;

العصيدة.. تاريخ وفوائد وطريقة تحضير أكله عربية أصيلة

العصيدة: تاريخها، أنواعها، فوائدها، وطريقة تحضيرها في مختلف الثقافات حول العالم

  • تاريخ النشر: الإثنين، 23 يونيو 2025 زمن القراءة: 7 دقائق قراءة
العصيدة.. تاريخ وفوائد وطريقة تحضير أكله عربية أصيلة

لطالما اعتبرت العصيدة لدى الكثيرين رمزا للطعام الذي يبعث على الراحة والدفء. بملمسها الناعم وقدرتها على إشباع الجوع، تتجاوز العصيدة في أبسط أشكالها الحدود الجغرافية والثقافية، لتجد جذورها العميقة في نسيج الحضارات البشرية المتنوعة، من آسيا إلى أوروبا وصولا إلى الأمريكتين، لتلامس قلوب الناس في جميع أنحاء العالم.

ويمثل يوم العصيدة، الذي يتم الاحتفال به كل عام في 23 يونيو، مناسبة ممتازة للتعمق في تاريخ هذا الطبق العريق والاحتفال بمكانته كغذاء يبعث على الاكتفاء والرضا. لذلك، في التقرير التالي، نتعرف معكم على أهم المعلومات عن هذه الأكلة الشعبية المنتشرة في العديد من دول الوطن العربي، مكوناتها وطريقة تحضيرها وفوائدها.

العصيدة 1

ما هو أصل العصيدة؟

يرجح أن نشأة العصيدة تعود إلى فجر الحضارة الزراعية، أي قبل حوالي 12 ألف عام، عندما بدأ الإنسان في طحن الحبوب وتحضيرها. ربما بدأت هذه العملية باستخدام الحبوب التي كان يجمعها الصيادون وجامعو الثمار من البرية، ثم تطورت لاحقا لتشمل الحبوب التي زرعها الفلاحون واعتنوا بها بعناية.

يعتقد بعض الباحثين والمؤرخين أن العصيدة قد تكون السلف الأول للخبز. وتشير الفرضيات إلى أن الشعوب القديمة كانت تعمل على تكثيف قوام العصيدة ثم تخبزها على شكل أقراص مسطحة تشبه الخبز.

هذا النوع من خبز العصيدة السميك جعل الطعام أكثر ملاءمة للحمل والتنقل، وهو ما كان ذا فائدة عظيمة للبدو الرحل والمسافرين والجنود الذين كانوا بحاجة إلى طعام عملي يدوم لفترات أطول.

كيف وصلت اسكتلندا؟

أما في اسكتلندا، الشعب المعروف بتقليده العريق في تناول عصيدة الشوفان وكعك الشوفان، فيعتقد أن العصيدة دخلت ثقافتهم بعد فترة وجيزة من إدخال الشوفان إلى أراضيهم، حوالي عام 600 ميلادي.

تحضر العصيدة الاسكتلندية التقليدية من رقائق الشوفان التي تغلى، وأحيانا يضاف إليها الماء أو الحليب، ثم تضاف لمسة من الزبدة وقليل من الملح في النهاية لإضفاء النكهة.

من المثير للاهتمام أن كلمة "porridge" (عصيدة بالإنجليزية) لم تدخل إلى اللغة الإنجليزية إلا بعد فترة طويلة، حوالي القرن السابع عشر.

ما هي أنواع العصيدة؟

على مر العصور، تطورت أنواع مختلفة من العصيدة في حضارات عديدة حول العالم، كل منها يحمل لمسته الخاصة التي تعكس المكونات والعادات المحلية. هذا التنوع يضفي على العصيدة قيمة ثقافية كبيرة ويجعلها بحق طبقًا يستحق الاحتفال به كجزء لا يتجزأ من التراث الغذائي العالمي.

دعونا نستعرض بعض أنواع العصيدة التي يتم الاستمتاع بها تقليديا في مختلف البلدان:

العصيدة العربية

طبق تقليدي غني ومغذ يحظى بشعبية كبيرة في عدد كبير من دول العالم العربي، خاصة في دول الخليج العربي واليمن والسودان والمغرب العربي. ويمكن اعتبارها وجبة متكاملة، سواء للفطور أو كطبق رئيسي، وتتميز بقوامها السميك ومذاقها الفريد الذي يجمع بين الحلاوة والمالحة أحيانا، حسب طريقة التحضير.

كاشا  (Kasha)

في دول مثل بولندا وأوكرانيا، وكذلك في العديد من بلدان أوروبا الوسطى وأوراسيا، تعد "كاشا" طبقا أساسيا في المنازل. تحضر هذه العصيدة من حبوب الحنطة السوداء، سواء كانت كاملة أو مجروشة.

بولنتينا أو جريتس  (Polentina or Grits)

في إيطاليا، تعرف هذه العصيدة باسم "بولنتينا"، بينما في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية يطلق عليها اسم "جريتس". تصنع هذه العصيدة من دقيق الذرة المطحون ناعما وتتميز بقوام كريمي قليلا، وغالبا ما تقدم مع الزبدة والملح.

كونجي  (Congee)

تعد هذه العصيدة المالحة المصنوعة من الأرز طبقا شعبيا للغاية في جميع أنحاء الصين. يمكن تناولها كوجبة إفطار أو كوجبة رئيسية يضاف إليها بعض الخضروات أو البروتين.

تختلف الإضافات المنكهة حسب المنطقة، وقد تشمل الخضروات المخللة، أو التوفو المخمر، أو البيض المخلل. ويعتبر الكثيرون في بعض أنحاء آسيا هذا الطبق "علاجا مثاليا لما بعد السهر".

أوبما (Upma)

تقدم هذه العصيدة في جنوب الهند وسريلانكا، ويمكن تحضيرها من دقيق الأرز الخشن أو السميد المحمص الجاف. تؤكل عادة على الإفطار، وقد تضاف إليها نكهات متنوعة مثل الفلفل الحار، أو الخضروات، أو التوابل المقلية بالزيت التي تغلى مع الحبوب.

العصيدة 4

ما هي مكونات العصيدة؟

تتميز العصيدة ببساطة مكوناتها، والتي تتوفر بسهولة في معظم المنازل. وفيما يلي نستعرض مكونات العصيدة:

الدقيق

هو المكون الرئيسي للعصيدة. يمكن استخدام أنواع مختلفة من الدقيق حسب المنطقة والوصفة، مثل: دقيق القمح أو دقيق الذرة، أو دقيق الدخن أو الجاورس الشائع في بعض مناطق اليمن وأفريقيا.

الماء

يستخدم الماء لخلط الدقيق وطهيه حتى يصبح قواما سميكا.

الملح

يمكن استخدامه لتعديل الطعم وإبراز نكهة الدقيق.

إضافات للنكهة والتقديم

يتم الزبدة أو السمن البلدي لإضفاء نكهة غنية وقوام ناعم، ثم العسل أو السكر أو التمر المهروس لإضفاء حلاوة للعصيدة. يومكن أيضا إضافة البصل المقلي أو المرق أو اللحم في بعض الوصفات المالحة. بالإضافة إلى بعض أنواع المكسرات أو التمر المقطع.

طريقة عمل العصيدة

طريقة تحضير العصيدة يمكن أن تختلف من منطقة لأخرى، ولكن هناك مجموعة من الخطوات الأساسية التي تبقى متشابهة، وهي:

تحضير خليط الدقيق

في وعاء، اخلط الدقيق مع كوب واحد من الماء البارد حتى يصبح لديك خليط متجانس وخالٍ من التكتلات. يمكنك استخدام مضرب يدوي لضمان عدم وجود كتل.

غلي الماء والملح

في قدر عميق على نار متوسطة، ضع باقي كمية الماء (3-4 أكواب) مع الملح واتركه حتى يغلي جيدا.

إضافة خليط الدقيق

بمجرد أن يغلي الماء، اخفض النار إلى درجة هادئة. ثم، أضف خليط الدقيق تدريجيا إلى الماء المغلي مع التحريك المستمر والسريع باستخدام ملعقة خشبية أو مضرب ثقيل. هذه الخطوة حاسمة لمنع تكون التكتلات.

الطهي والتقليب

استمر في التقليب والتحريك بقوة لمدة 15-20 دقيقة على الأقل، أو حتى يصبح قوام العصيدة سميكا ومتماسكا وتطهى جيدا. يجب أن ترفع العصيدة عن جوانب القدر عند التحريك. يمكنك تغطية القدر وتركها على نار هادئة جدا لبضع دقائق بين الحين والآخر للتأكد من نضجها بالكامل.

التشكيل والتقديم

بعد أن تنضج العصيدة وتصبح ذات قوام سميك، ارفعها من على النار. يمكنك تشكيلها في طبق التقديم باستخدام ملعقة مبللة أو يديك المبللتين بالماء. ثم وضع اللمسات الأخيرة بصنع فجوة في منتصف العصيدة، وصب كمية وفيرة من الزبدة أو السمن البلدي المذاب والعسل. كما يمكن تزيينها ببعض التمر أو المكسرات.

Porridge 5

هل العصيدة صحية؟

للمهتمين بإدراج العصيدة كجزء منتظم من نظامهم الغذائي، من المهم معرفة فوائد العصيدة التي يمكن أن تقدمها. تختلف هذه الفوائد قليلا بناء على نوع الحبوب المستخدمة، ولكن الشوفان، على سبيل المثال، يمتلك قيمة غذائية عالية تمنحه الخصائص التالية:

ألياف بيتا جلوكان

في حالة تحضير العصيدة من الشوفان، فإنه يحتوي على هذا النوع من الألياف، والذي أظهرت الدراسات قدرته على المساعدة في خفض مستويات الكوليسترول في الدم. علاوة على ذلك، قد تساهم هذه الألياف أيضا في تنظيم مستويات الجلوكوز في الدم وإدارة هرمون الأنسولين.

ألياف البريبايوتيك

تلعب هذه الألياف دورا حيويا في دعم صحة الأمعاء من خلال تعزيز نمو البكتيريا النافعة في الجهاز الهضمي، بينما تمنع في الوقت نفسه نمو أنواع البكتيريا الضارة والمسببة للأمراض.

مضادات الأكسدة

يعد الشوفان مصدرا غنيا بالبوليفينول، وهي مركبات واقية قوية يمكن أن تساهم في تحسين تدفق الدم في الجسم وخفض ضغط الدم، وبالتالي دعم صحة القلب والأوعية الدموية.

إدارة الوزن

يمكن أن تساهم العصيدة في تعزيز الشعور بالشبع والامتلاء، مما يساعد على تقليل الشهية وتناول كميات أقل من الطعام. تساعد الألياف الموجودة فيها على تحفيز إطلاق الهرمونات التي ترسل إشارات إلى الدماغ بأن المعدة ممتلئة، مما يقلل من الرغبة في الأكل الزائد ويساعد في برامج التحكم بالوزن.

اشترك في قناة رائج على واتس آب لمتعة الترفيه