;

رغم اختلافنا: أصوات نتفق جميعًا على كرهها أو النفور منها

  • تاريخ النشر: الجمعة، 17 ديسمبر 2021
رغم اختلافنا: أصوات نتفق جميعًا على كرهها أو النفور منها

لا بُدّ وأن هناك الكثير من الأصوات التي تزعجك، تجعلك تعطي ردة فعل سلبية لما تسمعه، طبعًا ردة فعلك هذه تكون لا إرادية؛ بمعنى أنت لا تفتعل اشمئزازك، ولكن كلّ ما في الأمر أن لهذا الصوت تأثير سلبي على مسامعك يجعلك تريد أن ينتهي فورًا، حالًا. في هذا المقال، سندرج قائمة بالأصوات التي نتفق جميعًا على كرهها أو النفور منها، ولمَ نتّفق على النفور منها تلقائيًا؟ العلم يجيب.

أصوات نكرهها جميعًا

أوّل صوت قد نتفق جميعًا على كرهنا له، هو صوتنا!

لا شكّ أنّك شعرت بهذا الإحساس من قبل، شعرت بالكره تجاه صوتك في التسجيلات الصوتية، لأنك تراه عاديًا عندما تتحدث مع أحدٍ ما وجهًا لوجه، بينما يتغير شعورك تمامًا عندما تقوم بتسجيل صوتٍ لهذا الشخص، تتساءل: "هل هذا فعلًا أنا مَن يتكلّم؟ لمَ يصبح صوتي نشاز هكذا في التسجيلات؟ أوه، كيف يسمعني الآخرون؟ هل صوتي هو كما أسمعه بينما أتكلّم أم كما أسمعه في التسجيلات؟"

لا يحبّ معظم الناس سماع صوتهم في التسجيلات الصوتية، لأن جميعهم مثلك، يشعرون ببشاعة صوتهم في التسجيلات لأنها مختلفة عن أصواتهم في الواقع، أو مختلفة عن كيف يسمعونها في الواقع. تبدو الأصوات مختلفة في الواقع عن التسجيلات بالنسبةِ لنا، لأننا ببساطة وعندما نتحدث جهرًا وأمام أحدهم، تهتز أصواتنا داخليًا بالنسبة لنا، وتنتقل مباشرةً إلى أذننا الداخلية، فهذا يعطينا فرصة لسماعها من الداخل وليس كمراقب خارجي، وكأننا نمتص بعض الصوت، ولذا يبدو صوتنا أعمق بالنسبة لنا مقارنةً بما يسمعه الآخرين منّا.

أما عندما نسجّل تسجيلًا بصوتنا ونريد سماعه، نشغّل التسجيل، فينتقل صوتنا من التسجيل عبر الهواء وثم عبر قناة الأذن، قبل أن يصل إلى الأذن الداخلية، فيكون بتردّدٍ أعلى من التردد الذي يشكّله عندما نتحدث بشكل مباشر، لذا نسمعه مثلما يسمعه غيرُنا، الصوت الخام تمامًا. إذًا باختصار، كلنا نكره صوتنا لأننا نتحدث بشكل فوري أكثر بكثير من التسجيلات، فنحن معتادون على صوتنا عندما نتحدث، لا عندما نستمع إليه. [1]

صوت كشط سكين على زجاجة: صُنّف أنه الصوت الأكثر إزعاجًا في العالم

في استطلاعٍ حول أكثر الأصوات التي ننفر منها، جمع باحثون من جامعة نيوكاسل 13 متطوعًا، ودرسوا كيفية تفاعل أدمغتهم بعد عرض مجموعة مكونة من 74 صوت مختلف على مسامعهم، حيث وُضع المتطوعون في أجهزة تصوير بالرّنين المغناطيسي لملاحقة ما يحدث في الدماغ اثناء استقبال الصوت، وكانت النتيجة وبحسب جهاز التصوير، أن صوت تمرير السكين على الزجاج هو الصوت الأكثر إزعاجًا في العالم.

المثقب الكهربائي وأداة الجلخ

دائمًا من نهرب من الأمكنة التي يوجد فيها مثقب كهربائي، وأحيانًا، لا نستطيع الهروب، عندما يكون العمل فيه في البناء الذي بجانبنا، وخاصةً إذا بدأ العمّال الثقب في الساعة الثامنة صباحًا! أن تستيقظ على صوت المثقب هو أمرٌ مزعج، وبغض النظر عن الوقت من اليوم، هذا التلوّث الضوضائي وخاصةً الذي يحدث في الدول المتنامية كونها أكثر عمارًا، يؤدي إلى "شيخوخة الآذان" قبل أوانها، ما يهدد صحّة سمعنا، لذا نكره هذا الصوت، وترى ردّة فعل الشخص على ملامح وجهه عندما يعمل المثقب. كذلك الأمر بالنسبة لأداة الجلخ.

الفوفوزيلا (Vuvuzela)

تعرف آلة الفوفوزيلا مهتمّو الرياضة والأحداث الرياضية، وإذا كنت من المشجّعين في الأحداث الرياضية، فستعرف الإزعاج الذي تسببه هذه الآلة. آلة الفوفوزيلا هي آلة نفخ تصدر نغمة عالية، ينفخ فيها المشجعون في الأحداث الرياضية احتفالًا بالفريق الفائز، ولكن حتى لو كان فريقك المفضل فائزًا، لنواجه الأمر، صوت الفوفوزيلا يجلب التوتر، يُعتبر منفّرًا بسبب حدته، وهو مكروه.

صوت المسامير أو الأظافر أو الطباشير على السبورة

لا بدّ أنك جرّبت ولو لمرة تشطيب السبورة بدبوس أو مسمار، وقد لا يكون الصوت الناتج عن ذلك قويًا، ولكن دعنا نتفق أنه مزعج جدًا، ويجعل الجسم يرتعش وينكمش على نفسه، أعضاء الجسم تنكمش ويصبح كما لو أننا نريد أن ينتهي ذلك فقط، كأنه عذابٌ تام. وكذلك الأمر بالنسبة للأظافر، جرّب – إذا لم يصادفك الموقف قبل – أن تمرّر أظافرك على السّبورة، ستنفر فورًا، وتتوقف.

بعد تحليل العلماء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لهذا الموضوع، وُجد أن الأصوات ذات الحدّة الشديدة الناتجة عن الترددات العالية، والخشونة الناتجة عن تذبذب شدّة تردد الصوت، مثل الأصوات الناتجة عن تمرير أضافر أو مسمار أو دبوس على السبورة، وبعض أنواع الطباشير أيضًا، هي أصوات منفّرة ومكروهة، وصُنفت كأكثر الأصوات المزعجة في العالم.

الصّراخ في بعض المواقف

قد لا يكون صوت الصراخ مزعجًا إلى حدٍّ كبير، ولكنه في بعض المواقف يكون مؤلمًا ومزعجًا نعم. صوت صراخ شخصٍ قد فقدَ آخرًا عزيزًا عليه، أو صوت صراخ مريضٍ يتألم في فراشه، هنا نشعر أن الصّراخ ليس لمجرّد الصوت العالي، إنما ينمّ عن ألمٍ وهو ربما ما يشعرنا بالضّيق، والطاقة السلبية التي يحملها تجعلنا نكرهه.

بكاء الأطفال

صحيحٌ أن أغلبنا يحب الأطفال ومداعبتهم، ويتحمّل منهم الإزعاجات الكثيرة خاصة الآباء والأمهات، ولكن صوت بكاء بعض الأطفال يمكن أن يكون مزعجًا تمامًا، يختلف الأمر بحسب طبيعة بكاء كل طفل، ولكن عمومًا، يثير بكاء الأطفال القلق لدى أي مستمع، حتى الأب والأم، ومن المستحيل تجاهل الصوت، لأن هذا الصوت يُسجّل في عقلنا كإشارة استغاثة، خاصة أنه بكاء طفل فهو شيء عاطفي بشكل كبير، نشعر وكأننا نتمزّق على بكاء الطفل، وذلك مزعج حتى في حال كان الطفل لا يمتُّ لنا بأي صلة، لذا نحاول وضع أصابعنا في آذاننا لإخفاء حدة الصوت.

لمَ تسبب الأصوات السابقة لنا إزعاجًا؟

توصّل العلماء إلى سبب إثارة الأصوات السابقة الذكر لردة الفعل العنيفة منّا، وهو أن عند سماعنا لإحدى تلك الأصوات، فتتفاعل القشرة السّمعية في دماغنا مع اللوزة؛ والتي تعتبر المنطقة من الدماغ المرتبطة بالعمليات العاطفية، وينتجُ عن تفاعلهما استجابة سلبية. تعالج القشرة السمعية الصّوت، بينما تهتم اللوزة بمعالجة المشاعر، سواء خوف أو سعادة أو غضب، وهنا عندما نسمع إحدى الأصوات السابقة المزعجة، تتحسس اللوزة تلك الأصوات بشدة – كون عتبة تلك الأصوات شديدة - وتزيد من إدراكنا لذلك الصوت السلبي، وهذه الزيادة في الإدراك تتسبب في حزن وانزعاج الكائن الحي، لذا يربط دماغ الكائن الذكريات المشكّلة لهذا الصوت بالانزعاج والنفور والكراهية، ونصبح متى ما سمعنا الصوت ذاته، نشمئز تلقائيًا.

في العموم، يمكن للشخص الطبيعي سماع الترددات الصوتية بين 20-2000 هرتز، ولكن وفقًا لدراسة نشرتها مجلة علم الأعصاب (Journal of Neuroscience)، فإن الأصوات التي تتراوح تردداتها بين 2000-5000 هرتز، لا تناسب البشر، أو تُعتبر مزعجة بالنسبة لهم، ولسوء الحظ، فعند عتبة أو نطاق هذه الترددات بالذات، تكون آذاننا أكثر حساسية للصوت.

في تلك الدراسة، تم اختبار 74 صوت لضوضاء شائعة السمع على عدد من المتطوعين، وطبعًا شمل الاختبار مراقبة نشاط دماغ هؤلاء أثناء لحظات سماعهم لتلك الأصوات، وكانت النتيجة نشاطًا أكبر في اللوزة الدماغية والقشرة السمعية، مقارنةً بأنواع الأصوات الأخرى غير المنفّرة. التفسير يمكن في استجابة جسم الإنسان عمومًا للضجيج، فعندما نسمع ضجيج مزعج، سيكون ردّ فعلنا فيزيائيًا تلقائيًا، وهذا يرجع كما قلنا إلى حقيقة تحكّم اللوزة في هذا الموضوع.

تتضمن استجابة اللوزة تنشيط الانقسام الودي للجهاز العصبي المحيطي، وهو ما ينجم عنه جسميًا تسارع معدل ضربات القلب وتوسّع حدقة العين، وزيادة تدفّق الدّم إلى العضلات، وهي أنشطة تحصل عندما نستشعر الخطر، فتكون ردّة فعلنا لا إرادية، وفي مثل تلك الأصوات، نشعر بإحساس مزعج كريه.

هل تعلم أن من أكثر الأصوات التي نتفق على كرهها وتزعجنا أيضًا، هو صوت خط الهاتف عندما يكون مشغولًا؟ بالتأكيد لا دخل لذلك بالترددات الصوتية، ولكنها حالة صوتيّات نفسية: نريد أن نتصل بهذا الشخص الآن، نريده على عجل، فيصادف خط الهاتف مشغولًا، جميعنا نتأفّف في تلك اللحظة، ونشعر أن الوقت يمضي ببطء، ونكره عندما نعيد التجربة ونلقاه مشغولًا، إلى أن يعلّق الخط، هنا نُفرَج. [2]

اشترك في قناة رائج على واتس آب لمتعة الترفيه