;

قصة حصان طروادة (Trojan horse)

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 06 فبراير 2022
قصة حصان طروادة (Trojan horse)

يقول المثل "ليس كل ما يلمع ذهباً"، وهذا ما حصل مع أهالي طروادة، حيث انخدعوا بالحصان الخشبي الكبير، وظنوا أن الإغريق تركوه كرمز لهزيمتهم وانتصار مملكة طروادة.. فما قصة هذا الحصان؟ ومن استخدمه وكيف؟ هذا ما سنجيب عنه في هذه المقالة.

فكرة حصان طروادة

صاحب فكرة حصان طروادة ملك من ملوك الإغريق أوديسيوس عاش في القرن الثاني عشر أو الثالث عشر قبل الميلاد (لا يوجد تاريخ محدد، على اعتبار أن حروب طروداة كان ينظر إليها كأسطورة إغريقية من وحي الخيال، قبل أن يتم اكتشاف آثارها في عام 1868 حيث وضع عالم الآثار الألماني هاينريش شليمان تاريخ تقريبي للوقت الذي حصلت فيه حروب طروادة في القرن الثاني عشر أو الثالث عشر قبل الميلاد، وذلك وفق ما ورد في كتاب (ديمودوكوس، أوديسيوس، وحرب طروادة في الأوذيسة (Demodocus, Odysseus, and the Trojan War in "Odyssey) للكاتب كليفورد برينيمان (Clifford Broeniman).

وتقوم الفكرة على صنع حصان كبير من الخشب؛ ليختبئ داخله الجنود، يوضع على باب المدينة المراد غزوها، ويتم التظاهر بأن الطرف الغازي قد ملّ من الحرب ويهم بالمغادرة، على أمل أن تصل هذه المعلومات إلى أهل المدينة، فيفتحون الباب ويأخذون الحصان كرمز لانتصارهم في الحرب، وفي الليل يخرج الجنود ويفتحون أبواب المدينة لتكون المعركة الأخيرة التي ينتصر فيها الغزاة على أصحاب المدينة.

هروب الملكة هيلين يشعل حرب طروادة

برزت فكرة حصان طروادة خلال حروب طروادة التي حصلت بين الإغريق (اليونان حالياً) من جهة، وطروادة (تقع طروادة في شمال غرب هضبة الأناضول الموجودة حالياً في تركيا) من جهة أخرى، حيث بدأت هذه الحرب في القرن الثاني عشر أو الثالث عشر قبل الميلاد إثر قيام ملكة إسبارطة الملكة هيلين بالهرب مع أمير طروادة باريس وفق ما ورد في كتاب "الإلياذة" لهوميروس.

فأقنع زوج هيلين الملك مينيلاووس شقيقه أغاممنون ملك ميسيناي (إحدى مدن اليونان) بقيادة حملة لاستردادها، فانضم أغاممنون إلى الحملة، حيث انطلقت الحملة عبر أسطول مكون من أكثر من ألف سفينة من جميع أنحاء العالم اليوناني، عبروا بحر إيجة إلى آسيا الصغرى لحصار مدينة طروادة، والمطالبة بإعادة الملكة هيلين، وعندما وصلوا إلى المدينة لم يستطيعوا دخولها، فحاصروها مدة عشر سنوات، وفشلوا في اقتحامها.

الإغريق يبنون حصان طروادة

بعد فشل الإغريق في اقتحام مدينة طروادة، ابتدع أحد ملوك الإغريق أوديسيوس الفكرة التي قام الجنود بتنفيذها على الفور، فصنعوا حصاناً كبيراً من الخشب ليختبئوا داخله، حيث استمروا في بنائه ثلاثة أيام بلياليها، بلغ طول ذلك الحصان مئة وثمانية أمتار، ووصل وزنه إلى ثلاثة أطنان، وتم فتح مسارات عن طريق الفم كي يدخل الهواء إلى الداخل ويتنفس الجنود الذين سيدخلون هذا الحصان.

ودخل فيه جنود مدججين بالسلاح، ونصبوا الحصان على أبواب مدينة طروادة، حيث تقوم خطة أوديسيوس على ترك رجل واحد (سينون) خارج الحصان، سيقول هذا الرجل لأهالي طروادة أن الإغريق تخلوا عنه، وتركوا الحصان كهدية لطروادة، حيث نقش الإغريق على الحصان عبارة "للعودة إلى ديارهم، الإغريق يقدمون هذا العرض إلى الإلهة أثينا".

ثم قام الإغريق بإحراق خيامهم وذهبوا إلى سفنهم وجلسوا فيها لإقناع أهالي طروادة بأنهم راحلون، وبقي الجندي الإغريقي سينون عند الحصان ليتأكد من أن أهالي طروادة سيدخلون الحصان إلى الداخل، وفي حال نجاح الخطة يعود الجنود الإغريق إلى محيط طروادة تمهيداً لدخلوها ليلاً بحسب الخطة.

شكوك الملكة هيلين وابنة ملك طروادة بحصان طروادة

بعد وضع الخطة تمكن أوديسيوس من التسلل إلى مدينة طروادة بثياب شحّاز وقابل الملكة هيلين في قصر أمير طروادة وأخبرها بخطة الإغريق لدخول المدينة، وطلب منها ألا تخبر أحد شيئاً حتى يخرج سالماً من طروادة، وذلك وفق ما ورد في رواية الأوذيسة لهوميروس.

واستغلت الملكة هيلين وجوده لتخبره بأنها اختطفت ولم تهرب مع الأمير باريس وذلك للتنصل من موضوع هربها مع أمير طروادة، وعندما نفّذ الإغريق الخطة سعت الملكة هيلين جاهدةً لإقناع أهالي طروادة بأن الحصان خدعة، وقامت بالاقتراب من الحصان ومناداة الجنود الإغريق بأسمائهم، حيث كادوا يردون عليها غير أن أوديسيوس قام بإغلاق فم كل من أراد الرد عليها.

وهكذا التزم الجنود الإغريق الموجودون داخل الحصان الصمت، وبالتالي فشلت في إقناع أهالي طروادة بما تقول، حيلة الحصان لم تنطلِ أيضاً على كساندرا ابنة ملك طروادة التي كانت تعتقد أن الحصان مؤامرة وأن الإغريق يحاولون خداع أهالي طروادة ليكون هذا الحصان سبباً لسقوط المدينة والقضاء على عائلتها المالكة.

أهالي طروادة يدخلون الحصان إلى مملكتهم

لم يصدق أهالي طروادة بمن فيهم الملك أن يكون حصان طروادة مجرد خدعة من الإغريق، وصدقوا رواية الجندي الإغريقي سينون الذي قال لهم أن الإغريق تركوا الحصان كعربون اعتذار للإلهة أثينا لأنهم دنسوا معبدها، وكي تضمن لهم الإلهة أثينا أنهم سيعودون إلى بلادهم آمنين، فقام أهالي طروادة بإدخال الحصان إلى المدينة كرمز لانتصارهم في الحرب على الإغريق، ونظموا الاحتفالات في المدينة باعتبارهم منتصرين، فيما كان الجنود الإغريق مختبئين داخل الحصان منتظرين الليل بفارغ الصبر.

الإغريق يدخلون مدينة طروادة من خلال حصان طروادة

وما إن حل الليل حتى خرج الجنود الإغريق من الحصان وكان يقدر عددهم بتسعة وثلاثين رجلاً هم: (أوديسيوس، Acamas، Agapenor، Agapenor، Amphidamas، Amphimachus ، Anticlus، أنتيماشوس، Antiphates، Calchas، Cyanippus، Demophon،ديوميديس، Echion ، Epeius Eumelus، Euryalus،Eurydamas، Eurymachus، Eurypylus، Ialmenus، Idomeneus، Iphidamas، Leonteus، Machaon، مينيلوس، Menestheus، Meriones، نيوبتوليموس، Peneleos، فيلوكتيتيس، Podalirius، Polypoetes، Sthenelus، Teucer، Thalpius ، Thersander، Thoas، Thrasymedes).

وذهبوا إلى الأبواب وفتحوها بعد أن قتلوا حراسها، فدخل الجنود الإغريق مدينة طروادة بقيادة أخيل قائد حرب طروادة (وهو ابن ملك فيثا إحدى مدن الإغريق)، واحتلوها واستباحوها نهباً وقتلاً وسلباً، ولم ينجُ من سكانها إلا القليل، وبذلك انتهت حروب طروادة في القرن وعادت الملكة هيلين إلى الملك مينيلاووس بعد قتل الأمير باريس الذي هربت معه وفق ما ذكره الكاتب الإغريقي هوميروس في كتابه (الإلياذة).

فيروس حصان طروادة يختبئ في برنامج مرغوب

تعد حيلة حصان طروادة من أذكى الحيل في التاريخ، ورغم مرور قرون عديدة على ظهورها وانتهائها، لم تمت هذه القصة مع فناء مملكة طروادة، بل على العكس بقيت مستمرة حتى اليوم، حيث تم ابتكار فيروس يستند إلى مبدأ فكة حصان طروادة، وهي إظهار شيء وإخفاء أشياء، عملاً بالمثل القائل: "كمن يدس السم في الدسم".

فمع ظهور الكمبيوتر ظهرت الفيروسات، من بينها فيروس يختبئ في برامج محببة ومرغوبة (كأغنية معروفة، فيديو مشهور ومثير، كتاب معروف .. إلخ) لدى المستخدمين الذين يحملون هذه البرامج للاستمتاع بها فإذا بالفيروس يدخل أجهزة الكمبيوتر لديهم ويخربها من دون أن يدروا، لذلك أطلق على هذا النوع من الفيروسات فيروس حصان طروادة.

ما هي الأضرار التي يسببها فيروس حصان طروادة

ما أن يتم تحميل البرنامج الحاوي على فيروس حصان طروادة، حتى يبدأ عمله في تخريب الكمبيوتر من خلال:

  • تدمير جهاز الكمبيوتر.
  • تعديل أو حذف الملفات.
  • إتلاف البيانات.
  • إيقاف عمل أي برنامج لمكافحة الفيروسات.
  • حظر أي عملية تثبيت لبرامج جديدة.
  • تنسيق الأقراص (حذف محتوياتها)، وتدمير جميع المحتويات.
  • التجسس على أنشطة المستخدم والوصول إلى المعلومات الحساسة.
  • سرقة البيانات.
  • سرقة الأموال المودعة في الحساب المصرفي.
  • السيطرة على الكمبيوتر والتحكم به عن بعد.

كيفية الوقاية من حصان طروادة

يمكن الوقاية من فيروس حصان طروادة من خلال تجنب تحميل الملفات المجهولة المصدر، وعند فتح الروابط التي تطلب مواقع مجهولة فتحها (على سبيل المثال: قد تطلب مشاهدة حلقة من برنامج أو مسلسل، وعندما تفتح الفيديو يطلب منك أن تضغط رابط جديد، هنا عليك الحذر لربما يكون متضمناً فيروس حصان طروادة).

في الختام.. لا شك أن حصان طروادة الذي اخترعه الإغريق في القرن الثامن قبل الميلاد كان فكرة ذكية، لكن سبب نجاحها الرئيسي هو إقناع الأعداء بأنه رمز لنصرهم المزعوم، لتكون بداية النهاية لمملكة طروادة، أي نجاحها اعتمد على براءة (إن صح التعبير) أهالي طروادة، وعدم إدراكهم أن هذا الحصان هو مجرد فخ لإيقاع الهزيمة بهم، وتحقيق ما عجز عن تحقيقه الإغريق في عشر سنوات من الحصار لمملكتهم.

اشترك في قناة رائج على واتس آب لمتعة الترفيه