التركيز في زمن الشاشات: كيف تستعيد انتباهك وسط الضجيج الرقميّ
في عصرٍ تحيط به الشاشات من كلّ جانب، ويُقاس فيه الوقت بالإشعارات والتنبيهات، أصبح التركيز مهارة نادرة لا تقلّ أهمية عن المعرفة ذاتها. ومع تزايد التشتّت الرّقميّ، بات تحسين القدرة على الانتباه ضرورة نفسيّة وإنتاجيّة في آنٍ واحد. فيما يلي مجموعة من الطّرق العمليّة والعلميّة التي تساعد على تحسين التركيز وتقليل التشتّت وسط هذا الضجيج البصريّ المتواصل.
ضبط بيئة العمل وتقليل المشتّتات
يبدأ التركيز من المكان. يفرض تنظيم المكتب، وإبعاد الهاتف عن مجال الرؤية، وإغلاق النوافذ غير الضروريّة على الحاسوب، حالة ذهنيّة أكثر صفاءً. تشير دراسات معرفيّة إلى أنّ مجرّد وجود الهاتف بالقرب من المستخدم يقلّل من القدرة على التركيز، حتّى وإن كان صامتًا.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
تقسيم الوقت باستخدام تقنيات مدروسة
يساعد اعتماد تقنيات مثل تقنية بومودورو (25 دقيقة تركيز، 5 دقائق استراحة) على تدريب الدماغ على العمل في فترات محدّدة دون إنهاك. يخفّف هذا الأسلوب من مقاومة البدء، ويمنح العقل فترات استعادة قصيرة تحميه من التشتّت التراكميّ.
تقليل الاستهلاك الرّقميّ غير الضروريّ
يفرض الوعي الرقمي إعادة النظر في عدد التطبيقات المستخدمة، وحجم المحتوى المستهلك يوميًّا. يُستحسن تعطيل الإشعارات غير المهمّة، وتحديد أوقات ثابتة لتصفّح وسائل التواصل الاجتماعي، بدل تركها تتسلّل إلى اليوم بلا ضوابط.
تدريب الذهن على الحضور
تُعدّ تمارين اليقظة الذهنيّة (Mindfulness) من أكثر الأساليب فاعليّة في تحسين الانتباه. يساعد تخصيص دقائق يوميّة للتنفّس العميق أو التأمّل القصير على تهدئة النشاط العصبيّ الزائد، ويُعيد توجيه العقل نحو المهمّ بدل العاجل.
الاهتمام بالنوم والتغذية
يؤثّر نقص النوم وسوء التغذية مباشرة على وظائف الانتباه والذاكرة. يعزّز النوم المنتظم، والغذاء الغنيّ بالأوميغا-3، والحديد، والفيتامينات، الأداء الذهنيّ ويقلّل من التشتّت الذهنيّ الناتج عن الإرهاق.
ممارسة التركيز الأحادي
يُعدّ تعدّد المهام أحد أبرز أوهام الإنتاجيّة. تُظهر الأبحاث أنّ الانتقال المستمرّ بين المهام يستهلك طاقة ذهنيّة عالية ويقلّل من جودة الأداء. يفرض التركيز على مهمّة واحدة في كلّ مرّة نتائج أدقّ ووقتًا أقلّ على المدى البعيد.
استخدام التكنولوجيا بذكاء
بدل أن تكون الشاشات مصدر تشتيت دائم، يمكن توظيفها كأدوات دعم. تساعد تطبيقات حجب المواقع المضيّعة للوقت، أو أدوات تتبّع الإنتاجيّة، على خلق توازن بين الاستفادة من التكنولوجيا والوقاية من آثارها السلبية.
الخاتمة
لا يفرض عصر الشاشات فقدان التركيز حتميًّا، بل يتطلّب وعياً وإدارة واعية للانتباه. ومن خلال خطوات بسيطة، ولكن منتظمة، يمكن استعادة السيطرة على الذهن، وتحويل الشاشات من عبءٍ مشتّت إلى وسيلةٍ أكثر اتّزانًا وإنتاجيّة. فالتركيز، في النهاية، قرار يوميّ قبل أن يكون قدرة فطريّة.