;

ماذا لو أصبح الوقت عملة للمقايضة؟

  • تاريخ النشر: منذ يومين زمن القراءة: دقيقتين قراءة آخر تحديث: منذ ساعة
ماذا لو أصبح الوقت عملة للمقايضة؟

تأمّل لحظةً فكرة أن يصبح الوقت نفسه عملة للمقايضة؛ لا مال ورقي ولا حسابات بنكية، بل ساعات ودقائق تُنفق وتُكتسب كما تُنفق النقود تماماً. كيف سيتغيّر شكل العالم إذا أصبح ما نملكه من وقت هو ثروتنا الحقيقية؟

ماذا لو أصبح الوقت عملة للمقايضة؟

تعني “عملة الوقت” أن يحصل الإنسان على السلع والخدمات مقابل تقديم جزء من عمره في صورة عمل أو خدمة متبادلة. فبدلاً من دفع المال للطبيب أو المعلّم أو الحلاق، يقدّم كل فرد ساعة من العمل في مجاله مقابل ساعة من خدمة شخص آخر. وهكذا تصبح العدالة الزمنية هي المعيار: ساعة مقابل ساعة، بلا تمييز بين المهن.

مساواة جديدة… لكن ليست كاملة

قد تبدو الفكرة مثالية لأنها تكسر الفوارق المادية: لا أحد يملك ملايين الدولارات، بل الجميع يملكون مخزوناً من الوقت. غير أنّ هذه المساواة الظاهرية تخفي معضلة أخلاقية؛ فساعة الجراح لا تُقيم كساعة من جزّ العشب من حيث المهارة أو المسؤولية، ومع ذلك تُحسبان زمنياً بالقيمة ذاتها. وهكذا قد يشعر أصحاب التخصّصات الدقيقة بأن نظام الوقت يقلّل من قيمة خبراتهم.

أثر نفسي عميق

في عالم تُقاس فيه الثروة بالوقت، سيصبح تبديد اللحظات نوعاً من الفقر. وسيسعى الناس إلى تنظيم يومهم بدقّة أكبر، لأن أي تأخير يعني خسارة مباشرة من الرصيد. وقد يدفع هذا إلى زيادة الانضباط، لكنه قد يخلق أيضاً ضغطاً نفسياً مستمراً، إذ تتحوّل كل دقيقة إلى “فاتورة”.

تغيّر مفهوم العمل

سيتراجع السباق نحو الأجور الأعلى، ويحلّ محله التركيز على جودة الحياة وتوازنها. قد يعمل الناس ساعات أقل، لأنهم لم يعودوا يطاردون مالاً يتضخّم، بل يقايضون وقتاً محدوداً بطبيعته. كما ستكتسب مهارات العناية والرعاية المنزلية قيمة مساوية لمهن أخرى، الأمر الذي يعيد الاعتبار لأدوار اجتماعية غير مدفوعة الأجر حالياً.

الاقتصاد بلا أرباح مالية

لن توجد شركات عملاقة بالمعنى التقليدي، لأن تراكم الوقت مستحيل؛ فالعمر محدود ولا يمكن ادّخاره بلا نهاية. وبالتالي، سيتحوّل الاقتصاد إلى شبكات تبادل وخدمات مجتمعية أكثر منه مؤسّسات ربحية.

الجانب المظلم للفكرة

هناك تساؤلات صعبة:

  • كيف سيتعامل النظام مع المرضى وكبار السن الذين لا يملكون قدرة على تقديم الوقت؟
  • هل سيظهر “سوق خفي” يشتري الناس فيه وقت الآخرين بطرق ملتوية؟
  • ماذا عن الدول والضرائب والاستثمار والبنية التحتية؟

قد ينتهي الأمر بظهور فجوة جديدة: الأصحّاء مقابل الضعفاء، لا الأغنياء مقابل الفقراء.

فلسفة الحياة ومعنى العمر

عندما يصبح الوقت عملة، سنواجه حقيقة بسيطة: أغلى ما نملكه هو عمرنا ذاته. وربما يدفعنا ذلك إلى إعادة التفكير في اختياراتنا، وفيمن نهب له وقتنا، وما إذا كانت المقايضات عادلة بالفعل.

خلاصة الفكرة

تحويل الوقت إلى عملة يفتح باباً واسعاً للتساؤل عن القيم، والعدالة، ومعنى النجاح. وقد يبدو النظام قريباً من اليوتوبيا، لكنه يكشف أيضاً هشاشة الإنسان أمام محدودية عمره. ومع ذلك، تبقى الفكرة تذكيراً عميقاً بأن المال قابل للتعويض… أما الوقت فلا يعود أبداً.

اشترك في قناة رائج على واتس آب لمتعة الترفيه