;

أبيات شعر وقصائد عباس العقاد مكتوبة

  • تاريخ النشر: الخميس، 24 فبراير 2022
أبيات شعر وقصائد عباس العقاد مكتوبة

قدم الشاعر المصري عباس محمود العقاد، العديد من الأبيات والقصائد الشعرية التي سنتعرف على بعض منها خلال السطور القادمة.

عباس العقاد ولد ونشأ في أسوان واقتصرت دراسته على المرحلة الابتدائية فقط؛ لعدم توافر المدارس الحديثة، كما أن موارد أسرته المحدودة لم تتمكن من إرساله إلى القاهرة كما يفعل الأعيان، عتمد العقاد فقط على ذكائه الحاد وصبره على التعلم والمعرفة حتى أصبح صاحب ثقافة موسوعية لا تضاهى أبدًا، ليس بالعلوم العربية فقط وإنما العلوم الغربية أيضًا

شعر عباس العقاد مكتوب

جزى الله حانوت القيود فإنه

مناط الأماني من بعيد ومَكْثَبِ

تزود منه الناس في كل حقبة

وحجوا إليه موكبا بعد موكب

يصيحون فيه بالقيون كأنهم

سراحين في واد من الأرض مجدب

فمن قائل عجل بقيدي فإنني

طليق ومن عان كثير التقلب

إذا أخطأ الأغلال قطّب وجهه

كئيباً وإن أثقلنه لم يقطّب

يطوفون بالمغلول طوفة عاطل

فقير بموشيِّ الطيالس مُعْجَب

فهذا إلى قيد من العقل ناظرٌ

وما العقل إلا من عقال مؤرَّب

يخفّضُ من أهوائه كل ناهض

ويغلب من آماله كلَّ أغلب

ويمشي بأغلال التجارب معجباً

على غبطة منه لمن لم يجرب

وهذا إلى قيد من الحب شاخصٌ

وفي الحب قيد الجامع المتوثب

ينادي أنلني القيد يا من تصوغه

ففي القيد من سجن الطلاقة مهربي

أدره على قلبي وعقلي ومهجتي

وطوّق به كفى وجيدي ومنكبي

ورصّعه بالحسن المُسَوَّم واجْلُهُ

بكل سعيد في المناظر طيب

عزيز علينا العيش حراً وحولنا

أسارى الهوى من فائز ومخيَّب

ورُبَّ رخيِّ البال تمّتْ حظوظه

يقيّدُ دنياه بعنقاء مُغْرِب

أمانيُّ يقفوها فتربط خطوه

رباط الدياجي خطوة المتنكب

وآخرَ أضنته الملالةُ باسطٍ

يديه إلى الأعمال في غير مأرب

إذا ما رأي المكدود يمقت عيشه

تمنى على الأيام شقوة متعب

وكم طامعٍ في الجاه والجاه عصمة

ولكنه كالمعقل المتأشب

يصدُّ العدى عن ربه ويصدُّهُ

عن الناس صدَّ المحجم المترقب

ورب عقيم حطم العقمُ قيدَه

يحنُّ إلى القيد الثقيل على الأب

إذا منّت الدنيا عليه أجابها

بلعنة موتور وعولة مترب

يرى أن حال المفتدي من أساره

لديها كحال المجتوي المتجنب

ومن لم تعلقه الحياة بقيدها

فيا سوء ما اختارت له من تقرُّب

بني آدمٍ لا تنكروها فإنها

مياسمُ من أرواحِكُم لم تُغَيَّب

فما تكرهون القيد إلا لأنكم

تنوءون منه بالثقيل المُشعَّب

أعزّكمُ من لا مزيد لوقره

ولا فضل في أغلاله لمُعقِّب

وقد زعموا أن القياد قيادة

لمن كان يمشي في مجاهل غيهب

أبيات شعرية لعباس العقاد

معلمة الإنسان ما ليس يعلم

وقائلةً ما لا يبوح به الفم

وكامنة بين النفوس بداهة

وما علمت في مهدها ما التكلم

ومخرجةَ الأوهام من ظلماتها

على أنها من سطوة النور تحجم

ومسمعة الإنسان أشجان نفسه

فيطربه ترجيعها وهي تؤلم

أعيدي عليّ القول أنصتْ وأستمعْ

حديثاً له في نوطة القلب ميسم

حديثاً يناغيني وأذكر أنني

تسمعته والقلب وَسْنانُ يحلم

حديثك من كل اللغات منظَّمٌ

ومعناك في كل النفوس مقسَّم

فللوحش فيه والأناسي عولة

وللنار والإعصار فيه تهزّم

جؤار كأن الطود منه محرك

وخفق كأن النجم منه مهوّم

وهمس كهمس الجن في خلواتها

له رعدة في الجلد ينكرها الدم

وبَثٌّ يسيل الدمع من قنواته

وحَثٌّ يهيج النفس فهي تضرّم

تظل بقيد اللحن في ثورانها

إلى الغمر تهوي أو إلى النجم تقحم

ولا مهجة إلا لصوتك مسرب

إليها وسلطان عليها محكَّم

توختك أسراب النفوس كأنما

على كل لحن ماردٌ لك يخدم

فمن لم ترضه الريح راض جماحَه

نسيمٌ كنفث الروض أو هو أرخم

يحلل من أضغانه فكأنه

أبٌ يتلقاه ابنُه المتبسم

تهزين أعطاف البخيل فيكرمُ

ويصغي إليك المشمخر فيرحم

ويسمعك الواهي الجبان فينثني

إلى الحرب شيطاناً على الموت يهجم

ويمنحك الشيخ الجليل وقاره

وقارا شراه بالصبا وهو قيّم

وتسلمك الأبدان عفْوَ حراكهِا

كما انقادت الأغصان والريح تنسم

ويسعد منك الوالهون ببلسم

ألا رب جرح لا يداويه بلسم

ويا رُبَّ مجهودٍ تخللتِ جسمَه

بعزمٍ كرجع الروح والموت مُبرَم

فجددتِه لما وهى نسجُ نفسه

بنسجٍ من الألحان يُضفَى ويُحْكَم

فيا ربة الألحان لو تسمعينني

أمنك السجايا الغر أم هن منهم

ويا ربة الألحان هذي قلوبنا

فأنت بها منا أبر وأعلم

أفيضي على قلبي السكينة واسكبي

عليه رضىً إني على العيش أنقم

هل العيش إلا نغمة قد تعارضت

مذاهبُها فهو الشتيت المنظم

جمال وقبح في الحياة ورفعة

وخفض وعرفان وجهل مخيم

بذا فرَّق الدنيا فألَّف بينها

إلهٌ على أفعاله ليس يندم

وأحسب لو أنا حللنا بجنة

خلوداً لشاقتنا هناك جهنم

وأوغل بالذكرى فأزعم أنه

قديمٌ كعهد القلب أو هو أقدم

ويا ليتني أدرى أنفس سحيقة

تنادين منها أم فؤادي المكلّم

كأن لنا نفسين نفس قريبة

وأخرى على بعد المزار تسلّم

أعيدي على الصوت أنظرْ لعلني

أرى في ثنايا اللحن ما يُتوسّم

ويا رُبَّ وجهٍ يطرق السمعَ حسنُه

إذا غنت الأوتار أو يُتَنسّم

وواد كوادي السحر فجّرتُ ماءه

ونفّرتُ من أطياره ما يحوّم

ورادته أشكال الجمال كأنها

خيالات أحلام دعاهنّ نوّم

يهب علينا عَرْفُه ونسيمُه

وتسترسل الأحداق فيه وتنعم

يمهده اللحن الشجي وينطوي

عليه حجاب الصمت من حيث ينجم

أملهمة الإنسان مالا يزيده

فصيح ولا يرزي بمعناه أبكم

إليك تناهي كل قول ومنطق

فسيان منطيق لديك وأعجم

إذا ما أبان القول مبلغ علمه

فقولك عما ليس يدري مترجم

ويكذب إلا أنه حين ينتهي

إلى الشدو لا يهفو ولا يتكتم

وما المطرب الشادي بمبدع لحنه

ولكنه شبابة تترنم

ألا حدثينا عن إله نحبه

ونعبده حباً ولا نتأثم

وما كان للوحي الإلهيِّ مسلك

إلى القلب أشجى من صداك وأكرم

تهون الرزايا إذ تطول عهودها

وكل نعيم طال يجفىَ ويُسأَم

كذلك موسيقى الحياة وإنها

لصوتٌ على أسماعنا متقدم

قصيدة عباس العقاد مكتوبة

زعموك غير مجدَّد الألحان

ظلموك بل جهلوك يا كرواني

أسمعتني بالأمس ما لا عهد لي

بسماعه في غابر الألحان

ورويت لي بالأمس ما لم تروِهِ

من نغمة وفصاحة ومعان

شكواي منك وإن شكرتك إنه

سرٌّ تصرُّ به على الكتمان

شكري إليك وإن شكوتك إنه

سرٌّ تؤخِّره لخير أوان

كنز يصان فهاتِ من حباته

ذخر القلوب وحلية الآذان

أنا لا أراك وطالما طرق النُّهى

وحيٌ ولم تظفر به عينان

أنا في جناحك حيث غاب مع الدجى

وإن استقر على الثرى جثماني

أنا في لسانك حيث أطلقه الهوى

مرحًا وإن غلب السرور لساني

أنا في ضميرك حيث باح فما أرى

سرًّا يغيِّبه ضمير زماني

أنا منك في القلب الصغير مساجلٌ

خفق الربيع بذلك الخفقان

أنا منك في العين التي تَهَبُ الكرى

وتَضنُّ بالصحوات والأشجان

طِرْ في الظلام بمهجة لو صافحتْ

حجر الوهاد لهمَّ بالطيران

تغنيك عن ريش الجناح وعزمه

فرحات منطلق الهوى نشوان

علَّمتني بالأمس سرَّك كلَّه

سرَّ السعادة في الوجود الفاني

سرُّ السعادة نفرة ومحبة

فيكم تُؤلَّف نافر الأوزان

الكون أنتم في صميم نظامه

وكأنكم فيه الطريد الجاني

أنتم سواءٌ كالصديق وبينكم

بعدٌ كما يتباعد الخَصمان

لا يحمل الطيار وزر العاني

حمل ابن آدم عثرة الإخوان

لا عالمٌ منكم ولا متعلمٌ

كلا ولا متقدِّمٌ أو وانِ

متشابهين على الحياة فكلكم

ساري ظلامٍ هاتف بأغانِ

متفرقين على المُقام ودأبكم

عند الرحيل تجمع القطان

وكأنَّما نُسخت لكلٍّ نسخةٌ

من هذه الأجواء والأوطان

فهو الشريك على نصيب واحدٍ

وهو الوحيد فما له من ثانِ

ذخر الطبيعة منه تُعْطَوْنَ الحِجى

لا من سباق بينكم ورهان

أنتم بني الطير المسبِّح في الدجى

فيكم كهانة صالح الكهَّان

بعتم كرى الغافي وطيب رقاده

وبه اشتريتم يقظة اليقظان

قل ما اشتهيت القول يا كرواني

في لهو ثرثار وحلم رزان

سأعيش مثلك لي وللدنيا معاً

وأقول مثلك كيف يزدوجان

وأظلُّ تزدحم الحياة بمهجتي

أبدًا ويجتنب الزحام مكاني

قد غيَّرتك وما تُغيِّر شاعراً

عشرون عاماً في طراز بيان

فرحات دنيا لا يُكدِّر صفوَها

بالمَيْنِ غيرُ سرائر الإنسان

في عزلة أنا والحبيب تؤمُّنا

دنيا الجمال ونحن منفردان