;

مصطلح كيد النساء، قصصه ومعناه

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 06 فبراير 2022
مصطلح كيد النساء، قصصه ومعناه

هنالك الكثير مما قد لا تعرفه عن معنى وتفسير الآية القرآنية، فلا يمكن أن يكون المقصود بها هو الإساءة لجميع نساء الأرض، كما أنه من الضروري معرفة المعنى التفصيلي لهذه الآية.

سنتعرف في هذا المقال على أصل كلمة "الكيد" ومعناها، بالإضافة إلى تفسير الآية الكريمة وتوضيح المقصود بها، كما سنستعرض أهم القصص المتوارثة عن كيد النساء وخبثهنّ.

ما معنى كلمة كيد في اللغة العربية؟

تختلف معاني الكلمات في اللغة العربية عن المعاني المستخدمة في سياق الحديث الشعبي بين الناس البسطاء (كل من ليس بخبير في اللغة العربية).

فإن كلمة "كيد" تعني الرغبة بالتسبب بضرر ما لأحد، وعندما تكون صفة لأحد الأشخاص فإنها تعني الحيلة السيئة، أما عندما تكون صفة للذات الإلهية فعندها يقصد بها مجاراة أعمال الخلق.

سياقات مختلفة لكلمة "الكيد"

كما جرت العادة في اللغة العربية بشكل خاص فإن أي كلمة عربية تملك العديد من المعاني وتختلف هذه المعاني باختلاف سياقها في الجملة المستخدمة، سنتعرف فيما يلي على أهم السياقات التي تأتي بها كلمة "الكيد":

  • حارب فلم يلق كيداً: لم يقاتل.
  • كاد له كيداً: قام بخداعه.
  • كاد لشريكه: احتال عليه.
  • كاد القوم: حاربهم.
  • كاد شيئاً ما: عالجه.

بين الدفاع عن الكيد كحق للنساء واستهجانه!

عندما يتعلق الأمر بالنساء لابد من وجود أكثر من وجهة نظر حول الموضوع، فما بالك إن كان الأمر متعلقاً بجدلية "كيد النساء" إذ يوجد أكثر من رأي بهذا الخصوص، فالبعض يعتقد أن النساء "مكيودات" ولهنَّ الحق في ذلك.

والبعض الآخر يعتقد أن الأمر مجرد ظلم فالنساء رقيقات لا يستطعن القيام بسوء وإن استطعن فهذا الأمر من الكبائر الواجب إيقافها عند حدها.

كيد النساء وسيلة الدفاع الوحيدة عن أنفسهنّ

عندما كانت المرأة مستضعفة لا تقوى على الدفاع عن نفسها - خاصة في البلاط الفرعوني الذي كانت العضلات الذكورية فيه رمزاً للقوة والاستبداد - كان لابد للنساء من إيجاد طريقة للدفاع عن أنفسهن وضمان حقوقهن من السلب والاغتصاب.

لذلك لجأت النساء في ذلك العصر إلى الحيل والمكائد للوصول إلى مآربهنّ وبالتالي ضمان حقوقهن في زمن كانت الكلمة الأولى والأخيرة فيه للعضلات.

ومن يدافع عن وجهة النظر هذه يعتقد أنه في العصر الحالي لم تعد النساء تعتمد على الكيد بل أصبحت متساوية مع الرجل في التخطيط والذكاء خاصة بعد المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء بمختلف مجالات الحياة.

احذروا النساء فإن كيدهنّ عظيم

إن كلمة كيد تعني المكر والخبث والحيلة أي أن كيد النساء يعني بشكل حرفي خبث ومكر النساء، تعد هذه الصفات مذمومة وسلبية؛ لأن المكر والخبث والخداع سوف يؤدي إلى تغيير وتحريف الحقيقة وقد يصل الأمر إلى إخفائها ونشر ما هو مفيد لتحقيق مصلحة الشخص الماكر والخبيث.

وللأسف لايزال الذكور يعتقدون حتى يومنا هذا أن النساء صاحبات كيد ولابد من إيقافهن عند حدهنّ، ذلك ما يسبب الكثير من الظلم للنساء خاصة في الوطن العربي، حيث أصبح العرب يحاربون نساءهم بحقوقهن بحجة كيد النساء.

مناسبة نزول آية "إن كيدكنّ عظيم" (سورة يوسف، آية 28)

إحدى أهم الفتن التي تعرض لها النبي يوسف كانت أثناء تواجده عند عزيز مصر، فعندما أمر عزيز مصر امرأته بأن تكرم مثوى النبي يوسف بدأت تنظر إلى يوسف بعين سيئة وبدأت محاولاتها لفتن وإغراء النبي يوسف.

وعلى الرغم من استعمالها للكثير من الطرق المراوغة والخادعة إلا أن يوسف لم يتنازل عن موقفه وما كان منه إلا الامتناع ورفض ما تريده منه امرأة عزيز مصر، عندها أنزل الله تعالى الآية التي تقول:

" فَلَمَّا رَأَىٰ قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ".

تفسيرات "إن كيدكنّ عظيم"

تناولت سورة يوسف إحدى أهم مراحل حياة النبي يوسف (عليه السلام) وهي مرحلة تعرضه للمكائد والمؤامرات بعد أن أعطاه الله الحكمة والعلم الكافي لكي يصبح مقصداً للحكمة في مصر القديمة، ولأن يوسف نبي الله ولأنه قابل هذه المؤامرات بأحسن خلق؛ نجَّاه الله منها.

تتعدد تفسيرات الآية وتختلف من مفسر إلى آخر ولايوجد في يومنا هذا تفسير ثابت يؤخذ به، فأحد التفسيرات يقول:

إن كيد النساء وصف أنه عظيم؛ لأن النساء يعتمدن عليه أكثر من الرجال، حيث أن القوة العضلية تتركز عند الرجال بشكل أكبر؛ ما جعل النساء يعتمدنّ على الحيل والمكائد للحصول على حقوقهنّ.

وفي تفسير آخر يرى البعض أن المكر دليل على الضعف وقد خصه الله تعالى للضعفاء، ففي قوله تعالى:

"إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا" (سورة النساء، آية 76) وقوله: "إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ" (سورة يوسف، آية 28) تأكيد على أن الكيد مخصوص للضعفاء الذين لا يقدرون على المواجهة الجسدية.

وفي قوله تعالى: " وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" (سورة الأنفال، آية 30) دليل على عدل الله، حيث أنه تعالى لا يواجه الماكرين إلا بمكرهم ليذيقهم منه، ولكن يبقى التفسير الأكثر منطقية أن الله تعالى لم يصف النساء بالكيد!.

نعم هذا صحيح ففي أحد التفسيرات يتم تسليط الضوء على أن الله تعالى لم يصف النساء بالكيد بل أنه نقل لنا عن لسان عزيز مصر ذلك القول، حيث أن عزيز مصر عندما علم بمكائد امرأته قال قوله:

"إن كيدكنّ عظيم" ونقل لنا هذا القول عن لسان عزيز مصر في القرآن الكريم؛ وذلك يعني أن الله لم يصف النساء بهذه الصفة السيئة وإنما أعلمنا بقول عزيز مصر عن نساء بلاطه بشكل عام وامرأته بشكل خاص.

أعمال تلفزيونية وسينمائية حول "كيد النساء"

بسبب دهاء وذكاء وكثرة المكائد التي تقوم بها النساء؛ درجت الأعمال التلفزيونية والسينمائية التي تصور كيد النساء، وأهم هذه الأعمال:

مسلسل كيد النسا

الجزء الأول

مسلسل مصري من إنتاج عام 2011م، إخراج: "أحمد صقر"، تدور أحداث هذا الجزء ضمن إطار كوميدي واجتماعي حول رجل ضعيف الشخصية - خاصةً أمام زوجته المتسلطة - مما يدفعه إلى الزواج بامرأة أخرى، ومن هنا تبدأ الأحداث والمشاحنات بين الزوجتين في بعض الأحيان، وبين الزوجتين والزوج في أحيان أخرى.

المسلسل من بطولة: "فيفي عبده، سمية الخشاب، أحمد بدير، أحمد صفوت، ميمي جمال، أحمد خليل، دينا فؤاد، بهاء ثروت، أحمد الدمرداش، رحاب الجمل".

الجزء الثاني

من إنتاج عام 2012م، إخراج: "أحمد البدري"، تدور أحداث المسلسل حول امرأتين تدبران الخدع والمكائد والأفخاخ للانتقام من بعضهما البعض ضمن إطار كوميدي مسلٍّ.

المسلسل من بطولة: "فيفي عبده، نبيلة عبيد، أحمد بدير، ميمي جمال، دينا فؤاد، بهاء ثروت، أحمد الدمرداش، رحاب الجمل، أحمد سلامة، نهلة زكي".

فيلم كيد النسا

فيلم مغربي من إنتاج عام 1999م للمخرجة "فريدة بنليزيد"، من بطولة "رشيد الوالي، سامية أقربو"، لاقى الفيلم رواجاً كبيراً في دور السينما، حيث استوحيت أحداث الفيلم من قصة شعبية تاريخية دارت في إحدى الفترات من تاريخ المغرب.

وتتناول قصة سلطان يسعى للنيل من إحدى الشابات الجميلات التي تسكن بجوار قصره، ليبدأ كل منهما بالتذاكي على الآخر فتتحول القصة إلى مسابقة في الذكاء بين الأمير والشابة.

قصص متداولة عن كيد النساء

هناك الكثير من القصص الشعبية المتداولة عن كيد النساء، ولا يوجد مصدر حقيقي لهذه القصص، ومن شبه المستحيل التأكد من صحتها، لكنها تبقى قصصاً معروفةً وشائعةً عن كيد النساء.

الرجل الذي خرج ليبحث عن معنى كيد النساء

كان هناك رجل خرج ليبحث عن معنى كيد النساء وماهيته، وأثناء ترحاله في الأراضي الواسعة صادف شابة جميلة بالقرب من أحد الأنهر تبدو عليها ملامح الذكاء وسرعة البديهة.

فعندما وصل إليها وألقى السلام سألها عن كيد النساء وعن إمكانية أن تشرح له معنى هذه الجملة، فنظرت إليه الشابة بمكر وبدأت بالبكاء والنحيب بأعلى صوت ممكن، عندها فزع الرجل من تصرف الفتاة وسألها عن سبب البكاء، فأجابته:

"لأن أهالي القرية سيأتون ويعتقدون أنك أذيتني فيقتلوك"، فدب الرعب في الرجل وقال لها: "لماذا تفعلين هذا؟!! فأنا لم أكن أريد إلا أن أعرف معنى كيد النساء، وأنتي فتاة تبدو عليك علامات الذكاء".

فابتسمت الفتاة وألقت بنفسها في النهر وخرجت منه بسرعة، عندها وصل أهل القرية خائفين غاضبين وسألوها عمّا حدث، أجابتهم بأنها كانت على وشك الغرق وأن ذلك الرجل قام بإنقاذها، فقام أهالي القرية بتكريم الرجل، وعندها علم الرجل معنى كيد النساء.

قصة أخرى عن كيد النساء

قام أحد الرجال بخيانة زوجته، حيث قام بالارتباط مع امرأة أخرى وطلب من زوجته ترك المنزل خلال 3 أيام، لم يكن باستطاعة المرأة القيام بشيء، فقامت بحزم أمتعتها ونقلها إلى غرفة صغيرة قامت باستئجارها.

وفي اليوم الأخير من المهلة المحددة قامت بتناول عشاء أخير في المنزل لكن قامت بإخفاء بقايا الطعام في قضبان الستائر، وعندما انتقل الزوج وامرأته الجديدة إلى المنزل لاحقاً لاحظا الرائحة السيئة والفاسدة في المنزل.

وبعد المحاولات الشديدة واليائسة لم يستطيعا معرفة مصدر الرائحة، عندها عرضت الزوجة السابقة شراء المنزل بأبخس الأسعار ولم يملك الزوج خياراً سوى القبول فلا أحد يريد منزلاً برائحة سيئة، واستطاعت الزوجة السابقة شراء المنزل وتنظيفه والعيش فيه بسعادة.

تعتبر هذه القصص الشعبية مضرباً للأمثال في الوطن العربي في هذا الموضوع، وكما ذكرنا سابقاً لا يوجد أي مصدر موثق لهذه القصص، إلا أنها لا تخلو على الإطلاق من العبرة وشرح فكرة كيد النساء التي قد يستهجنها البعض اليوم إلا أنها لا تدل إلا ذكاء النساء وسعة حيلتهن للتكيف مع الحياة في مجتمعات ما فتأت تنظر بدونية إلى المرأة ومع ذلك تطلق على النساء صفة "الجنس اللطيف".

في النهاية، لابد من أن مجريات الحياة اختلفت منذ قديم الأزمان حتى يومنا هذا، وطريقة التعامل مع النساء بالتأكيد اختلفت معها، فالمرأة اليوم هي نصف المجتمع وتستطيع القيام بكل ما يقوم به الرجل وأكثر.

حتى أن النساء اليوم يشاركن بالبطولات الرياضية والقتالية بالإضافة إلى الأعمال المختلفة التي يزاولنها جنباً إلى جنب مع الرجال، لذلك لابد من احترام المرأة وتكريمها ومساعدتها في كل ما تحتاج إليه، فبالنهاية المرأة هي من تمنحنا الحياة.