;

الطعام والذكريات: كيف يربط الذوق العاطفة بالماضي

  • تاريخ النشر: منذ يوم زمن القراءة: دقيقة قراءة آخر تحديث: منذ 18 ساعة
الطعام والذكريات: كيف يربط الذوق العاطفة بالماضي

لطالما ارتبط الطعام أكثر من كونه وسيلة لتغذية الجسد؛ فهو محرّك للذكريات والعاطفة، قادر على استحضار لحظات من الماضي بدقة لم تستطع الكلمات وحدها الوصول إليها. ويكشف العلم عن روابط عميقة بين حاسة الذوق، والشم، والذاكرة العاطفية، تجعل تجربة تذوق وجبة ما أكثر من مجرد طعم؛ إنها رحلة إلى الماضي.

كيف يرتبط الطعام بالذكريات؟

الروابط العصبية بين الذوق والذاكرة

يُظهر الدماغ البشري أنّ حاسة الذوق والشم ترتبط مباشرة بجهاز الحصين (Hippocampus)، وهو مركز معالجة الذكريات، وباللوزة الدماغية، المسؤولة عن المشاعر. هذا الاتصال المباشر يفسر لماذا يمكن لرائحة أو طعم مألوف أن يوقظ ذكريات طفولة أو مناسبات خاصة، ويستحضر شعورًا بالعاطفة لا يمكن تحقيقه بسهولة بواسطة الحواس الأخرى.

قوة الذوق في استحضار الذكريات العاطفية

تميل الذكريات المرتبطة بالطعام إلى أن تكون أكثر حيوية وتأثيرًا عاطفيًا من غيرها، لأن الدماغ يدمج الطعم مع السياق الاجتماعي والعاطفي لتلك اللحظة. على سبيل المثال، رائحة الخبز الطازج قد تعيد الشخص إلى مطبخ جدته، أو طعم حلويات محددة قد يذكّره بأعياد الميلاد. وهكذا يصبح الطعام جسرًا بين الحاضر والماضي.

الطعام والهوية الثقافية

يلعب الطعام دورًا في تشكيل الذاكرة الجماعية والثقافية. فالأطباق التقليدية ترتبط بالمناسبات، والعادات، والتجمعات العائلية، وتخزن في الدماغ كشيفرات ذكريات مشتركة. هذا يفسر لماذا يشعر الأشخاص بالحنين إلى موطنهم أو ثقافتهم عند تذوق أطعمة معينة، حتى لو ابتعدوا عنها سنوات طويلة.

العلاج باستخدام الطعام والروائح

يستفيد الطب النفسي والعلاج السلوكي من هذه العلاقة بين الطعام والذاكرة في تحفيز الذكريات الإيجابية لدى مرضى الخرف أو ألزهايمر. يمكن لرائحة مأكولات مألوفة أن تثير ذكريات بعيدة وتعيد التفاعل الاجتماعي والنفسي، وهو دليل على القوة العلاجية للتجربة الحسية المرتبطة بالغذاء.

يرتبط الطعام بالذكريات عبر شبكة معقدة من الحواس والعواطف، مما يجعل تجربة تناول وجبة أكثر من مجرد تغذية؛ إنها رحلة إلى الماضي، واستعادة لمشاعر وأحداث شكلت الهوية الفردية والثقافية. وبين الطعم والرائحة والذاكرة، يظل الطعام جسرًا حيًا بين الحاضر وما مضى، يربطنا بأصولنا وتجاربنا الأكثر حميمية.

اشترك في قناة رائج على واتس آب لمتعة الترفيه