;

أجمل قصائد شعر لمحمود درويش مكتوبة

  • تاريخ النشر: السبت، 09 يوليو 2022
أجمل قصائد شعر لمحمود درويش مكتوبة

العديد من القصائد وأبيات الشعر التي قدمها محمود درويش، خلال تاريخه ويبحث عنها الكثير من محبيه في الوطن العربي، خلال السطور القادمة مجموعة من أبيات شعر محمود درويش.

أبيات شعر لمحمود درويش

1

محتشمة متكتمة, على طيبك, كحوض
خزامي, تجلسين قبالة مطالعي. وأصابعي
تحك أصابعي, فيسقط فنجان قهوتي ــ
ذريعتي وخديعتي, لتقربي طيبك مني,
وألمّه مع شظايا الهال ... فلا يصل. لأن
رائحة الخزامى لا تنتقل من خدرها الحذر
إلى المنتظر سخاء المخفي. أكثر من
حاسة فاقدة الصبر تشرئب إلى ما سيهب
من جهتك المتقشفة المنصرفة إلى صون
بكارة الرائحة الملتفة بأوراق الكثافة. أدنو
منك كمقبل على مغامرة,كمدبر عن خوفه.
أمدّ يديّ إلى حوض الخزامى. أفركها وأحضنها
وأشمها وأضمها, ولا تقولين شيئاً. كأنك
حقاً خزامى... تؤخذ رائحتها باليدين !

2

قال لي ، بعدما كسر الكأس:
لاتصف الشعرَ ، يا صاحبي ، بالجميل
ولا بالقويّ ،
فليس هنالك شعر قويّ وشعر جميل
هنالك شعر يُصِيُبكَ، سرّاً
بعدوى الكتابة والانفصام ، فتهذي
وتخرج ذاتك منك إلى غيرها ... وتقول :
أنا هو هذا وهذا ، ولست أنا . وتطيل
التأمل في الكلمات . وحين تجس لها
نبضها ، تشرئب وتهمس في أذنيك :
اقترب وابتعد ، واغترب واتّحد . ويسيل
حليب من الليل . تشعر أنك طفلٌ
سيولد عما قليل !

3

إذا انكسر إطار اللوحة، بسبب هزة
أرضية خفيفة، تحمل اللوحة إلى صانع
أطر ماهر، فيضع لها إطاراً ربما أجمل.
أما إذا تشوهت اللوحة بسبب خلل
فني أصلي، وبقي إطارها سليماً، فلن
تحتاج إليه إلا إذا نقص الحطب في
المدفأة.. كذلك هي الفكرة: إذا انكسر
إطارها وجدت لها إطاراً أقوى وأصلب.
. أما إذا انكسرت الفكرة، فلن يكون إطارها
السليم غير ذكرى حزينة، تحتفظ بها كما
يحتفظ راع خائب بجرس كبش من قطيعه
افترسته الذئاب !

4

للمقابر هيبة الهواء وسطوة الهباء. تشيع
صديقك ممدوح, وتنتظر دورك ...
تنقلك روائح الزهور الذابلة وحفيف الأشجار
إلى البعيد ... إلى ما وراء الشيء ... إلى عنوانك
الأخير في ناحية من نواحي العدم. لكنك
تفكر في ما هو أبسط: ألقبور مراتب.
فمنها ما يبدو لك أنه راحة النائم. ومنها
ما يحرم النائم من التطلع إلى سمائه
المدفونة. ومنها, كالمحاذية لساحة التروكاديرو
في باريس, ما يجعل النائم جزءاً من وتيرة
الحياة. فهو قريب من المقاهي والمتاحف
ومواعيد الأحياء. الحياة في متناول قبره
الرخامي. وحوله من تنوع الزهر والشجر
والطير والبشر ما يغنيه عن الخروج إلى
نزهة, بعدما أنفق مدخراته لامتلاك
خصوصية هذا العنوان الدائم. ومن القبور
ما يجعل العدم مادة مرئية,كتلك
القبور المرمية في الصحراء بعيداً عن
الشجر والماء. لا أنيس للنائم الذي
يحترق في حرّ الصيف ويتجمد من البرد
في الشتاء. كأنه يواصل الموت بلا
نهاية, حيث يخلو الموت من استعارة النوم.
لكن الذين يشرفون على تشييد قبورهم،
وتأثيثها بصورهم، لا يفكرون براحة النوم
قريباً من صداقة الأحياء، إنما يفكرون
بتدريب التاريخ على القراءة. ويفكرون
بما هو أصعب: برشوة الخلود. دون
أن يعلـموا أن الخلود لا يزور القبور.
وأنه يحب الفكاهة !

5

صدقت أني مت يوم السبت, ‏
قلت: عليّ أن أوصي بشيء ما
فلم أعثر على شيء... ‏

وقلت: عليّ أن أدعو صديقاً ما
لأخبره بأني مت
لكن لم أجد أحداً ...
وقلت: عليّ أن أمضي إلى قبري
لأملأه, فلم أجد الطريق
وظلّ قبري خالياً مني
وقلت: عليّ واجب أن أؤدي واجبي:
أن أكتب السطر الأخير على الظلال
فسال منها الماء فوق الحرف ...
قلت: عليّ أن آتي بفعل ما
هنا والآن
لكن لم أجد عملاً يليق بميت

فصرخت: هذا الموت لا معنى له

عبث وفوضى في الحواس,
ولن أصدق أنني قد مت موتاً كاملاً
فلربما أنا بين بين
وربما أن ميت متقاعد
يقضي إجازته القصيرة في الحياة

أجمل قصائد شعر لمحمود درويش

6

ساحة خالية . ذباب وظهيرة وشجرة
تين لا تؤنس أحداً . ينبح كلب من
بعيد ، وأنا أقترب من الساحة الخالية .
أفكر في ما وراءها ، وفي ما وراء
قصيدة يكتبها شاعر محبط عن رهبة الساحة
الخالية : " أنا والكلام الذي قلته ،
والكلام الذي لم أقله ، وصلنا إلى الساحة
خالية " . هنالك يرن الجفاف كقطعة معدنية .
وتحدث خطاك صوتاً مشابهاً " كأنك
غيرك " ... يتبعه صدى هواء ناشف " كأني
هو " . وحين تكون إلى ساحة خالية تمتد
الخواطر إلى ما قبل : إلى حياة كانت هنا .
جاءت من أزفة ضيقة ، لتتشمّس أو
تتنفّس أو لتعرض براهينها على الممكنات .
لم أسأل : من أين جئت ؟ بل سألت :
لماذا وصلت إلى الساحة الخالية ؟. خفت .
وحاولت الرجوع إلى أي زقاق ضيق ،
فتحولت الأزقة كلها أفاعي . أغمضت عيني
وفركتهما وفتحتهما لأرى كابوسي أمامي . لم
يكن كابوسا . كان واقعاً كابوسياً . لكن
الساحة الخالية اتسعت ، وشجرة التين
ارتفعت ، والظهريرة سطعت ، وتكاثر الذباب .
أما نباح الكلاب فقد آنسني من بعيد ،
ثمة حياة هناك . ولسبب ما ، غامض ، تذكرت
الكلام الذي لم أقله ... تذكرته ونسيته .

7

ألصبار الذي يسيّج مداخل القرى كان
حارساً مخلصاً للعلامات . حين كنا أولاداً ،
قبل دقائق ، أرشدنا الصبار إلى المسالك .
لذلك أطلنا السهر خارج البيوت ، برفقة
بنات آوى والنجوم . كذلك خبأنا مسروقاتنا
الصغيرة من بلح وتين مجفف ودفاتر في
مخدعة الشائك . وحين كبرنا دون أن
ندري كيف ومتى حدث ذلك ، أغوتنا أزهاره
الصفراء بملاحقة البنات على طريق النبع
الضاحك ، وتباهينا بما على أيدينا من شوك .
ولما انطفأت الزهرة ونتأت الثمرة ، كان
الصبار عاجزاً عن صد سلاح الجيش
الفاتك . لكنه ظل حارساً مخلصاً للعلامات :
هنالك ، خلف الصبار منازل موءودة وممالك ،
ممالك من ذكرى ، وحياة تنتظر شاعراً
لا يحب الوقوف على الأطلال ، إلا
إذا اقتضت القصيدة ذلك !