;

لماذا تأسرنا الذكريات؟ العلم الخفي وراء تعلّقنا بالأشياء القديمة

  • تاريخ النشر: منذ 3 أيام زمن القراءة: 3 دقائق قراءة آخر تحديث: منذ 3 أيام
لماذا تأسرنا الذكريات؟ العلم الخفي وراء تعلّقنا بالأشياء القديمة

يعود تعلّقنا بالأشياء القديمة إلى آليّات نفسيّة وعصبيّة عميقة تجعل هذه الأشياء أكثر من مجرد ممتلكات؛ إنّها حاويات للذكريات وروابط خفيّة تُشعل عاطفة يصعب تفسيرها منطقياً. وفيما يأتي جوهر علم الروابط العاطفية خلف هذه الظاهرة:

لماذا تأسرنا الذكريات؟

١. الأشياء القديمة تعمل كمفاتيح للذاكرة

تستعيد أدمغتنا عند رؤية أو لمس شيء قديم شبكة كاملة من الذكريات التي ارتبطت به عبر الزمن. لا يستحضر العقل لحظة واحدة فقط، بل يعيد تفعيل مشاعر وسياقات وتجارب كانت متصلة بالشيء في فترة زمنية معينة، فيتحوّل إلى بوّابة تشبه “محفّزاً عصبيّاً”. ولهذا يبدو الشيء البسيط وكأنّه يحمل عمراً كاملاً من العاطفة، لأنّ قيمته الحقيقية لا تكمن في مادّته بل في الذكريات التي يستدعيها.

٢. الحُصَين يتعامل مع الذكرى كما لو أنها تجربة حيّة

حين نتفاعل مع شيء قديم، ينشط الحُصَين، المسؤول عن تثبيت الذكريات، وكأنّه ينعش تجربة تحدث الآن وليس قبل سنوات. هذا التفاعل يجعل الدماغ يخلط بين الماضي والحاضر، فيُطلق مشاعر دافئة أو موجة حنين قويّة. لذلك نشعر أحياناً بأنّ رؤية صورة قديمة أو رائحة كتاب قديم يمكن أن تنقلنا فعلياً إلى حقبة ماضية، كأن الزمن انطوى لحظة واحدة.

٣. الأشياء القديمة تمنحنا شعوراً بالاستمرارية والأمان

يميل الإنسان بطبيعته إلى البحث عن جذور تثبّته وسط تغيّرات الحياة، فتقدّم له الأشياء القديمة هذا الثبات. عندما نحتفظ بممتلكات من مراحل سابقة، نشعر وكأنّنا نمسك بخيط متّصل يربط حياتنا ببعضها. هذا الإحساس يعزّز شعور الهوية والاستقرار العاطفي، لأنّ الأشياء القديمة تمثّل “نسخة مألوفة من الذات” وسط عالم سريع التبدل.

٤. الحنين يعمل كآلية نفسيّة لموازنة الضغط

عند اشتداد القلق أو الإجهاد، يميل العقل إلى استدعاء ذكريات دافئة تخفّف التوتر. وهنا تلعب الأشياء القديمة دور “مسكن عاطفي” يعيدنا إلى لحظات أكثر بساطة وهدوءاً. يفسّر علم النفس هذا على أنّه محاولة ذاتيّة لإعادة الإحساس بالأمان الداخلي، لذلك يتعلّق كثيرون بملابس الطفولة، رسائل ورقية، أو هدايا صغيرة لا قيمة مادية لها.

٥. المعنى الشخصي أهم من قيمة الشيء نفسه

ما يجعلنا نتمسّك بالأشياء القديمة هو “المعنى” الذي صنعناه حولها. فالشيء يتحوّل إلى رمز: هدية تعبّر عن علاقة، صورة تمثّل لحظة فارقة، أو غرض ارتبط بشخص لم يعد موجوداً. تصبح قيمة الشيء العاطفية أعلى بكثير من قيمته الوظيفية. ولذلك يكون التخلي عنه أشبه بالتخلّي عن جزء من قصتنا الشخصية.

٦. الدماغ يكافئنا عندما نسترجع ذكريات جميلة

يُفرز الدماغ الدوبامين وشيئاً من السيروتونين عند استرجاع لحظات دافئة. وهذا يمنح الأشياء القديمة قدرة على رفع المزاج بطريقة تلقائية. لذلك يشعر الإنسان بالراحة عند ترتيب ذكرياته أو الاحتفاظ بصندوق قديم مليء بالرسائل أو الأشياء الصغيرة، لأنّ هذه العملية تفعّل مراكز المكافأة العصبية المرتبطة بالحنين.

٧. الأشياء القديمة تساعدنا على بناء هويّة سردية

لكل إنسان “قصة حياة” يبنيها داخلياً ليعرّف نفسه. الأشياء القديمة تمثّل موادَّ خاماً لهذه القصة؛ فهي علامات طريق تؤكّد أننا مررنا بتجارب وتطورات وأحداث صنعت ما نحن عليه اليوم. إن الاحتفاظ بهذه الأشياء يعزز الإحساس بأن للإنسان جذوراً وتاريخاً وتجارب متراكمة تمنحه معنى ووضوحاً داخلياً.

اشترك في قناة رائج على واتس آب لمتعة الترفيه