;

حرب الفوكلاند (Falklands War)

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 06 فبراير 2022
حرب الفوكلاند (Falklands War)

شكلت جزر الفوكلاند مسرحاً للصراع بين بريطانيا والأرجنتين، حيث دام الصراع مدة عشرة أسابيع، بدأت عندما غزت الأرجنتين جزر الفوكلاند، وانتهت باستعادة بريطانيا السيطرة على هذه الجزر التي يعود الفضل لأول مستوطنة فيها للفرنسيين ثم تعاقب عليها الإسبان فالبريطانيون فالأرجنتينيون لتصبح هذه الجزر تحت السيطرة البريطانية .. فما هي هذه الحرب؟ كيف نشأت؟ وكيف انتهت؟ ما المقصود بجزر الفوكلاند؟ من اكتشفها؟ ومن تعاقب عليها؟ هذا ما سنجيب عنه في هذه المقالة.

حرب جزر الفوكلاند بين بريطانيا والأرجنتين

تعرف حرب الفوكلاند باللغة الإنجليزية باسم (Falklands War) وهي الحرب التي اندلعت بين بريطانيا والأرجنتين في عام 1982 نتيجة غزو الأرجنتين لجزر الفوكلاند الواقعة في المحيط الهادي (وهي جزر متنازع عليها مع بريطانيا)، فكلا الدولتين تدّعيان السيادة على هذه الجزر، ولكن بالنهاية انتصرت بريطانيا على الأرجنتين واستعادت سيطرتها على الجزر.

من هي الدول المشاركة في حرب الفوكلاند؟

إضافةً للطرفين الأساسيين في الحرب الأرجنتين وبريطانيا، فقد وقفت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والجماعة الاقتصادية الأوروبية مع بريطانيا ضد الأرجنتين وفرضت عليها عقوبات اقتصادية، في المقابل وقفت كل من دول أمريكا اللاتينية وبعض أعضاء حركة عدم الانحياز مع الأرجنتين ضد بريطانيا.

خلفيات حرب الفوكلاند

عانت الأرجنتين عشية حرب الفوكلاند من ركود في الوضع الاقتصادي، وخاصة بعد نقل السلطة بين الدكتاتوريين العسكريين الجنرال خورخي رافائيل فيديلا والجنرال روبرتو إدواردو فيولا في أواخر شهر آذار/ مارس عام 1981، كما عانت من اضطرابات مدنية واسعة النطاق ضد المجلس العسكري الذي كان يحكم البلاد منذ عام 1976.

وفي شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 1981�� حدث تغيير آخر في النظام العسكري الأرجنتيني، مما أدى إلى تشكيل مجلس عسكري جديد يرأسه الجنرال ليوبولدو غالتيري (الرئيس بالنيابة) والعميد باسيليو لامي دوزو والأدميرال خورخي عنيا، وهو مؤيد للحل العسكري للمطالبة التي طال أمدها لجزر الفوكلاند، على اعتبار أن بريطانيا من وجهة نظره لن ترد عسكرياً أبداً.

وسعت الأرجنتين من خلال غزوها لجزر الفوكلاند إلى حشد الرأي العام الأرجنتيني إلى جانب الحكومة، بالتالي تحويل انتباه الرأي العام عن المشاكل الاقتصادية المزمنة في البلاد، مما يسهم في تعزيز شرعيتها.

بريطانيا والأرجنتين عشية حرب الفوكلاند

ازداد التوتر المستمر بين بريطانيا والأرجنتين على جزر الفوكلاند في التاسع عشر من شهر آذار/ مارس عام 1982 عندما رفعت مجموعة من تجار الخردة الأرجنتينية (الذين تسللوا بالفعل من مشاة البحرية الأرجنتينية) العلم الأرجنتيني في جزيرة جورجيا الجنوبية (إحدى جزر الفوكلاند)، وهو عمل يعتبر لاحقاً أول عمل هجومي في الحرب، وأرسلت سفينة دورية تابعة للبحرية الملكية البريطانية همس إندورانس من ستانلي إلى جورجيا الجنوبية رداً على ذلك، مما أدى في وقت لاحق إلى غزو القوات الأرجنتينية لجورجيا الجنوبية (وهي إحدى جزر الفوكلاند) في الثالث من شهر نيسان/ أبريل عام 1982.

الغزو الأرجنتيني لجزر الفوكلاند والرد البريطاني على الغزو

غزت القوات الأرجنتينية جزر الفوكلاند في الثاني من شهر نيسان/ أبريل عام 1982، وتمكنت من احتلالها بعد مواجهة الحامية البريطانية في الجزر والتغلب عليها، فردت بريطانيا التي كانت تتزعمها مارغريت تاتشر بإرسال قوات بحرية إلى الجزر لاستعادتها من الأرجنتين.

جزر الفوكلاند في مجلس الأمن

وفي مساء الثالث من شهر نيسان/ أبريل عام 1982 قدم سفير الأمم المتحدة في المملكة المتحدة السير أنتوني بارسونز مشروع قرار إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وقد تبنى المجلس القرار رقم 502 الذي أدان الأعمال العدائية وطالب الأرجنتين بالانسحاب الفوري من الجزر، وحظي القرار بتأييد عشرة أصوات ضد صوت واحد (بنما) وامتناع أربعة عن التصويت، هم: (الصين، الاتحاد السوفيتي، بولندا، إسبانيا).

غزو بريطانيا لجزر الفوكلاند

وفي السادس من شهر نيسان/ أبريل عام 1982 أنشأت الحكومة البريطانية مجلساً للحرب للإشراف على الحرب بشكل يومي، حيث تتمثل مهمتها في "إبقاء التطورات السياسية والعسكرية المتصلة بجنوب المحيط الأطلسي قيد الاستعراض، وتقديم تقرير حسب الاقتضاء إلى لجنة سياسات الدفاع والخارج"، حيث كان عدد القوات البريطانية في جزر الفوكلاند ثمانية وعشرين ألف جندي وأكثر من مئة سفينة، وكان لدى الأرجنتين اثنا عشر ألف جندي مجند بشكل رئيسي في جزر فوكلاند وحوالي أربعين سفينة.

وكانت قوتها الجوية الفائقة محدودة بسبب بعد الجزر عن بريطانيا، وفي الرابع والعشرين من شهر نيسان/ أبريل عام 1981 قامت القوات البريطانية ببدء الهجوم الجوي على الجزر، الذي استمر حتى الأول من شهر أيار/ مايو عام 1981 حيث رفضت الأرجنتين محاولات الأمم المتحدة للتوسط من أجل السلام.

وقد قدم الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك بيريز دي كوييار في الثامن عشر من شهر أيار/ مايو عام 1982، وجهة النظر البريطانية التي تقول: بأن يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بالإشراف على الانسحاب المتبادل للقوات الأرجنتينية والبريطانية، ثم يحكم الجزر بالتشاور مع المؤسسات التمثيلية للجزر، بما في ذلك الأرجنتينيين.

ولم تتضمن وجهة نظر بريطانيا لحل النزاع أي إشارة إلى "حق تقرير المصير" لسكان الجزر واقترح البريطانيون أن تجري الأمم المتحدة مفاوضات مستقبلية بشأن سيادة الجزر، وبعد رفض الأرجنتين للاقتراح البريطاني، بدأ أول هبوط عسكري بريطاني في سان كارلوس في الحادي والعشرين من شهر أيار/ مايو عام 1982، وكانت الخطة هي شن هجمات من هناك على أوز غرين وستانلي.

استمرت معركة غوس غرين ليلاً ونهاراً، وكان عدد الجنود البريطانيين أكثر من الأرجنتينيين بكثير، فانتصر البريطانيون في هذه المعركة، ونتيجة لذلك واصلت القوات البريطانية تقدمها داخل الجزر، ومع اختراق دفاعاتهم، استسلم الأرجنتينيون وفي الرابع عشر من شهر حزيران/ يونيو عام 1982.

نتائج حرب الفوكلاند

انتهت حرب الفوكلاند رسمياً في الرابع عشر من شهر حزيران/ يونيو بانتصار بريطانيا على الأرجنتين عام 1982، حيث توفي 649 عسكرياً أرجنتينياً و 255 عسكرياً بريطانياً وثلاثة من سكان جزر فوكلاند، وأدت هذه الحرب إلى ازدياد شعبية رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر، كما استعاد سكان جزر الفوكلاند الجنسية البريطانية في عام 1983 التي كان قد توقف العمل بها إثر غزو الأرجنتين للجزر، كما عادت الاستثمارات إلى الجزر ما ساهم في تحسن الوضع الاقتصادي هناك.

وفي عام 1985 وضع دستور جديد لجزر الفوكلاند منح على أساسه سكان الجزر الحكم الذاتي تحت السيادة البريطانية، أما الأرجنتين فبعد خسارتها حرب الفوكلاند تغير نظام الحكم فيها وأجريت انتخابات في عام 1983، وهي أول انتخابات عامة حرة منذ عام 1973، كما كان لها تأثير اجتماعي كبير، مما دمر صورة الجيش بأنه "الاحتياطي الأخلاقي للأمة" التي حافظوا عليها من خلال معظم القرن العشرين.

الموقع الجغرافي لجزر الفوكلاند

حرب الفوكلاند (Falklands War)

جزر الفوكلاند هي أرخبيل يقع في جنوب المحيط الأطلسي، وتقع الجزر الرئيسية على بعد أربعمئة وثلاث وثمانين كيلو متراً شرق ساحل باتاغونيا الجنوبي في جنوب أمريكا، وتضم جزر الفوكلاند التي تبلغ مساحتها اثنا عشر ألف كيلومتر مربع شرق فوكلاند وفوكلاند الغربية وسبعمئة وست وسبعون جزيرة أصغر.

وتشمل الأنشطة الاقتصادية الرئيسية لهذه الجزر كل من: (صيد الأسماك، السياحة، تربية الأغنام، مع التركيز على صادرات الصوف عالية الجودة)، وفي الدورة العشرين للجمعية العامة للأمم المتحدة أي في عام 1965 قررت الأمم المتحدة اعتماد اسم جزر الفوكلاند كاسم لهذا الأرخبيل.

إكتشاف وتقاسم جزر الفوكلاند

أول من اكتشف جزر الفوكلاند القبطان البريطاني جون سترونغ، الذي كان في طريقه إلى ساحل بيرو وشيلي في عام 1690، لكن الجزيرة لم تكن مأهولة، وبقيت كذلك حتى عام 1764 حيث أنشأ النقيب الفرنسي لويس أنطوان دي بوغانفيل مستعمرة فرنسية هناك وأطلق عليها اسم (جزر مالوين الفرنسية).

وفي عام 1766 استجابت فرنسا للمطالبات الإسبانية بجزر الفوكلاند وسلمتها لها، فأطلقت إسبانيا على الجزر اسم (جزر مالفيناس)، وفي العام التالي بدأت المشاكل عندما اكتشفت إسبانيا ميناء إيغمونت في الجزر واستولت عليه في عام 1770، فقامت إسبانيا بتقاسم السيطرة على الجزر مع بريطانيا في عام 1771 لتجنب الحرب معها على الجزر.

جزر الفوكلاند من السيطرة البريطانية الإسبانية إلى السيطرة الأرجنتينية

تعايش المستعمرين البريطاني والإسباني في جزر الفوكلاند حتى عام 1774، فانسحبت منها بريطانيا لأسباب اقتصادية، وتركت خلفها لوحة تشير إلى جزر فوكلاند للملك جورج الثالث، وأصبحت إسبانيا هي المسيطرة على جزر الفوكلاند، في حين بقي القسم الغربي من جزر الفوكلاند مهجوراً.

وفي خضم الغزوات البريطانية لريو دي لا بلاتا خلال الحروب النابليونية في أوروبا، قام حاكم الجزر بإجلاء جزر الفوكلاند في عام 1806؛ كما انسحبت الحامية الاستعمارية الإسبانية من الجزر في عام 1811، وبعد ذلك، لم تزر جزر الفوكلاند إلا سفن الصيد؛ ولم يكن هناك صراع على سيادة هذه الجزر.

وفي عام 1816 طالبت الأرجنتين بالجزر بعد استقلالها أي الأرجنتين عن إسبانيا، وبما أن الجزر ليس لها سكان دائمون، فقد سمحت الأرجنتين للألماني المولد لويس فيرنيت بإقامة أنشطة صيد الأسماك واستغلال الماشية في جزر الفوكلاند في عام 1823، فاستقر فيرنيت في هذه الجزر في عام 1826.

وهو ما جلب المستوطنين لإقامة مستعمرة دائمة، فعينته الأرجنتين قائداً مدنياً للجزر في عام 1829، حيث حاول لويس فيرنيت وقف أنشطة البحارة الأجانب، استمر مشروع فيرنيت حتى النزاع حول حقوق الصيد مع الولايات المتحدة الأمريكية ما أدى إلى غارة من قبل الحربية الأمريكية في عام 1831، وأعلن قائد البحرية الأمريكية سيلاس دنكان حل حكومة الجزيرة.

جزر الفوكلاند مستعمرة تابعة للتاج البريطاني ابتداءً من عام 1840

حاولت الأرجنتين إبقاء نفوذها على المستوطنة من خلال تثبيت حامية لها هناك، ولكن تمرداً حصل هناك في عام 1832 أعقبه في العام التالي أي عام 1833 وصول القوات البريطانية التي أعادت تأكيد حكم بريطانيا للجزر، فاحتجت الحكومة الأرجنتينية على التصرفات البريطانية وسيطرتها على الجزيرة.

وبعد استقرار الأوضاع في جزر الفوكلاند بفترة غادرت القوات البريطانية الجزر من دون تعيين حكومة، فعاد لويس فيرنيت لحكم الجزيرة فاندلعت الاضطرابات من جديد ضد الحاكم، فعادت بريطانيا وسيطرت عليها من جديد في عام 1840، وأصبحت مستعمرة بريطانية تابعة للتاج البريطاني.

في الختام.. شكلت جزر الفوكلاند مثار صراع قديم بين القوى الأوروبية قبل أن تتمكن بريطانيا من السيطرة عليها، في المقابل قرب الجزر من الأرجنتين جعل الأخيرة تطالب بسيادتها عليها، ونتيجة لذلك غزت الأرجنتين الجزر لكن القوات البريطانية تمكنت من استعادتها وفرض سيطرتها عليها من جديد؛ ليكون الخاسر الأكبر في هذه المعركة هو الأرجنتين.