متلازمة “الديجافو” العلمية: لماذا نشعر بأننا عشنا اللحظة سابقاً؟

مقالات ذات صلة

هل تعلم ما هي ظاهرة ديجا فو؟ حقائق تفسر سر إحساسنا بأننا عشنا هذه المواقف بتفاصيلها من قبل

لماذا لا نشعر بحركة الأرض؟

لماذا نشعر بالنعاس بعد الأكل؟

يبدو إحساس الديجا فو (Déjà vu) واحدةً من أكثر الظواهر العصبيّة غموضاً؛ لحظةٌ خاطفة تشعرين فيها وكأنّك عشتِ المشهد سابقاً رغم أنّ عقلك يعرف تماماً أنّه يحدث لأول مرة. ولعلّ هذا الشعور يختلط بالدهشة والارتباك، لأنّه يكشف عن خللٍ قصيرٍ ودقيق في طريقة معالجة الدماغ للذاكرة.

متلازمة “الديجا فو” العلمية

١. خلل لحظي في تزامن الذاكرة القصيرة والطويلة

• يفترض علماء الأعصاب أنّ الديجا فو تنشأ عندما تصل المعلومة الجديدة إلى مركز الذاكرة قصيرة المدى، لكنّ الدماغ يرسلها خطأً أيضاً إلى مركز الذاكرة طويلة المدى في اللحظة نفسها.
• فيبدو الموقف جديداً وقديماً في وقتٍ واحد، فيتشكل الإحساس الغريب “لقد رأيت هذا من قبل”.

٢. تأخّر جزء من الدماغ عن جزء آخر

• أحياناً يتأخر جزء صغير من الدماغ مسؤول عن المعالجة البصريّة أو السمعيّة بجزء من الثانية عن باقي الأجزاء.
• هذا الفارق المجهري يجعل الدماغ يعالج المشهد مرتين: الأولى كأنّه جديد، والثانية كأنّه “ذكرى” أعيد تشغيلها. وهذا ما يمنح الديجا فو نكهته المربكة.

٣. تشابهُ الأنماط بين المواقف

• يميل الدماغ إلى البحث عن أنماط مألوفة.
• فإذا مررتِ بمكان أو سمعتِ جملة تشبه شيئاً مرّ بك قبل سنوات، حتى لو لم تتذكريه بوضوح، يربط الدماغ بين التجربتين.
• لا يتعرّف على المصدر تماماً، لكنه يرسل إحساساً قوياً بأنّ اللحظة مألوفة جداً.

٤. نشاط زائد في “الحُصَين” المسؤول عن الذاكرة

• تشير دراسات التصوير العصبي إلى أنّ منطقة الحُصَين (Hippocampus)، وهي المسؤولة عن تثبيت الذكريات، قد تتعرّض لتنشيط مفاجئ.
• هذا النشاط لا يُنتج ذكريات فعلية، لكنّه يخلق وهم الذاكرة، فيجعل الموقف يبدو كذكرى واقعية.

٥. استجابة دفاعية من الدماغ لفحص الواقع

• يرى بعض الباحثين أنّ الديجا فو طريقة الدماغ في اختبار نظام الذاكرة.
• فعندما يلاحظ الجهاز العصبي شيئاً “غير منطقي” أو توتراً صغيراً بين الذاكرة والإدراك، يطلق هذا الإحساس كآلية فحص.
• كأنّ الدماغ يسأل نفسه: “هل ما أراه الآن حقيقياً أم انعكاس لتجربة سابقة؟”

٦. ارتباطه بالتركيز والإجهاد

• تزداد نوبات الديجا فو عند الأشخاص الذين يعانون: نقص نوم، توتّر، انشغال ذهني زائد. لأنّ هذه الحالات تُربك مراكز الذاكرة، فتزيد احتمالات حدوث “خطأ التزامن” الذي يسبب الظاهرة.

٧. ليس علامة مرضية في أغلب الحالات

على الرغم من أنّ الديجا فو يظهر بكثرة لدى بعض مرضى الصرع، خصوصاً صرع الفص الصدغي، فإنّ حدوثه لدى الأشخاص الأصحّاء يعدّ أمراً طبيعيّاً وشائعاً، يدل على أنّ الدماغ يعمل بنشاطٍ عالٍ في معالجة الذاكرة.

الخلاصة

الديجا فو ليست رؤية مستقبل ولا تذكّر حياة سابقة، بل اضطراب عصبي فائق الدقّة يحدث عندما يختلط الإدراك الفوري بإشارة ذاكرة خاطئة.
ولحظة الدهشة هذه تذكّرنا بأنّ الدماغ ليس جهازاً مثالياً، بل آلة معقّدة يمكن أن تُخطئ… بطريقة ساحرة.