;

ماذا تعرف عن اللغة التي يتحدث بها أقل من 100 شخص؟

  • تاريخ النشر: الإثنين، 10 نوفمبر 2025 زمن القراءة: 3 دقائق قراءة آخر تحديث: الثلاثاء، 11 نوفمبر 2025
ماذا تعرف عن اللغة التي يتحدث بها أقل من 100 شخص؟

تشير دراساتُ متخصّصة إلى أنّ عدداً كبيراً من اللغات اليوم يُستخدم من قِبل أقلّ من مئةِ متكلّمٍ. فحسب معطياتٍ من منصّةِ “سوروصورُو” (Sorosoro)، ثَمّةُ ما يزيدُ على خمسمائة لغةٍ تُستخدمُ اليوم من قِبَلِ أقلّ من مئةِ متحدّثٍ. 

لغات يتحدث بها أقل من 100 شخص

  • لغةُ Boor التي تُستخدم في جمهوريّة تشاد، ويُقدّر أنّ عددَ ناطقيها أقلّ من مئةٍ. 
  • لغةُ Inagta Alabat في الفلبين، التي يتحدّثها أقلّ من عشرةِ أشخاصٍ في جزيرة “ألبات” ضمن مقاطعة كوينزون. 
  • لغةُ Piame في ولاية شرق سِبيك بمحافظة بابوا غينيا الجديدة، التي كانت تُستخدم في قريةٍ واحدةٍ ويُعتقد أنّ عدد ناطقيها كان “أقلّ من مئةٍ” عامَ 1988. 
  • لغة تاوشيرو (Taushiro) في بيرو، التي لم يبقَ منها سوى متحدّث واحد فقط.
  • لغة كايسانا (Kaixana) في البرازيل، التي يُقال إنّها تُستخدم من قِبَل شخصٍ واحدٍ يعيش في منطقة الأمازون.
  • لغة لاكوتا (Lakota) عند بعض قبائل السيو في أمريكا الشماليّة، التي يتناقص عدد متحدّثيها بسرعة.

لماذا تنهارُ هذه اللغات؟

أولى الأسباب هي القدرة المتناقصَة على الانتقالِ بين الأجيال. عندما لا يتعلّمُ الطفلُ اللغةَ الأمّ في المنزل أو في المدرسة، تتقلّص فرصُ استمرارها. وتشير البيانات إلى أن اللغةَ تحتاج إلى قاعدةٍ معيّنة من المتكلّمين والنشأةِ الاجتماعية لتبقى حيّة. 
ثانيًا، الهيمنةُ اللغويّة للغاتِ الكبرى – كـالإنجليزية أو الإسبانية – تُسرّع اندثارَ اللغات المحليّة. ثالثًا، العولمة ووسائلُ الإعلام تجعلُ المجتمعَ الأصغر يتبنّى لغةَ الأغلبية، رغبةً في الانخراط أو التعلُّم أو العمل، ما يُضعفُ مكانةَ لغته المحلّية.

ما الذي يفقده العالم بانقراض لغةٍ؟

حين تختفي لغةٌ ما، لا تختفي كلماتٌ ومفرداتٍ فحسب، بل تختفي معها أنظمةُ تفكيرٍ، وألوانُ تجربةٍ إنسانيةٍ محليّة. فعادةً ما تحمل هذه اللغات في طيّاتها معلوماتٍ عن البيئة والطبيعة والحيوانات والعادات التي تجذّرت في سياقٍ معيّن. على سبيل المثال، ذكر تقريرٌ إن لغاتِ بعض المجتمعات الأصلية تحتوي على وصفاتٍ معقّدة للنباتات أو العلاجات التقليدية تمثّل «مكتبةً بيئيةً» فريدة. 
علاوةً على ذلك، يُعدّ ضياعُ لغةٍ ضياعًا للهوية الثقافية والنفسية لمجتمعها. فلغةٌ كائنٌ حيٌّ يربط بين الماضي والحاضر، ويفرض إطارَه الخاصّ على الذاكرة الجماعية.

كيفية الحفاظ على اللغات المختلفة؟

  • تسجيلُ اللغات الصغرى وتوثيقها صوتًا وكتابة، قبل أن يرحلَ آخرُ متكلّمينَ عنها.
  • إدخالُ هذه اللغات في برامج التعليم المحليّ، أو على الأقلّ في حصصٍ تبقى حاضرة في مجتمعاتها.
  • استخدامُ التقنية الرقمية لإنشاء محتوى بلغاتٍ مهدّدةٍ — من تطبيقاتٍ أو مواقعٍ أو أرشيفاتٍ تخضع للترخيص الحرّ.
  • تشجيعُ المجتمعات على الفخر بلغتها الأمّ ورؤيتها ليس كعائقٍ أمام الاندماج، بل بوابة لطيفٍ فريدٍ من المعرفة.

اللغة والهويّة

لا تُعبّر اللغة عن الفكر فحسب، بل تصوغ الهويّة وتمنح الإنسان انتماءه الثقافيّ. فهي التي تُحدّد طريقة رؤيتنا للعالم، كما يرى عالم اللغويات الأمريكيّ "إدوارد سابير" (Edward Sapir)، الذي أكّد أنّ اللغة تُوجّه الفكر وتحدّد إدراك الواقع.
من هنا يصبح فقدان اللغة ليس مجرّد ضياع وسيلة تواصل، بل فقدان جزءٍ من الذات الجمعيّة. فحين تندثر لغة ما، تموت معها الأغاني والأساطير والأمثال والذاكرة الشعبيّة التي لا يمكن ترجمتها تماماً إلى لغة أخرى.

إنّ اللغات التي لا يتحدّث بها سوى أقلّ من مئةِ شخصٍ هي شهاداتٌ حيةٌ على تنوّع الإنسانيّة، وعلى ما يمكن أن يُفقدَ حين لا نوليها الاهتمامَ الكافي. إنّها ليست مسألة أعدادٍ فحسب، بل مسألةُ وجودٍ ثقافيّ. فإذا كان بمقدورِنا أن نرى اللغةَ أوسعَ من كونها وسيلةَ تواصلٍ، وأن ندركَ أنّها تراثٌ وابتكارٌ واستدامةٌ للتنوّع البشريّ، فإنّنا حينها نصغِّر تكلفةَ التوثيق أو الحفظ إلى حدٍّ لا يُذكر، ونُضخّ الحياةَ في لغةٍ تكاد تُضيء أخيراً بصوتٍ واحدٍ.

اشترك في قناة رائج على واتس آب لمتعة الترفيه