية «إنستجرام» فارغة ولا تعبر عن الحقيقة، إلا أن مطالبة أي إنسان بأن يبتعد عن التطبيق تماما تبدو في الأغلب مستحيلة، لأن متلازمة الخوف من تفويت الفرص بالفعل قد وجدت طريقا داخل كل مستخدمي الهواتف المحمولة الذكية تقريبا.

الحل المنطقي ربما أن يتم تأطير استخدام أي تطبيق ذكي، لأن الحيلة ليست في كون إنستجرام يظهر الحياة مثالية أكثر من اللازم، لكنها سياسة إظهار المنشورات المتبعة من إدارة التطبيق التي تجعل المستخدم أمام كم لانهائي من المؤثرات التي قد تنتهي به لأن يعتقد بأن المشكلة في حياته هو وليس العكس.

اشترك في قناة رائج على واتس آب لمتعة الترفيه