;

عصر التنوير، عصر الانفتاح الأوروبي

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 06 فبراير 2022
عصر التنوير، عصر الانفتاح الأوروبي

يطلق مصطلح عصر التنوير على فترة في العصر الحديث تتميز بالتنمية الفكرية والثقافية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وهي فترة للعديد من الاكتشافات والاختراعات، مثل اختراع المحرك البخاري، قانون الجاذبية الأرضية، وكذلك الثورات (إعلان استقلال الولايات المتحدة الأمريكية، الثورة الفرنسية، وما إلى ذلك).

ولا يوجد إجماع على بداية دقيقة لهذا العصر، وغالباً ما تستخدم في بداية القرن ال 18 (1701) أو في منتصف القرن ال 17 (1650)، وبالنسبة للمؤرخين الفرنسيين فقد اعتبر الأخوين لوميير قرن التنوير، بين عامي 1715 و 1789، من بداية عهد لويس الخامس عشر حتى قيام الثورة الفرنسية.

تميز عصر التنوير بوجود اتجاهين فكريين

  1. التنوير الراديكالي: مستوحى من فلسفة سبينوزا، يدعو للديمقراطية، والحرية الفردية، وحرية التعبير، والقضاء على السلطة الدينية.
  2. التنوير المعتدل: أيده رينيه ديكارت وجون لوك، كرستيان وولف، إسحاق نيوتن، وغيرهم، وسعى هذا النوع من الفكر للمواءمة بين الإصلاح والنظم التقليدية للسلطة والإيمان.

إنجازات واختراعات واكتشافات عصر التنوير

حققت أوروبا في هذا العصر العديد من الإنجازات في مقدمتها:

  • اكتشاف جوزيف الأسود ثاني أكسيد الكربون (الهواء الثابتة).
  • اخترع جيمس واط المحرك البخاري.
  • تم استخدام تجارب لافوازييه لإنشاء أول مصنع للمواد الكيميائية الحديثة في باريس.
  • تجارب الأخوة مونقولفيي مكنتهم من إطلاق أول رحلة مأهولة في منطاد الهواء الساخن في 21 نوفمبر 1783، من شاتو دو لا، بالقرب من بوا دي بولون في فرنسا.
  • نشر التعليم بين الناس، من خلال نشر الجامعات والأكاديميات مثل أكاديمية سانت بطرسبورغ.
  • شهد هذا العصر تطورات هامة في ممارسة الطب، والرياضيات، والفيزياء، وتطوير التصنيف البيولوجي؛ كما ظهر فيه فهم جديد للمغناطيسية والكهرباء، مع نضوج الكيمياء كتخصص، ومنه نشأت الكيمياء الحديثة.
  • ظهور الجامعات وانتشارها في كل أنحاء أوروبا.
  • اعتمدت العلوم في هذا العصر بشكل كبير على التجريب والتفكير العقلاني، وكان جزءاً لا يتجزأ من المثل العليا لهذا العصر، إضافة للرقي والتقدم، وأصبحت دراسة العلوم، تحت عنوان الفلسفة الطبيعية التي تم تقسيمها إلى الفيزياء والكيمياء والتاريخ الطبيعي، والتي تضمنت التشريح، وعلم الأحياء والجيولوجيا وعلم المعادن، وعلم الحيوان.

كما شهد عصر التنوير إنشاء العديد من الجمعيات والمؤسسات الأكاديمية، منها:

  • الجمعية الملكية للتعليم في لندن (1662).
  • الأكاديميات ذات التوجه العلمي والتي حظيت بدعم السلطات في جميع أنحاء أوروبا، مثل أكاديمية سانت بطرسبرغ (1725)، أكاديمية ادنبره (1731)، أكاديمية استوكهولم (1739).
  • تم تأسيس عدد هائل من الأكاديميات والجمعيات الرسمية في أوروبا، وصلت في عام 1789 إلى أكثر من سبعين من الجمعيات العلمية الرسمية، ما جعل المفكر برنارد دي فونتييه يطلق على القرن الثامن عشر مصطلح "عصر الأكاديميات".

أشهر علماء ومفكري عصر التنوير

تميز هذا العصر ببروز عدد من العلماء والمفكرين الذين كان هدفهم نشر الحرية والتقدم، والتسامح والإخاء، ووضع حد لانتهاكات الكنيسة والدولة، من هؤلاء المفكرين:

  1. مونتسكيو (1689- 1755): قدم فكرة الفصل بين السلطات في الحكومة، (أي السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية مستقلة ومنفصلة عن بعضها البعض)، وهو مفهوم اعتمد بحماس من قبل واضعي دستور الولايات المتحدة الأمريكية.
  2. اسحاق نيوتن (1642- 1726): روج الفيزياء التجريبية، وهو صاحب قانون قانون الجاذبية، وكان ممن عارض معتقدات أنصار الفيزياء مثل ديكارت، وأولئك الذين يؤمنون أن الكائنات فقط لها الخصائص "واضحة ومتميزة" من جوهر وطاقة.
  • آدم سميث (1723-1790): صاحب كتاب -ثروة الأمم-، ويعد أول عمل في الاقتصاد الحديث في عام 1776. وكان لها تأثير مباشر على السياسة الاقتصادية البريطانية التي لا تزال تتأثر به حتى القرن الحادي والعشرين.
  • سيزار بيكاريا (1738- 1794): أصبح فيلسوف وواحداً من كتاب التنوير، من أبرز نتاجاته، الجرائم والعقوبات المنشورة في عام 1764، والتي تُرجمت لاحقاً إلى 22 لغة.
  • إيمانويل كانط (1724- 1804): حاول التوفيق بين العقلانية والمعتقد الديني والحرية الفردية والسلطة السياسية.
  • لوك (1632-1704) وروسو (1712- 1778): أصحاب نظريات العقد الاجتماعي، والتي تفسر نشوء الدولة على أساس عقد افتراضي بين الناس والحاكم ولكن كل منهم يختلف عن الآخر ببعض النقاط (ستعرفون تفاصيل أكثر في مقالة تتناول نظريات العقد الاجتماعي بالتفصيل).
  • الأخوان لوميير: ركزوا على الحرية الفردية والتسامح الديني، وعارضوا مبدأ الملكية المطلقة والعقائد الثابتة للكنيسة الكاثوليكية الرومانية.

علاقة المفكرين بالحكام في عصر التنوير

تنوعت ردود فعل الحكام الأوروبيين على المفكرين، فمنهم من استوعبهم وطلب مساعدتهم لكتابة القوانين وإصلاح النظام، وبالتالي بناء دول وطنية قوية، وهؤلاء الحكام أطلق عليهم اسم (الطغاة المستنيرين)، مثل، فردريك الكبير ملك بروسيا، ليوبولد الثاني حاكم توسكانا، جوزيف الثاني حاكم النمسا. ومنهم من حارب هؤلاء المفكرين كملك فرنسا لويس السادس عشر، مما أدى لاندلاع الثورة ضده، وهي الثورة الفرنسية التي دعت للحرية والعدالة والمساواة.

أخيرا ... فقد نقل عصر التنوير أوروبا من الظلمات والجهل إلى النور والمعرفة بكل أشكالها وأنواعها، ما أدى إلى حدوث نقلة نوعية على مستوى القارة، مهدت لأضخم تطور فكري في ذلك الوقت، وبذلك أصبح الحكام أمام خيارين إما الاستجابة لدعوات المفكرين بالإصلاح، أو عزلهم من مناصبهم بثورات عمادها المفكرين ومرتكزاتها الشعوب المظلومة.

اشترك في قناة رائج على واتس آب لمتعة الترفيه