;

ما هي العولمة؟

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأحد، 06 فبراير 2022
ما هي العولمة؟

العولمة مصطلح شائع، انتشر بعد الحرب الباردة للدلالة على حقبة تاريخية جديدة، فما هو هذا المصطلح؟ وهل من دلالات أخرى له؟

مفاهيم العولمة المختلفة

أصبحت العولمة مصطلحاً مغرياً للعلماء والمفكرين لوضع تعاريف له بغية تحديده وتوضيحه، فقد عرّف عالم الاجتماع غي روشيه العولمة بأنها: "قضايا عالمية سياسية واقتصادية وثقافية لا تقتصر على المناطق والدول"، كما عرف زيجمونت بومان، عالم الاجتماع والأستاذ الفخري في جامعة وارسو وليدز: "العولمة أمر لا مفر منه ولا رجعة فيه. نحن نعيش بالفعل في عالم من الترابط والاعتماد المتبادل في جميع أنحاء العالم"، ومنهم من عرف العولمة على أنها "جميع وظائف الأعمال (الشركات المتعددة الجنسيات) في جميع أنحاء العالم على أساس معيار التكلفة" (أي كلفة الإنتاج من أيدي عاملة وآلات).

على أي فكرة يقوم مصطلح العولمة؟

تقوم العولمة على فكرة مفادها أن هناك عالم متحد، يشكل قرية عالمية صغيرة بلا حدود، وهو ما تشجعه المؤسسات الدولية والمنظمات الدولية (بما في ذلك صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية وغيرها)، وذلك لسهولة التواصل بين هذه المؤسسات وشعوب العالم، حيث يصبح رأس المال معولم، وكذلك الأيدي العاملة معولمة أيضاً.

نبذة تاريخية عن مصطلح العولمة

العولمة كلمة حديثة، لكن معناها قديم يمتد لسنين طويلة في التاريخ، سنحاول الإحاطة بأبرزها:

العولمة في العصور القديمة

أول محاولة لنشر الأفكار عبر العالم في الألف الثاني قبل الميلاد، وذلك من خلال هجرة الأفارقة والأسيويون إلى أوروبا للعمل، فقام الأوروبيون بالسيطرة على طول المنطقة التجارية الممتدة من نهر السند في الصين إلى الشرق الأوسط، بهدف منع وصول الغزاة الهنود إلى أوروبا.

المحاولة الثانية في نفس الفترة مع تأسيس الإمبراطورية الفارسية، التي ركزت على إقامة تواصل تجاري غير مباشر بين الدولة الفينيقية والمستعمرات اليونانية، والمدن الهندية، بين مضيق جبل طارق ونهر الغانج، وذلك بقصد تصدير المنتجات وتحقيق الأرباح.

العولمة في الحضارة الهلنستية

وهي فترة سيطرة النفوذ اليوناني على العالم قبل الميلاد، تميزت بنشر الأفكار حول العالم، وذلك من خلال أمور عدة اشتركت بها مع العولمة في العصر الحديث وأبرزها:

  1. اختلاط السكان: فبعد فتوحات الإسكندر، أنشأ المدن العالمية ومنها على سبيل المثال الإسكندرية، التي سكنها اليونانيون واليهود والشرقيون.
  2. خلق ثقافة عالمية: حيث أصبحت اللغة اليونانية لغة مشتركة، وثقافة عالمية انتشرت بين غير اليونانيين.
  3. تكثيف وعولمة التجارة: حيث ازدهرت التجارة بسبب السيولة النقدية، واختفاء أي سلطة للإمبراطورية المقدونية، حيث تم نحت تماثيل بوذا الهندية ليتم تصديرها إلى اليابان، وهم بذلك ساهموا في نشر دينهم من خلال هذه التماثيل إضافة للتجارة والثقافة بين الشعوب آنذاك.
  4. التعددية: حيث تمتعت الولايات في عهد الإسكندر الأكبر بقدر كبير من المساواة من حيث المساحة والقوة، وقد امتدت إمبراطوريته من البحر الأدرياتيكي في إيطاليا غرباً إلى نهر السند في الصين شرقاً.
  5. الابتكار التقني: من خلال الاكتشافات العلمية والتقدم التكنولوجي، مثل اكتشاف الطباعة، حيث أدى لانتشار الكتب والمطبوعات في أكثر من بلد أوروبي وبسعر رخيص، بعد أن كان الكاتب يكتب كتابه بخط يده ويستغرق فترات طويلة قبل أن ينهي نسخة كي يبيعها بسعر مرتفع.

بعد ذلك حدثت تطورات سياسية وثقافية مهمة أبرزها، تمدد الإمبراطورية الرومانية وتوحيد الصين والتحركات السكانية الكبيرة، وتطور دولة المسلمين وتوسعها في آسيا وإفريقيا، وفي أواخر القرن العاشر الميلادي فتح طريق التجارة بين الهند وأوروبا، ثم ظهرت بعد ذلك فتوحات جنكيز خان (1165 - 1227م)، وهو مؤسس الإمبراطورية المغولية، حيث بدأت فتوحاته في الصين في عام 1218 ليشكل بعد ذلك إمبراطورية مترامية الأطراف، تمتد من كوريا شرقاً إلى حدود الدولة الإسلامية غرباً، ومن سهول سيبيريا شمالاً إلى بحر الصين جنوباً، أي ضمت الدول التالية: (الصين ومنغوليا وفيتنام وكوريا وتايلاند وأجزاء من سيبيريا، إلى جانب مملكة لاوس وميانمار ونيبال وبوتان)، وبين عامي 1405-1433 أطلقت الصين رحلات إلى إفريقيا بزعامة الأدميرال تشنغ خه، ومعه بضائع كثيرة من المنسوجات الحريرية والمجوهرات والعقاقير الطبية الصينية بهدف بيعها في هذه المناطق.

العولمة خلال عصر التنوير

ففي القرن الخامس عشر خلال ما سمي بعصر التنوير استخدم طريق التجارة البحرية في بحري الشمال والبلطيق، وبين بحر الشمال والموانئ الإيطالية، وفي القرن السادس عشر ساهمت الكشوفات الجغرافية مثل: اكتشاف رأس الرجاء الصالح في إفريقيا واكتشاف قارة أمريكا في تعزيز طرق التجارة وبالتالي نقل السلع الاقتصادية والتكنولوجية والثقافية بين قارات العالم.

ثم ظهرت تبادلات مادية وثقافية بين الحضارات خلال القرن التاسع عشر ، وهي طريق الحرير (الذي امتد من الصين إلى شمال إفريقيا)، كما اكتشفت الصين وجود مزهريات يونانية في أراضيها، أثبتت وجود الحركات العالمية للسلع والأفكار من العصور القديمة، كما ساهمت طرق التجارة العربية في نشر الدين الإسلامي في شمال إفريقيا، وظهرت في أوربا أيضاً الطباعة على يد العالم الألماني فريدريك كويننج، والتي اعتبرت أهم منجز في هذا العصر نظراً لدوره في نقل الثقافة من بلد إلى آخر، حيث انتشرت الصحافة، وقامت الثورة الصناعية في أوروبا نتيجة اكتشاف المحرك البخاري حيث كثر الإنتاج وقلت تكاليفه فبرزت الحاجة للمواد الأولية للتصنيع، والأسواق لتصريف المنتجات، فكان الحل بنظر هذه الدول في استعمار الدول الأخرى لتأمين المواد الأولية اللازمة للصناعة من جهة، ولتصريف المنتجات الأوروبية فيها من جهة أخرى.

العولمة في القرن العشرين

في هذا القرن بدأت أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية تضع قيوداً على الهجرة إليها، نتيجة ازدياد أعداد المهاجرين، وللحفاظ على النمو الاقتصادي فيها، فتراجعت التجارة العالمية نتيجة فرض القيود على الاستيراد من خلال وضع التعرفة الجمركية، وهو ما أدى إلى حدوث الأزمة الاقتصادية عام 1930 في أوروبا، هذا التراجع لم يكن اقتصادياً فقط بل سياسياً حيث تراجع دور عصبة الأمم نتيجة انسحاب العديد من البلدان منها، وعدم قدرتها على إيجاد حل للأزمات المستعصية كالحرب الأهلية الإسبانية وغيرها.

وبعد الحرب العالمية الثانية عاد نشر الأفكار والسلع بين دول العالم للازدهار من جديد من خلال إنشاء هيئة الأمم المتحدة، ومنظمة التجارة العالمية التي نظمت العلاقات بين الدول في مجال التجارة، وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991 ظهر مصطلح العولمة التي أصبحت تعني أيديولوجية هدفها تحسين صورة الولايات المتحدة الأمريكية، وتقوم على اقتصاد السوق، وظهور الثورة التكنولوجية متمثلة بظهور الكمبيوتر والجوال وانتشارها في كل دول العالم، وظهرت الشركات المتعددة الجنسيات.

العولمة في القرن الحادي والعشرين

تميز هذا القرن بارتفاع معدل التبادل التجاري بين البلدان الشرقية والغربية، إضافة لظهور نماذج جديدة من الاندماج بين البلدان الغنية والبلدان الفقيرة، على سبيل المثال ظهور ما يسمى بالشراكة الأورومتوسطية (أي إنشاء سوق أوروبي متوسطي حر لتبادل السلع والخدمات).

ملخص الكلام

انتشر مفهوم العولمة قبل ظهور المصطلح، ولكن بلا شك فقد شكل ظهور المصطلح صدمة لدى البلدان النامية تحديداً وجعلتهم يختلفون حولها، فهي إيجابية بنظر البعض لأنها توفر حق الاستفادة من أحدث السلع والتكنولوجيا أينما كنت، وهي سلبية بنظر البعض الآخر لأن هدفها اختراق هذه الدول وسلب هويتها وفرض ثقافة غريبة عن ثقافة المجتمع، وفي النهاية تبقى العولمة كغيرها من الأشياء والمصطلحات في الحياة لها إيجابياتها لها سلبياتها ولك عزيزي القارئ يبقى الحكم على هذا المصطلح.

اشترك في قناة رائج على واتس آب لمتعة الترفيه