;

أحمد زكي.. يتيم الفن الذي تخلت عنه والدته

  • Qallwdallبواسطة: Qallwdall تاريخ النشر: الخميس، 19 نوفمبر 2020
أحمد زكي.. يتيم الفن الذي تخلت عنه والدته

النمر الأسود، الإمبراطور، معالي الوزير، هي بعض من أشهر الأعمال والألقاب التي تطلق على يتيم الفن أحمد زكي، والذي رغم قلة عدد أعماله ووفاته المبكرة مقارنة بأبناء جيله، إلا أنه صار من أساطير الفن المصري والعربي على مر التاريخ.

نشأة أحمد زكي

ولد أحمد زكي في الـ18 من نوفمبر لعام 1949 في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، حيث عانى طفولة قاسية ذاق فيها مرارة اليتم منذ أشهر عمره الأولى، إذ اضطر إلى الانتقال للعيش بمنزل جده بعد رحيل والده وزوج والدته، ليشكل ذلك جانبا حزينا من وجدان الفنان اليتيم.

لم ينعم أحمد زكي بدفء أحضان والدته إلا أشهرا قليلة، حيث يحكي أنها تخلت عنه لأعوام طويلة، لدرجة أنه رآها لأول مرة عندما كان يتجاوز الـ7 من عمره، حينها ذهبت وقبلته ورحلت ليبقى وحيدا على مدار سنوات الطفولة والمراهقة، قبل أن يجد ملاذه في الفن.

يشير زكي إلى أن براعته الفنية ترتبط بدرجة كبيرة بالمسرح المدرسي، الذي حفزه على الإبداع منذ الصغر، ليلتحق فيما بعد بالمعهد العالي للفنون المسرحية، ويتخرج من قسم التمثيل والإخراج في عام 1973 بجدارة واستحقاق بعد أن حصل على تقدير امتياز.

أفلام أحمد زكي

على الرغم من أن أحمد زكي لم يقدم إلا نحو 64 فيلما، وهو العدد غير الضخم مقارنة بالكثير من النجوم الذين تتخطي أعمالهم السينمائية حاجز الـ100 والـ200 فيلم، إلا أنه استطاع بصدق مشاعره وموهبته المتفجرة أن يصبح أحد أفضل فناني الوطن العربي وأكثرهم قربا من قلوب الجماهير.

كانت بداية زكي من خلال دور بسيط في مسرحية هاللو شلبي، تبعتها أدوار صغيرة في أفلام «ولدي» و«شلة المشاغبين» و«أبناء الصمت»، قبل أن يحصل على فرصته الذهبية في عام 1978 من خلال فيلم شفيقة ومتولي، حيث قدم حينها دور البطولة أمام السندريلا سعاد حسني.

بدأت شعبية أحمد زكي في التزايد مع بداية الثمانينيات، حيث قدم أفلاما شهيرة مثل «الباطنية» و«أنا لا أكذب ولكني أتجمل» و» الليلة الموعودة» و«الراقصة والطبال»، قبل أن يقدم في عام 1984 القصة الحقيقية للملاكم المصري الذي صعد إلى سلم المجد عبر بوابة ألمانيا محمد حسن، من خلال فيلم «النمر الأسود».

تبعت تلك السلسة من الأفلام الناجحة بعض الأعمال ذات الطابع السياسي، حيث قدم دور المجند الساذج في فيلم «البريء» في سنة 1986، قبل عامين من القيام بدور شديد الاختلاف في فيلم «زوجة رجل مهم» الذي قدم فيه شخصية الضابط المتسلط، إلى جانب أدوار البطولة في أفلام جماهيرية مثل «البيه البواب» و«4 في مهمة رسمية».

تطور زكي فنيا بشهادة الكثيرين في مرحلة التسعينيات، التي قدم خلالها أفلاما شهيرة مثل «الهروب» و«البيضة والحجر» و«ضد الحكومة» وكذلك «مستر كاراتيه» و«سواق الهانم»، قبل أن يتجه لأدوار السيرة الذاتية من خلال أفلام «ناصر 56» و«أيام السادات».

قدم زكي أيضا أدوار البطولة في أفلام نالت الجوائز والتكريمات مثل «اضحك الصورة تطلع حلوة» و«أرض الخوف» و«معالي الوزير»، فيما يعتبر فيلم «حليم» هو آخر الأعمال السينمائية للنجم أحمد زكي، حيث استكمله نجله هيثم لظروف مرض والده، لتسدل به الستار على آخر إبداعات زكي.

مواقف أحمد زكي

لم يتزوج أحمد زكي إلا مرة واحدة في حياته، من الفنانة الراحلة هالة فؤاد، وهي النجمة التي توفيت مبكرا في عمر الـ35، لتترك له ابنهما هيثم الذي شاءت الظروف أن يرحل عن الدنيا في نفس العمر الذي لم يتجاوز الـ35 سنة.

يحكي زكي أن قرار انفصاله عن زوجته كان لا يتسم بالعقلانية الكافية، حيث ندم كثيرا على فراقها، فيما ظل يتنقل بين الفنادق لسنوات مفضلا عدم السكن في منازل تقليدية على مدار حياته.

كذلك يشير زكي إلى أنه كان يتابع كرة القدم، حيث كان مشجعا للنادي الأهلي رغم حبه لنادي الزمالك وبقية الأندية المصرية، إلا أنه قرر التوقف عن متابعة الساحرة المستديرة بعد أن حزن كثيرا على عدم صعود مصر إلى كأس العالم لأكثر من مرة متتالية.

ومن بين أطرف المواقف وأكثرها إلهاما والتي حكى عنها زكي، كانت تلك المرة خلال عرض فيلم «زوجة رجل مهم» في مهرجان موسكو، حيث فوجئ الفتى الأسمر بتوجه رئيس لجنة التحكيم النجم العالمي روبرت دي نيرو لإلقاء التحية عليه والثناء على الدور الرائع الذي قدمه في الفيلم، معتذرا عن عدم حصوله على جائزة أفضل ممثل التي كان يستحقها، ما أثار دهشة وسعادة زكي الذي لم يصدق عينيه حينها.

وفاة أحمد زكي

عانى أحمد زكي الذي كان تجاوز عامه الـ50 بسنوات قليلة، من مرض سرطان الرئة، الذي يبدو وأنه نتج عن عادة التدخين التي واظب عليها الفنان لسنوات طويلة، حتى أنهكته، حيث فقد القدرة على التنفس بصورة طبيعية فيما أثر المرض على الكبد لديه، الأمر الذي منعه من استكمال مشاهده في فيلم حليم، بعد أن صار طريح الفراش.

سافر زكي للعلاج في فرنسا، إلا أن هذه الرحلة العلاجية كانت قد تأخرت كثيرا بعد أن انتشر الورم السرطاني في جسده، حيث ظل يعاني الألم والوحدة حتى فاضت روحه إلى بارئها في الـ27 من مارس لعام 2005، عن عمر يقترب من الـ56، ليرحل فتى الشاشة الأسمر بعد أن ترك بصمة فنية تملكت قلوب عشاقه ليبقى في ذاكرتهم طوال العمر.