;

ليلى الأخيلية شاعرة الرثاء الغزلي

أنقذت حبيبها وأحرجت الخليفة بردودها الذكية

  • تاريخ النشر: الإثنين، 14 سبتمبر 2020 آخر تحديث: الثلاثاء، 04 أكتوبر 2022

هل الحب هو ما يدفع الشعراء لقول الشعر؟ أم أن الشعر هو ما ينسج هذه المساحة الأسطورية حول مشاعر الحب؟ يراودنا هذا السؤال كلما تأملنا في القصائد والأبيات التي خلفها المحبون في التراث الشعري العربي. ومن بين هؤلاء الشاعرة ليلى الأخيلية أو ليلى بنت عبد الله بن الرحال وآخر أجدادها يعرف بالأخيل ومنه أخذت لقبها. وهي من بني عامر القبيلة التي اشتهرت بعدد من العشاق المعروفين. أما حبيبها فهو توبة بن الحمير. 
عاشا في فترة العصر الأموي، وكانت ليلى واحدة من الشاعرات المتميزات في عصرها ويقال عنها إنها لا يتقدمها في الشعر من النساء سوى الخنساء.  وبينما اقتصر شعر الخنساء على الرثاء، استطاعت ليلى الأخيلية اقتحام مجالات الشعر المعروفة كافة، ما بين مدح وذم وفخر وغزل وغيرها.

قصة الحب:

عشق توبة ليلي وبادلته هي هذا العشق. تقدم توبة لوالدها لكي يتزوجها لكن والدها رفض. وزوجها من شخص آخر. وعلى الرغم من ذلك استمرت قصة الحب، واستمرت لقاءاتهما.

أنقذت حياته:

مع استمرار لقاءاتها بتوبة حتى بعد زواجها الثاني، شكاها زوجها للسلطان الذي أمر بإهدار دم توبة.

وفي إحدى المرات التي قدم فيها توبة لزياراتها ترصد له قومها في المكان الذي يتلاقى فيه ولما علمت خرجت إليه مسفرة وكان هذا على غير عاداتها حيث كانت معتادة أن تلقاه مبرقعة وهو الأمر الذي جعله يشك بوجود أمر ما خطير فسارع بالهروب فكانت ليلى سبباً في إنقاذ حياته.

ظل توبة يهيم عشقاً بليلى وينشد فيها القصائد الشعرية حتى آخر يوم في حياته، ويقال إن ليلى تزوجت مرتين ولكن ظل حبها لتوبة يحتل مساحة من قلبها.

الذكاء وسرعة البديهة:

عُرِف عن ليلى الأخيلية الذكاء وسرعة البديهة، ومن الواقف التي تشهد بهذا حوارها مع الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان والذي سألها: ما رأى منك «توبة» حتى عشقك؟ فقالت له : رأى فيّ ما رآه الناس منك حتى جعلوك خليفة.

وفاته:

يقال إن توبة خرج في إحدى الغزوات وأصابه الضعف وتم قتله ويقال إن قتله كان على يد بني عوف بن عقيل. ويبدو أن وفاته وألم الفراق بالموت كانا المحركين الرئيسيين لشعرها. فقالت مجموعة من المراثي الغزلية البديعة والتي تنطق بالألم والحب.

ومما قالته ليلى في توبة

أيـا عَـيْـنُ بَكّي تَوْبَةَ بن حُمَيِّرِ

بـسَـحٍّ كَـفَيْضِ الجَدْوَلِ المُتَفَجّرِ

لِـتَـبْـكِ عَلَيْهِ مِنْ خَفَاجَةٍ نِسْوَةٌ

بـمـاءِ شُـؤُونِ العَبْرَةِ المُتَحَدِّرِ

سَـمِـعْـنَ بِهَيْجا أزهَقَتْ فَذَكَرْنَهُ

ولا يَـبْـعَـثُ الأَحْزانَ مِثْلُ التّذَكُّرِ

كـأنَّ فَـتى الفِتْيانِ تَوْبَةَ لَمْ يَسِرْ

بِـنَـجْـدٍ ولَـمْ يَطْلُعْ مَعَ المُتَغَوِّرِ

ولَـمْ يَـرِدِ الـماءَ السِّدامَ إذا بَدا

سَنا الصُّبْح في بادِي الجَواشي مُوّ

ومما قاله توبة فيها

نـأتْـكَ بـليلى دارُها لا تَزورها

وشـطّت نواها واستمَّر مريرُها

وخـفت نواها من جَنوب عُنيزةٍ

كما خفّ من نيلِ المرامي جفيرُها

وقـال رجـال لا يَـضيرُكَ نأيُها

بلى كلَّ ما شفَّ النفوسَ يضيرها

ألـيس يضير العينَ أنْ تكثرَ البُكا

ويـمـنعَ منها نومُها وسُرورُها

وفاة ليلى:

في إحدى المرات والتي كانت ليلى فيها قادمة من سفر ومعها زوجها أرادت أن تتوقف عند قبر توبة لتسلم عليه ولكن كان زوجها يمنعها، فأصرت على موقفها قائلة "والله لا أبرح حتى أسلم على توبة" فتركها زوجها تفعل ولما دنت من القبر وقفت أمامه قائلة "السلام عليك يا توبة" ثم قالت لقومها ما عرفت له كذبة قط قبل هذا فلما سألوها عن ذلك: فقالت أليس هو القائل:

ولـو أنَّ لـيلى الأخيليةَ سَلّمت

عـلـيَّ ودونـي جَنْدلٌ وصفائحُ

لـسـلمتُ تسليمَ البشاشةِ أو زقا

إليها صدىً من جانبِ القَبر صائحُ

فما باله لم يسلم علي كما قال؟ وكانت بجانب القبر بومة فلما رأت الهودج فزعت وطارت في وجه البعير الذي يحمل ليلى مما أدى إلى سقوطها ودق عنقها فكانت وفاتها ودفنت بجانب قبر توبة.

اشترك في قناة رائج على واتس آب لمتعة الترفيه