;

جزر مهجورة كانت تستخدم كمستعمرات للمجرمين أو المرضى

  • تاريخ النشر: منذ يومين زمن القراءة: 3 دقائق قراءة آخر تحديث: منذ يوم
جزر مهجورة كانت تستخدم كمستعمرات للمجرمين أو المرضى

بعيدًا عن ضجيج المدن المأهولة، تقبع جزر معزولة حملت يومًا أثقل قرارات البشر وأكثرها قسوة. لم تكن هذه الجزر ملاذًا طبيعيًا، بل تحوّلت في فترات مختلفة إلى مستعمرات للنسيان، عُزل فيها المجرمون والمرضى باسم الأمن أو الخوف من العدوى. هناك، حيث يفصل البحر الإنسان عن العالم، كُتبت قصص من الألم والعزلة، ثم أُغلقت الصفحات فجأة، تاركة خلفها أماكن مهجورة تشهد على زمن اعتقد فيه البشر أن العزل حل، وأن الإقصاء أهون من المواجهة.

جزر مهجورة كانت تستخدم كمستعمرات للمجرمين أو المرضى

أماكن عزلها الخوف… ثم نسيها التاريخ

بعيدًا عن خرائط السياحة، وفي أطراف البحار والمحيطات، تقبع جزر مهجورة تحمل تاريخًا ثقيلًا من العزلة والعقاب والمعاناة الإنسانية. هذه الجزر لم تكن يومًا مجرد أراضٍ نائية، بل استُخدمت في فترات مختلفة كمستعمرات للمجرمين، أو كمحاجر صحية لمرضى اعتُبروا خطرًا على المجتمع. ومع تغيّر المفاهيم الطبية والقانونية، تُركت هذه الجزر خلفها قصصًا مظلمة، وأبنية خاوية، وذاكرة لا تزال تثير الرهبة.

لماذا استُخدمت الجزر للعزل القسري؟

اعتمدت السلطات في القرون الماضية على الجزر كحل مثالي للعزل، مستفيدة من الطبيعة الجغرافية التي تمنع الهروب، وتُقلّل الاحتكاك بالعالم الخارجي. كانت الجزر تُستخدم لعزل السجناء الخطرين، أو المرضى المصابين بأمراض معدية مثل الجذام والطاعون، في زمن لم تكن فيه وسائل العلاج أو الاحتواء متقدمة.
العزل لم يكن إنسانيًا بقدر ما كان إجراءً وقائيًا قاسيًا، يُقصي الأفراد خارج المجتمع دون أمل حقيقي في العودة.

جزيرة روبن: سجن تحوّل إلى رمز

تُعد جزيرة روبن في جنوب إفريقيا من أشهر الجزر التي استُخدمت كسجن معزول. احتجزت السلطات الاستعمارية، ولاحقًا نظام الفصل العنصري، سجناء سياسيين ومجرمين خطرين في ظروف قاسية.
ورغم أنها لم تُهجر تمامًا اليوم، فإن تاريخها يعكس كيف تحوّلت الجزر من أدوات للعقاب والنسيان إلى شواهد على الظلم والعزلة القسرية.

جزيرة سبينالونغا: منفى مرضى الجذام

في اليونان، استُخدمت جزيرة سبينالونغا كمستعمرة لمرضى الجذام حتى منتصف القرن العشرين. نُقل المرضى إليها قسرًا، وقُطع اتصالهم بالعالم الخارجي، في وقت كان المرض يُنظر إليه بخوف وخرافات أكثر من كونه حالة طبية.
بعد اكتشاف العلاج، أُغلقت المستعمرة، وتحولت الجزيرة إلى مكان مهجور، لا يسكنه سوى الأطلال وذكريات الألم.

جزيرة نورث براذر: عزلة المرض والخوف

تقع جزيرة نورث براذر قرب مدينة نيويورك، وكانت تُستخدم لعزل المصابين بأمراض معدية مثل التيفوئيد. اشتهرت بقصة امرأة لُقّبت بـ"ماري التيفوئيد"، التي عاشت معزولة لسنوات طويلة خوفًا من نقل العدوى.
اليوم، الجزيرة مهجورة تمامًا، وممنوع دخولها، وتبقى مثالًا على كيف يمكن للخوف الصحي أن يبرر عزلة إنسانية طويلة الأمد.

جزر العقاب الاستعماري: السجن خارج العالم

في فترات الاستعمار، استُخدمت جزر نائية كمستعمرات عقابية لنقل المجرمين والمعارضين السياسيين بعيدًا عن أوطانهم. كانت هذه الجزر تفتقر إلى البنية الأساسية، ويُترك السجناء فيها ليواجهوا الطبيعة القاسية، ما جعلها أشبه بأحكام نفي مفتوحة.
مع نهاية العهد الاستعماري، أُغلقت هذه المستعمرات، وبقيت الجزر مهجورة، تحمل آثار السجون والمقابر الصامتة.

لماذا تُركت هذه الجزر مهجورة؟

مع تطور الطب، وظهور مفاهيم حقوق الإنسان، لم يعد العزل القسري مقبولًا أو ضروريًا. أُغلقت المستعمرات، وغادرها آخر سكانها، لكن صعوبة إعادة تأهيل هذه الأماكن، وارتباطها بذكريات مؤلمة، جعلاها تُترك للنسيان.
بعض الدول حوّلتها إلى مواقع تاريخية، بينما تُركت أخرى مغلقة، وكأن التاريخ فضّل ألا يُفتح هذا الملف مجددًا.

جزر تحمل ذاكرة لا تموت

رغم هدوئها اليوم، لا تزال هذه الجزر شاهدة على فترات استخدم فيها الإنسان العزلة كحل سهل للخوف، والجريمة، والمرض. هي أماكن مهجورة جسديًا، لكنها مزدحمة بالقصص، والأسئلة الأخلاقية، والدروس القاسية عن ثمن إقصاء البشر بدل فهمهم.

اشترك في قناة رائج على واتس آب لمتعة الترفيه