;

مراجعة فيلم Don’t Look Up: بطولة جينيفر لورانس وليوناردو دي كابريو

  • تاريخ النشر: الأربعاء، 29 ديسمبر 2021
مراجعة فيلم Don’t Look Up: بطولة جينيفر لورانس وليوناردو دي كابريو

في بداية الفيلم "لا تنظروا إلى الأعلى"، تكتشف كيت ديباسكاي، وهي طالبة متخرجة في علم الفلك بولاية ميتشيغان الأمريكية (التي تجسد دورها الممثلة جينيفر لورانس)، مع أستاذها الدكتور راندال ميندي (الذي يجسد دوره ليوناردو دي كابريو)، مذنباً جديداً يتجه نحو كوكب الأرض وسوف يصطدم بها خلال ستة أشهر، وفي حال اصطدامه، فإنه سيؤدي إلى انقراضٍ جماعي.

تحاول الطالبة وأستاذها الدكتور تيدي أوغليثورب (الذي يجسد دوره الممثل روب مورغان) والذي يعمل في مكتب تنسيق الدفاع الكوكبي لإقناع المسؤولين السياسيين بمن فيهم رئيسة الولايات المتحدة الأمريكية جاني اورليان (التي تجسد دورها الممثلة ميريل ستريب) لفعل أي شيء يبعد المذنب ويمنعه من الاصطدام بالأرض.

وفقاً للبيانات التي جمعتها كيت وأستاذها، فإن المشكلة قابلة للحل ويمكن إبعاد المذنب إذا توحد العالم واتخذ قراراً بذلك، لكن أحد أقطاب التكنولوجيا، وهو الملياردير بيتر إيشرويل (الذي يجسد دوره الممثل مارك رايلانس)، يتمكن من إقناع رئيسة الولايات المتحدة بالانتظار حتى يقترب المذنب من النيزك أكثر، وعندها ستقوم شركته BASH بإرسال طائرات من دون طيار لتفجيره وتفتيته إلى قطع صغيرة لا تسبب أي ضرر لكوكب الأرض ويمكن الاستفادة من المعادن الموجودة فيها.

بسبب الإحباط وعدم قدرتهم على إقناع الرئيسة بفعل شيء، تلجأ كيت وأستاذها إلى الإعلام لتوعية الناس بالخطر، وتظهر في برنامج على التلفزيون تتحدث عن خطورة الوضع، وتقول بصوت عالٍ "سنموت جميعاً"، لكن سرعان ما يتحول اللقاء إلى سخرية منها ويصفها البعض بالجنون، وتتحول صورتها إلى "ميم" منتشر على مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من انتشار خبر المذنب.

في نهاية الفيلم، يحصل السيناريو الأسوأ، ولا تنجح الطائرات في تفتيت المذنب أو أبعاده عن مسار كوكب الأرض، ينتهي الفيلم باصطدام المذنب ودمار كل شيء.
 

إنكار العلم

يصور الفيلم رئيسة الولايات المتحدة الأمريكية كشخصية فاسدة أسلوبها يشبه إلى حدٍ ما أسلوب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وتمنح ابنها المدلل منصب رئيس أركان الجيش رغم عدم خبرته.

تركز إدارة الرئيسة على إخفاء أنباء المذنب حتى لا يؤثر ذلك على نتائج انتخابات التجديد النصفي، لكن وبسبب انتشار فضيحة، تبدأ الإدارة في استغلال الكارثة التي سيسببها المذنب تحت ستار الوطنية.

يلاحظ في الفيلم أيضاً إشارة إلى تأثير وتدخل الشركات العملاقة في قرارات السياسيين والحكومات، يتجلى ذلك شخصية الملياردير الذي يمتلك شركة عملاقة تعمل في مجال التكنولوجيا والذي يهمه فقط من الكارثة كيف يمكن أن يستفيد منها مادياً.

بالإضافة إلى ذلك، يسلط هذا الفيلم الضوء على غياب الوعي لدى معظم البشر الذين يهتمون بصور مضحكة أو خبر انفصال مغنية (يجسد دورها المغنية أريانا غراندي) عن حبيبها أكثر من الاهتمام بالمخاطر التي تهدد الحياة.

حتى حين يبدأ الناس بإدراك الخطر الحقيقي، فإنهم ينقسمون بين من يصدق أن الكارثة ستحصل وبين من يكذبها، وتنتشر العديد من نظريات المؤامرة، منها حملة بعنوان "لا تنظروا للأعلى"، وهو نفس اسم الفيلم، تدعو هذه الحملة إلى إنكار الكارثة كما ينكر البعض في الوقت الحالي حقائق علمية عديدة مثل جائحة كورونا والتغير المناخي على الرغم من أن لدينا دلائل واضحة أمام أعيننا تماماً.

العشاء الأخير قبل نهاية العالم

المشاهد الأخيرة من الفيلم مؤثرة للغاية، فيها تتحول الطالبة وأستاذها الذين اكتشفوا المذنب إلى مشاهير على مستوى العالم، لكن ذلك لم يدم طويلاً.

عندما تبدأ نهاية العالم، نسمع أغنية Don"t Look Up في منزل الأستاذ مندي، كما نرى مشاهد لما يفعله الناس العاديون وهم يشاهدون المذنب يندفع بسرعة نحو الأرض، وفي اللحظات الأخيرة، تتحدث عائلة مندي عن فطيرة التفاح التي اشتروها من المتجر وطحن حبوب القهوة مع بدء اهتزاز الطاولة بسبب الاصطدام، يليه دمار كل شيء.

تسلسل الأحداث

يمكن اعتبار الفيلم خيالي وواقعي في نفس الوقت، فهو يتحدث عن قصة متخيلة لن تحصل، لكنه يسلط الضوء على فكرة واقعية وهي إنكار الحقائق العلمية التي تتجلى في حملات مثل مناهضة اللقاحات ونفي ظاهرة تغير المناخ.

يقسم الفيلم بشكلٍ عام إلى ثلاثة أجزاء، الجزء الأول يشمل اكتشاف المذنب الذي سيصطدم بكوكب الأرض، أما الجزء الثاني فيكون عبارة عن محاولات لزيادة الوعي العام تجاه الخطر الوشيك الذي يحدق بالكوكب، ويتناول الجزء الثالث كيف تتعامل الحكومات والشركات التي تسيطر على الاقتصاد مع مثل هذه المشكلات.

مدة الفيلم طويلة (حوالي ساعتين ونصف)، وأحياناً بعض المشاهد تبدو مستمرة لفترة أطول من اللازم، يقول النقاد إنه من الممكن تركيز أحداث الفيلم ليصبح مدته ساعتين فقط.

معظم مشاهد الفيلم سوداوية أكثر من اللازم لكنها تعكس بشكلٍ احترافي واقعنا الحقيقي بطريقة ساخرة وفكاهية.

أبرز الممثلين

شارك في الفيلم نخبة من الممثلين ووجوه السينما المعروفين، لكن أكثرهم إبداعاً كان شخصية الطالبة التي تجسد دورها الممثلة جنيفر لورانس، والتي تحاول بشتى الوسائل إقناع الرأي العام بالخطر الذي يحدق بهم.

كما تألق الممثل ليوناردو دي كابريو الذي يجسد دور أستاذ الطالبة، وكيف تحول من شخص متوتر ومضطرب في بداية الفيلم، إلى شخصية قوية تظهر أمام الإعلام.

لا ننسى أيضاً الأداء الرائع للممثلة الحائزة على جائزة الأوسكار ميريل ستريب، التي تجسد دور شخصية شريرة في منصب رئيسة الولايات المتحدة ولا يهمها سوى نفسها ومصلحتها.

من الممثلين الذين أبدعوا في هذا الفيلم أيضاً الممثلة كيت بلانشيت، التي جسدت دور مذيعة همها الوحيد هو إضفاء لمسة ساخرة على اللقاءات التلفزيونية التي تشارك فيها، حتى لو كانت هذه اللقاءات تتحدث عن أمور مهمة وخطيرة.

الشركة المنتجة

قامت شركة نتفليكس في إنتاج هذا الفيلم، وهو من تأليف وإخراج آدم ماكاي، أراد ماكاي أن ينتج فيلم عن نهاية العالم التي ستحصل بسبب تغير المناخ، لكن بعد انتشار وباء كورونا في كل أنحاء العالم، وظهور نظريات المؤامرة التي تحارب الحقائق العلمية ويصدقها الكثير من الناس، قام ماكاي بإنتاج هذا الفيلم لتسليط الضوء على ما يمكن أن يحصل لنا نحن البشر إن توقفنا عن تصديق العلم والحقائق.

في سياق الفيلم، تظهر بعض المشاهد التي تسخر من حياتنا التي نعيشها في هذا العصر وكيف يلعب الإعلام والسياسيين والمشاهير في الحقائق التي تعرض علينا.

نهاية الفيلم حزينة للغاية، حيث يدمر المذنب كوكب الأرض ويموت الجميع بمن فيهم بطل وبطلة الفيلم، وهذا يختلف تماماً عن النهايات السعيدة اعتدنا عليها في السينما.

الخلاصة

قصة الفيلم رائعة للغاية لكنها تتميز بالسوداوية والحزن وتحاكي بطريقة فكاهية وساخرة وقعنا في هذا العصر، طاقم الممثلين أكثر من رائع، وكل منهم يبدع فيها أداء دوره.

النهاية حزينة وهي بعيدة كل البعد عن توقعات معظم الأشخاص الذين اعتادوا على النهايات السعيدة لأفلام هوليوود.