;

معركة حطين وتحرير القدس في العهد الأيوبي

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 06 فبراير 2022
معركة حطين وتحرير القدس في العهد الأيوبي

شكَّلت معركة حطين في عصر الدولة الأيوبية نقطة مهمة في الصراع بين المسلمين والمسيحيين على سيادة الأماكن المقدسة (الحروب الصَّليبية).

حيث كانت إحدى أهم مراحل إعادة السيطرة على مدينة القدس التي خسرها المسلمون في الموجة الثانية من الحملة الصَّليبية الأولى في الخامس عشر من حزيران/يونيو عام 1099 للميلاد.

فما هو دور معركة حطين في تحرير بيت المقدس؟! ولماذا دخل المسلمون القدس صلحاً؟

سيطرة الصَّليبيين على القدس

تبدأ قصة الحملات الصَّليبية من زيارة بطرس النَّاسك للحج في بيت المقدس سنة 486هـ/1093، "فاغتاظ من رؤية السيادة الإسلامية على الأماكن المقدسة" وفق محمد العروسي المطوي في كتابه (الحروب الصَّليبية في المشرق والمغرب).

فبدأت الحملة الصَّليبية الأولى بناءً على دعوة البابا أوربان الثاني (Urban ll) التي حملها بطرس النَّاسك إلى مختلف أنحاء أوروبا، وتقسم الحملة الصَّليبية الأولى إلى مرحلتين:

المرحلة الأولى من الحملة الصليبية الأولى

عُرفت بحملة العامَّة ووصلت إلى القسطنطينية سنة 490هـ/1096 ميلادية، كان قوامها 25 ألفاً عندما تحركوا باتجاه قونيه التي كانت تحت سيطرة السَّلاجقة.

وقد أخفقت الحملة بمواجهة السَّلاجقة ولم يبقَ من جنود بطرس النَّاسك إلا ثلاثة آلاف وفق ما يروي عبد العزيز إبراهيم العمري في كتابه (الفتوح الإسلامية عبر العصور).

المرحلة الثانية من الحملة

فكانت أكثير تنظيماً وضمَّت عدداً من أمراء أوروبا الذين قدموا على رأس جيوشهم للانضمام إلى الحرب؛ لذلك عُرفت بحملة الأمراء.

وتمكنت هذه الحملة –الموجة الثانية من الحملة الأولى- أن تؤسس أولى الإمارات الصَّليبية في الرها في الشمال الغربي لبلاد الشام، ثم أنطاكيا في الشمال الغربي.

بعد أن أسس الصَّليبيون قواعدهم في أنطاكيا والرها ساروا جنوباً باتجاه القدس، فانتزعوا عدداً من المدن في طريقهم إلى هدفهم على رأسها معرَّة النعمان، ومدن الساحل اللبناني بيروت وصيدا وصور.

احتلال القدس من قبل الصليبيين

ثم وصل الصَّليبيون إلى القدس التي كانت تحت سلطة الدولة الفاطمية في الخامس عشر من حزيران/يونيو عام1099 للميلاد، فقتلوا كل من فيها من المسلمين داخل المسجد الأقصى وخارجه في الأزقة والبيوت.

حتَّى بات من الصعب تقدير أعداد الضحايا، حيث يقول وليم الصوري في تاريخ الحروب الصليبية كما ينقل عنه العمري في المرجع السابق:

"ولقد كانت المجزرة التي ارتكبت في كل مكان من المدينة مخيفةً جداً، وكان سفك الدِّماء رهيباً جداً لدرجةٍ عانى معها حتَّى المنتصرون من أحاسيس الرعب والاشمئزاز".

تأسيس مملكة القدس الصليبية

أسَّس الغزاة مملكة القدس بعد انتصارهم على جيش الفاطميين قرب عسقلان، وكانت مملكة القدس هيقلب الإمارات الصَّليبية.

امتداد المملكة الصَّليبية قبل معركة حطين

فعلياً امتدت السيطرة الصَّليبية على أجزاء واسعة من ساحل المتوسط وشمال بلاد الشام، وكانت مملكة القدس هي أكبر وحدة إدارية للصَّليبيين، حيث امتدت من شمال بيروت إلى جنوب عسقلان.

وكانت تشمل جميع الأراضي التي بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط إضافة إلى الضفة الشرقية من نهر الأردن والبحر الميت حتَّى خليج العقبة.

وكانت الأراضي شرق الأردن تسمَّى إمارة الكرك، والتي ستلعب دوراً كبيراً في معركة حطين.

فعلياً انكمشت هذه المساحة وانتقلت عاصمة الصَّليبيين من القدس إلى عكا بعد حروب صلاح الدين الأيوبي، لكن صلاح الدين لم يكن أول من قاوم الصَّليبيين.

مقاومة الحملات الصَّليبية قبل معركة حطين

بدأت المقاومة الإسلامية لتمدد الأوروبيين الصَّليبيين باكراً، حيث حاول أمير الموصل قوام الدولة كربوقا؛ استعادة أنطاكيا بعد أسابيع قليلة من احتلالها.

كما يعتبر الأمير التركماني كمشتكين بن داشمند أول من قاوم التواجد الصَّليبي في شمال بلاد الشَّام مقاومة فعَّالة.

حيث تمكن من حماية ملطية من الصَّليبيين بعد أن اتفق صاحبها الأرمني تسليمها لأمير أنطاكيا بوهمند، وأسفرت معركته مع بوهمند عن أسر هذا الأخير سنة 493هـ/ 1099م.

كذلك كان أمير الموصل مودود بن التنتكين ذا شأن في مقارعة الصَّليبيين حتَّى وفاته سنة 507 هجرية، والأتابك ظهير الدين صاحب دمشق حتَّى 513هجرية، وسيف الدين آق سنقر الذي فكَّ حصار حلب سنة 518هـ/1124م.

وتعتبر الدولة الزنكيَّة هي التي افتتحت مرحلة جديدة من مقاومة الصَّليبيين وعلى رأسهم عماد الدين زنكي الذي تولَّى إمارة الموصل سنة 521هـجرية.

حيث كان عماد الدين يسعى لإقامة قوة إسلامية موحدة قادرة على مقاومة الصَّليبيين، فتمكن من مدِّ سلطانه على الجزيرة شمال شرق سوريا، واستعاد الرَّها سنة 539ه/1144م، وضم المعرَّة وحمص وحماة وحلب وبعلبك.

استمر عماد الدين زنكي بمواجهة الصَّليبيين حتَّى تم اغتياله أثناء حصار قلعة جعبر على الضفة اليسرى للفرات سنة 541ه/1146م.

فخلفه ابناه سيف الدين غازي وعاصمته الموصل، ونور الدين محمود وعاصمته حلب، واستطاع الصَّليبيون استعادة الرَّها، كما انقلب والي بعلبك على الزنكيين وانضم إلى والي دمشق.

نور الدين محمود زنكي والتمهيد لاستعادة القدس

تشكِّل فترة حكم نور الدين محمود (المعروف أيضاً بنور الدين الشهيد) مرحلة التمهيد لاستعادة بيت المقدس، حيث بدأ نور الدين منذ توليه حلب التصدي للصليبيين فاستعاد الرَّها بعد أسبوعٍ واحد من خروجها عن سيطرته.

وفتح عدَّة حصون وقلاع أبرزها أرتاج وباراة وبرصفوت وكفر لاثا، وكانت نتيجة تحركات نور الدين محمود؛ أنَّ أعدَّ الصَّليبيون للحملة الصَّليبية الثانية.

على خلفية استعادة الرَّها تمت الدعوة من قبل البابا اوجان الثالث إلى تسيير جيوش جديدة نحو الشرق، فاستجاب لذلك ملك فرنسا لويس السابع وإمبراطور ألمانيا كونراد الثالث.

حيث اجتمعا بالقدس مع جيشهما بعد مناوشات مع السلاجقة عام 1148م، لكن هذه الحملة فشلت إذ ضرب الصَّليبيون حصاراً على دمشق (وكان واليها مناصراً لهم) ثم اضطروا إلى رفعه بسبب خلافات بينهم.

في عهد نور الدين الشهيد تمكن من السيطرة على حصون وقلاع الرَّها وأنطاكيا، ولمَّا احتل الصَّليبيون عسقلان سار نور الدين إلى دمشق فأخذها من صاحبها مجير الدين آبق محمد آخر ملوك آل طغكتين سنة 549ه/1154.

واتجهت أنظار نور الدين إلى ضم مصر الفاطمية التي كانت في حالة من الفوضى والضعف.

نشب صراع بين الصَّليبيين والزنكيين على مصر انتهى بعد ثلاث جولات إلى وصول أسد الدين شيركوه إلى وزارة العاضد حاكم مصر الفاطمي، ثم تلاه في الوزارة ابن أخيه صلاح الدين الأيوبي.

عمل صلاح الدين الأيوبي على توسيع ملكه والتخلص من معارضيه قبل أن يتوجه لمحاربة الصليبيين

بعد موت أسد الدين شيركوه آثر العاضد تعيين صلاح الدين مكان عمِّه، وأخذ لقب "النَّاصر لأمير المؤمنين العاضد لدين الله الفاطمي"، لكن صلاح الدين وجد الفرصة مناسبة لانتزاع مصر من الفاطميين.

فبدأ بذلك عن طريق قطع الدعاء للعاضد في المساجد ووضع اسم المستضئ الخليفة العباسي، وكان موت العاضد في يوم عاشوراء من سنة 567ه/1171م نهاية الدولة الفاطمية كما أراد صلاح الدين.

فعلياً أصبح صلاح الدين الأيوبي ملك مصر بعد وفاة العاضد، مع تبعية اسمية لنور الدين محمود صاحب حلب والشَّام، ثم كانت له خالصة بعد وفاة نور الدين محمود سنة 569ه/1173م.

الطريق إلى حطين

بعيداً عن الجدل الذي يثار حول أعمال صلاح الدين الأيوبي التي كانت ترمي إلى فرض سيطرته على مصر ودمشق وحلب إلَّا أنها انتهت أخيراً بإيجاد صيغة من الوحدة بين الشام ومصر.

كانت مقدمة لخوض معارك مصيرية مع الصَّليبيين لاسترجاع بيت المقدس.

فبسط صلاح الدين سيطرته على دمشق سنة 570ه/1174م، ثم استولى على حمص وحماة حتَّى وصل حلب في العام التالي.

وبحلول سنة 582ه/1186م أصبحت مملكة صلاح الدين الأيوبي تشمل شمال العراق والشام واليمن ومصر وبرقة.

يشير المطوي في كتابه المذكور سابقاً إلى علاقة صلاح الدين بالصَّليبيين خلال هذه الفترة بقوله:

"لم يكن صلاح الدين أثناء توسيع مملكته وتوطيد أركانها متوجهاً بكليَّته إلى محاربة الصَّليبيين، بل كانت تقع بينهم وبينه مناوشات لا تذكر.

وكان مع البعض منهم في مهادنةٍ ومسالمة خصوصاً مع أرناط صاحب الكرك (Renaude de Chatillon)، الذي كانت إمارته تفصل بين الديار المصرية والبلاد الشَّامية.

فكانت الهدنة التي وقعت بينه وبين صلاح الدين تسمح للقوافل بالانتقال من مصر إلى الشَّام أو العكس بسلامة وأمن".

وهنا بيت القصيد فيما يخصُّ موضوعنا وهو معركة حطين وتحرير بيت المقدس، فالشَّرارة الأولى لمعارك صلاح الدين الكبرى مع الصَّليبيين بدأت من نقض هذا العهد بين الأيوبيين وحاكم الكرك أرناط.

وكانت الهدنة بين صلاح الدين وأرناط بعد معارك عديدة ومحاولات للسيطرة على الكرك لم يكتب لها النجاح.

كان نقض معاهدة أرناط حاكم الكرك شرارة معركة حطين

قام أرناط سنة 582ه/1186م بنقض عهده مع صلاح الدين، حيث أغار على قافلة تجارية قادمة من مصر فقتل ونهب، وكان صلاح الدين يرقد مريضاً في حرَّان، يروي ابن كثير عن هذه الحادثة في البداية والنهاية ج16 ص570:

"ثمَّ نذر لله تعالى لئن شفاه الله من مرضه هذا ليصرفنَّ همته كلها إلى قتال الكفار ولا يقاتل بعد ذلك مسلماً، وليجعلنَّ أكبر همِّه فتح بيت المقدس.

ولو صرف في سبيل ذلك جميع ما يملكه من الأموال والذخائر، وليقتلنَّ البرنسَ صاحب الكرك بيده، وذلك لأنَّه نقض العهد الذي عاهد السلطان عليه فغدر بقافلة من تجار مصر.

فأخذ أموالهم وضرب رقابهم صبراً بين يديه، وهو يقول: أين محمَّدكم ينصركم؟".

وفي روايات أخرى؛ أن القافلة كانت تضم شقيقة صلاح الدين الأيوبي وابن أخته، وأنَّها كانت من قوافل الحج، ومهما يكن الأمر فإن صلاح الدين قد عزم على مواجهة الصَّليبيين وحاكم الكرك بعد هذه الحادثة، فبدأ بتجهيز الجيش على هذا الأساس.

أحداث معركة حطين

سار صلاح الدين من دمشق يوم السبت في مستهل شهر محرم من سنة 583ه، أي في منتصف شهر آذار/ مارس عام1187م، فوصل إلى رأس الماء جنوب دمشق وأقام عندها جيش ابنه الأفضل.

ثم أقام صلاح الدين في بصرى حتَّى عاد موكب الحجاج واجتاز الكرك ومن بينهم أخته ستُّ الشام وابنها حسام الدين، فلما تجاوز الحجيج الكرك أواخر صفر سار إليها صلاح الدين.

اجتمعت العساكر عند رأس الماء حيث كان يرابط الأفضل ابن السلطان، ويذكر ابن كثير في البداية والنهاية أن عددهم كان 12 ألف من القوات غير المتطوعة.

ولمَّا سمع الصَّليبيون بهذا الحشد حشدوا مقابله 50 ألف وقيل 63 ألف، واجتمع للقاء صلاح الدين؛ ملك القدس وصاحب الكرك وصاحب طرابلس، الذي كان من حلفاء صلاح الدين سابقاً.

ومما نقله ابن كثيرٍ حوارٌ بين صاحب الكرك أرناط وصاحب طرابلس القومص:

"وقد خوَّفهم صاحب طرابلس بأس المسلمين، فاعترض عليه الإبرنس أرناط صاحب الكرك فقال له: لا أشك أنَّك تحبُّ المسلمين، وتخوِّفنا كثرتهم والنَّار لا تخاف من كثرة الحطب".

السيطرة على طبريا

وصل صلاح الدين إلى طبريا وتمكن من بحيرتها فيما استعصت عليه قلعتها فلم يشتغل بها، بل استزاد من طبريا بالطعام والأمتعة ومنع الصَّليبيين من الوصول إلى مائها.

وكان الصَّليبيون قد جمعوا قوتهم في صفورية وساروا لملاقاة جيش صلاح الدين، فكان الموقع في قرية حطين التي يقال أن فيها قبر النبي شعيب عليه السلام.

وكان ذلك يوم الجمعة 24 ربيع الآخر سنة 583ه الموافق للثالث من شهر تموز/ يوليو عام1187.

خطَّة صلاح الدين وسلاح العطش في حطين

كانت خطَّة صلاح الدين تقضي بالاستفادة من مصادر الماء في المعركة من خلال منعها عن الصَّليبيين، مع الأخذ بعين الاعتبار موقع المعركة المنبسط وشدَّة الحر في تموز.

وفي يوم السبت (يوم حطين) 25 ربيع الآخر 583 الموافق 5 تموز/يوليو 1187حاول الصَّليبيون الوصول إلى مصادر الماء فلم يتمكنوا، وتحصنوا بحطين فأمر السلطان بإحراق الحشائش التي تحيط بمعسكره.

فازداد عليهم الحرُّ والعطش، ثم وقعت معارك عنيفة بين الطرفين انتهت بانكسار الصَّليبيين وأسر أعداد كبيرة منهم.

وعلى رأس الأسرى كان أرناط صاحب الكرك، وملك القدس غي لوزنجان، وبعض الأمراء والبارونات، حيث قام صلاح الدين بدق عنق أرناط "ناكث العهد".

فيما تمكن القومص صاحب طرابلس من الهرب إلى بلاده ومات فيها متأثراً بجراحه، ويذكر ابن كثير أنَّ الخسائر البشرية في حطين بلغت 30 ألفاً من الصَّليبيين ومثلهم من الأسرى.

تعتبر معركة حطين المعركة الرئيسية لاستعادة القدس

بعد معركة حطين سار جيش صلاح الدين إلى قلعة طبريا فاستعادها، ثم إلى عكا فدخلها صلحاً، ومن عكا سار شمالاً إلى صيدا وبيروت فاستعادها.

ثم عاد باتجاه غزَّة وعسقلان، كما استولى على نابلس وبيسان وأراضي الغور، وبذلك استعاد صلاح الدين ما حول بيت المقدس تمهيداً لحصار القدس.

وفي يوم الأحد الخامس عشر من رجبٍ سنة 583 هجرية، العشرين من أيلول/سبتمبر عام 1187 سار جيش صلاح الدين إلى القدس بعد أن رفده بعدد كبير من المتطوعين.

ونزل غرب القدس فمكث خمسة أيام، ثم وزع الفرق حول المدينة وقصد هو شمالها.

استعادة القدس صلحاً

قام الجيش بفتح ثغرة في الزاوية الشمالية الشرقية من السور وأضرم بها النيران فسقط البرج، ولمَّا رأى الفرنجة هذا التقدم أرسلوا إلى السلطان يطلبون الأمان فرفض.

عندها -وفق ابن كثير في البداية والنهاية وابن أثير في الكامل- هدَّد المتحصنون داخل القدس بإحراق المدينة وقتل الأسرى، فوافق صلاح الدين على الصلح.

ويقول ابن كثير في ذلك ما نصُّه:

"فلما شاهد الفرنج هذا الحادث المُقطِع، والخطب المؤلم لهم المُوجع، قصد أكابرهم السُّلطان وتشفَّعوا إليه بكلِّ إنسان أن يعطيهم الأمان.

فامتنع وقال: لا أفتحها إلَّا كما افتتحتموها عنوةً، ولا أترك فيها أحداً من النَّصارى إلا وقتلته كما قتلتم أنتم من كان بها من المسلمين".

فطلب صاحبها (أي صاحب القدس) باليان بن بارزان من السُّلطان الأمان ليحضر عنده فأمنه، فلما حضر ترقَّق له وتشفع إليه بكلِّ ما أمكنه فلم يجبه إلى الأمان لهم.

فقالوا: لئن لم تعطنا الأمان رجعنا فقتلنا كلَّ أسير من المسلمين في أيدينا -هم قريب أربعة آلاف- وقتلنا ذرارينا وخرَّبنا الدُّور والأماكن الحسنة وأتلفنا ما بأيدينا من أموال وألقينا قبة الصخرة.

ولا نُبقي ممكناً في إتلاف ما نقدر عليه وبعد ذلك نقاتل قتال الموت؛ فلا يُقتَل واحدٌ منَّا حتَّى يُقتل أعداد منكم... فماذا ترتجي بعد هذا الخبر؟.

فلما سمع السُّلطان ذلك أجاب إلى الصلح، على أن يبذل كلُّ رجل منهم عن نفسه عشرة دنانير، وعن المرأة خمسة دنانير، وعن كلِّ صغير وصغيرة دينارين.

ومن عجز عن ذلك كان أسيراً للمسلمين وأن تكون الغلات والأسلحة والدُّور للمسلمين، ويتحولوا منها إلى مأمنهم وهي مدينة صور...".

ختاماً... على الرغم أن معركة حطين وما تلاها من معارك صلاح الدين الأيوبي واتفاقياته لم تفضِ إلى التخلص من الوجود العسكري لمسيحيي أوروبا في الشرق.

إلَّا أنَّ هذه المعركة أعادت رسم خريطة الإمارات الصليبية وانتزعت من ملوك الحملات الصليبية أهم مراكز سلطتهم، وحقَّقت أهدافها العسكريَّة والسياسيَّة بدرجة ممتازة.

اشترك في قناة رائج على واتس آب لمتعة الترفيه