;

ما هي الموسيقى الكلاسيكية؟ تاريخها وتطورها ونشأتها

  • تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الثلاثاء، 16 أغسطس 2022
ما هي الموسيقى الكلاسيكية؟ تاريخها وتطورها ونشأتها

لم يظهر مصطلح الموسيقى الكلاسيكية حتى أوائل القرن التاسع عشر، في محاولة لتمجيد الفترة التي ظهر فيها بيتهوفن والتي سميت بالعصر الذهبي، وفي عام 1836 أصبحت الموسيقى الكلاسيكية ضمن قاموس أكسفورد الإنجليزي، فكيف بدأت؟ وكيف تطورت لتصبح نتاجاً عالمياً؟

مصطلح الموسيقى الكلاسيكية يعني القوة والإلهام

تستخدم كلمة الكلاسيكية لوصف النمط الموسيقي الذي ارتبط به، ولتمييز هذا النوع من الموسيقى عن موسيقى الروك أو الجاز، كما تعبر الموسيقى الكلاسيكية عن الفترة الزمنية التي تصف موسيقى هايدن، موزارت وبيتهوفن، فمصطلح الموسيقى الكلاسيكية امتد خلال مئات السنين، ولا زال حتى يومنا هذا يتكون ويتطور، على الرغم من أن هذا التطور يختلف عن ما تم إنشاؤه قبل مئات السنين.

الكلاسيكية تتجسد في الوعي للقصة التي يُعبر عنها في أغنية مدتها دقيقتين أو سيمفونية مدتها ساعتان، أي تعني مراعاة التفاصيل وتعليمات الأداء والجوانب الفنية الأخرى، كذلك الصبر والاستعداد التام لخلق عمل منظم، هي عملية التأمل والإبداع وتجميع الأفكار للوصول إلى التوازن وسلامة الهيكلية، هي الإلهام والقوة للوصول إلى الدراما الغنائية.

الموسيقى الكلاسيكية هي الإحساس بالانتماء للمجتمع، كما أن كل شخص في الأوركسترا جزء فريد من نوعه ينتج التجانس في الأداء، هي قصة جميلة، هي صراع قوي على خصمه وفي النهاية يخرج منتصراً، تعني الانتماء للوطن، كما تعني التضحية من أجل اهتمام المستمع، هي توازن عاطفياً بثلاث ركائز وجدت في الموسيقى، النضال والتأكيد والفرح، وهي أخيراً ولادة داخلية من دافع نقي وصالح، وطاقة من طاقات الذات.

يعتقد الكثيرون أن الموسيقى الكلاسيكية مملة وقاسية كونها بدأت على شكل تمرد ضد تأثير الكنيسة الكبير على الموسيقى واحتكارها الأدوات الموسيقية، فيما يقول البعض أن الموسيقى الكلاسيكية هي التي تتبع قواعد معينة، في حين يرى آخرون أنها مجرد نوتة يقوم الموسيقيون بتنفيذها وفق ما يوجد على الورق، وينسب البعض الآخر تعريفاً سيئاً للموسيقى الكلاسيكية على أنها موسيقى شعبية وأشبه بموسيقى الجاز والروك، لا يمكن نكران الموسيقى الشعبية وتاريخها الطويل، لكنها مستقلة تماماً عن غيرها ولكل نوع موسيقي خصوصية.

بداية الموسيقى الكلاسيكية في القرون الوسطى

الموسيقى الكلاسيكية إنتاج موسيقي فني، أُنتج وتجذر في تقاليد الموسيقى الغربية بما في ذلك الموسيقى العلمانية والدينية، وسميت الفترة من عام 1750-1820 بفترة الموسيقى الكلاسيكية، حيث تطورت فيها الموسيقى الكلاسيكية ودونت قواعدها الأساسية، كما مرت الموسيقى بالعديد من الفترات والعصور التي تطورت فيها حتى يومنا هذا.

وأشهر الفترات التي مرت بها الموسيقى الغربية هي: فترة العصور الوسطى (500-1400)، عصر النهضة (1400-1600)، العصر الباروكي (1600-1750)، العصور الكلاسيكية (1750-1820)، العصور الرومانسية (1804-1910)، القرن العشرون تضمن؛ فترة العصر الحديث (1890-1930)، العصر الحديث العالي (1950-1969)، ما بعد الحداثة (1930 حتى الوقت الحاضر).

دُونت الكثير من المقطوعات الكلاسيكية من قبل أشخاص غير أوروبيين، فتعرضت للتغيير مع الارتجال لكن بشكل أقل تأثيراً من التي حدثت للموسيقى غير الأوروبية مثل الجاز والبوب، كما أن الفرق بين أنواع الموسيقى الأخرى والموسيقى الكلاسيكية؛ أن الأخيرة تعتمد على السيمفونيات والآلات الكبيرة والأوبرا، أما الأنواع الأخرى أو الشعبية تعتمد على آلات وفرق صغيرة.

في القرون الوسطى كانت الموسيقى الكلاسيكية تغنى من قبل الرهبان كالأوركسترا، وتعرضت للاحتكار من سلطة الكنيسة، إذ كانت تؤدى في الصلوات والترانيم الكنسية، لكن الموسيقى الكلاسيكية استطاعت التحرر من هذه السلطة في العصر الرومانسي، كما أن السيمفونية لم تكن موجودة في تلك الفترة، إلا أنها ارتبطت بالموسيقى الكلاسيكية وأصبحت سمة مميزة لها.

بدأت من أقدم العصور واستمرت رحلتها

يختلف تاريخ الموسيقى الكلاسيكية والتي تعود نشأتها الأولى لفترة طويلة، بدءاً بالعصور الوسطى مروراً بعصور النهضة ووصولاً إلى العصر الكلاسيكي الذي يرتبط ببتهوفن، والعصر الرومانسي الذي يعتبر يوهانس برامس (ألماني الجنسية 1833-1897) المؤسس له أو ينسب له، فلذلك تتداخل الفترات والتواريخ التي تبين نشأة الموسيقى الكلاسيكية.

1- عصر النهضة

تعود جذور الموسيقى الغربية إلى الفترة التي ظهر فيها الفن المصري القديم الذي استخدم فيه القدماء العديد من الآلات وارجعوا الفضل في تطور الموسيقى لديهم إلى الإله تحوت والذي يعود إلى عام 2695 قبل الميلاد، وجاء هذا التطور في الموسيقى الكلاسيكية من النغمات الفردية والمقاييس التي وضعها الإغريق ومنهم فيثاغورس الذي ابتكر نظام ضبط وتدوين النوتة الموسيقية.

وكانت أشهر الأدوات الموسيقية اليونانية في ذلك الوقت أداة القصب والقيثارة التي أصبحت اليوم من أدوات العصر الحديث للموسيقى الكلاسيكية، وفي العصور الوسطى وعصور النهضة أصبح الرقص يرافق الموسيقى، ويعتمد العزف بشكل أساسي على النوتة الموسيقية كون النقل الشفهي يعرض اللحن إلى التغيير في كل مرة.

ثم جاء اختراع الطباعة عام 1846 م، بالتالي تم التخلص من العواقب في حفظ ونقل الموسيقى، في تلك الفترة ظهرت آلات النفخ أيضاً مثل البوق والناي، وآلات موسيقية أخرى اقتصرت على الكنائس، وفي فترة لاحقة ظهرت الآلات الوترية وبعدها أدوات النحاس والقصب، فتم توحيد مواصفات هذه الأدوات ووضعت تعليمات موحدة لاستعمالها. من أهم رواد الموسيقى الكلاسيكية في عصر النهضة وليام بيرد (1543 - 1623)، توماس كامبيون (1567 - 1620)، نيكولاس غومبيرت (1590 - 1560).

2- العصر الباروكي

في العصر الباروكي ظهرت العديد من الأفكار التي أثرت في تطور الموسيقى الكلاسيكية، فأصبحت موحدة ومدونة، وتميزت الموسيقى في ذلك العصر بأنها أكثر تعقيداً من الفترات السابقة التي مرت بها، حيث استخدمت نغمات ذات طبقة معقدة، وأصبحت القصيدة الغنائية تُؤدى في قوالب مثل قالب السوناتا (أعقد شكلاً موسيقياً ينتج عنه أطول المقطوعات) مع استخدام تقنيات مثل الباص (طبقة من طبقات الصوت).

وأصبحت النغمات توزع بين العلو والانخفاض للتغيير في اللحن وعدم إبقائه على وتيرة واحدة، وكانت أكثر الأدوات استخداماً في هذا العصر الكمان والقيثارة. من أهم رواد الموسيقى الكلاسيكية في عصر الباروك يوهان كريستيان باخ (1735 - 1782)، جاكوبو بيري (1561 - 1633)، جيوسيب تارتيني (1692 - 1770)، جورج فيليب تيليمان (1681 - 1767).

3- العصر الكلاسيكي

نشأت في العصر الكلاسيكي العديد من قواعد العرض والتكوين في التأليف الموسيقي، وأصبحت القواعد الأساسية اللازمة للأوركسترا موحدة إلى حد ما عند الموسيقيين، حيث نمت موسيقى الحجرة (نوع من أنواع الموسيقى الكلاسيكية كانت تؤدى في حجرات داخل القصور)، وأخذت الأوبرا تتطور وانتشرت في معظم أوروبا.

كما ظهرت بوفا الأوبرا (شكل من أشكال الأوبرا الهزلية)، ثم جاءت السيمفونية كأحد الأشكال الموسيقية، حيث تم الاستغناء عن القيثارة ليشكل الكمان الآلة الرئيسية في الفرقة، وأصبحت آلات النفخ أكثر دقة، وفي هذا العصر كان لمصطلح الموسيقى الكلاسيكية معنيان المعنى الأوسع يتضمن الفن الغربي من العصور الوسطى إلى زمننا هذا، أما المعنى الآخر والأضيق فيعبر عن الفترة الممتدة من عام 1750-1830 أي عصر موزارت وهايدن. أهم رواد هذا العصر لودفيج فان بيتهوفن (1770 - 1827)، ليوبولد موزارت (1719 - 1787)، أنطونيو ساليري (1750 - 1825).

4- العصر الرومانسي

ازداد في العصر الرومانسي الاهتمام باللحن واستخدام العناصر التعبيرية والعاطفية في موازاة للرومانسية بأشكالها الفنية الأخرى كالشعر والنثر، فبدأت الموسيقى هنا تكسر بعض أشكال العصر الكلاسيكي، كما تم تجاهل بعض القواعد المتبعة، لكن الموسيقى أصبحت أكثر تلوناً وتناغماً.

في تلك الفترة ظهرت المؤسسات الموسيقية وازداد الاهتمام بالموسيقى، وأصبح هناك مدارس لتدريس الموسيقى والعزف على الآلات مثل البيانو، كما تم تطوير الآلات الموسيقية وتطوير حجم الأوركسترا، فأصبح عدد العازفين يصل لمئة عازف بعد أن كان في العصر الكلاسيكي 40 فقط، فالسمفونية الثامنة للموسيقي (Gustav Mahler"s) تم تنفيذها مع أكثر من 150 عازفاً و400 شخص من الكورال من أهم رواد الموسيقى الكلاسيكية في العصر الرومانسي أدولف تشارلز آدم (1803 - 1856)، هيكتور بيرليوز (1803 - 1869)، يوهانس برامس (1833 - 1897)، بيتر إليتش تشايكوفسكي (1840 - 1893).

النوتة الموسيقية كانت مرجع الكلاسيكية

السمة الأساسية للموسيقى الكلاسيكية والتي تميزها عن الموسيقى الشعبية أن هناك مصدراً مكتوباً في النوتة الموسيقية يتم الرجوع إليه، هذا الأمر يساعد على ترتيب الموسيقى، ترتيب الإيقاع والرتم، التنسيق بين الأجزاء المختلفة للمقطوعة التي يعزفها اثنان أو يتشاركان فيها، بالإضافة إلى أن النوتة الموسيقية والتدوين الموسيقي ساعد على تسجيل أعمال الكثير من الموسيقيين، ومكنت العازفين الآخرين من عزف المقطوعة بعد عدة قرون، كما أن النوتة الموسيقية مكنت الموسيقيين في عصر النهضة والعصر الباروكي من الغناء الكورالي، واستنساخ الألحان والكلمات والإيقاعات لعزفها من جديد.

مع ذلك، النوتة الموسيقية لم تكن توفر الإرشادات الكاملة والدقيقة عن كيفية الأداء الموسيقي، فما كان مكتوباً لم يحدد بالضبط سرعة كل آلة موسيقية، ولم يحدد بالضبط الأدوات التي يجب العزف عليها برفقة الآلات الرئيسية الأخرى، أو ما هي الآلة بالتحديد (قيثارة-عود- طبل- تشيلو- إلخ..)، هذا الأمر أعطى الملحن أو العازف مجموعة واسعة من الخيارات للتعبير عن الموسيقى وصياغة الألحان واختيار الآلات المختلفة سواء من الوتريات أو آلات النفخ أو النحاس، مما يؤدي إلى التغيير في النوتة واللحن، وعلى الرغم من أن الموسيقى الكلاسيكية فقدت معظم تقاليدها من خلال الارتجال الموسيقي في بعض العصور دون الاعتماد على النوتة، إلا أن هناك الكثير من الفنانين ممن طوروا الموسيقى حسب أسلوب عصرهم.

عزف الموسيقى الكلاسيكية يتطلب دراسة وكفاءة

يقال إن الفنانين الموسيقيين الذين درسوا الموسيقى في المعاهد والمدارس هم أفضل مدربين للموسيقى، فأداء الموسيقى الكلاسيكية يتطلب الكفاءة في القراءة الموسيقية ومبادئ العزف، كذلك تدريب الأذن على الموسيقى واللحن والأداء لخلق ألفة مع اللغة الموسيقية.

تاريخياً، كانت معظم الفرق الموسيقية أو جميعها مؤلفة من موسيقيين ذكور، ونادراً ما كانت تنضم النساء إليها، فلم يُقبل وجود المرأة في فرقة (The Vienna Philharmonic) حتى عام 1997، لكن فيما بعد أصبحت المرأة عضواً دائماً في الفرق الموسيقية، وفي بعض الفرق وجودها أساسي، كما أصبح في كل أوركسترا ستة أعضاء نساء، وكانت ألبينا دانيلوفا (Albena Danailova) أول امرأة تعزف على الكمان في الفرق الموسيقية لكن حتى القرن الواحد والعشرين لم تكن نسبة النساء في الأوركسترا تشكل سوى 6%.

الآلات الموسيقية التي مرت على الكلاسيكية

الأدوات المستخدمة حالياً في الموسيقى الكلاسيكية اُخترعت قبل منتصف القرن التاسع عشر، وهي تتألف من الآلات الموجودة في الأوركسترا والفرق الموسيقية أو التي يتم العزف عليها منفرداً مثل البيانو أو القيثارة، أكثر الأدوات التي استخدمت بدايةً في الموسيقى الكلاسيكية هي آلات النفخ وآلات النحاس، أما في العصور الوسطى فقد كانت الأدوات المستخدمة الناي الخشبي والعود، كذلك الكمان والترومبون، وكانت الأدوات في تلك الفترة تُقسم إلى آلات تسمى هوت صوتها عالياً وحاداً، وأخرى سفلى كانت أكثر حميمية وهدوءاً.

كما نشأت العديد من الآلات في عصر النهضة، طرأ على بعضها التغييرات وأخرى أُدخلت عليها تحسينات جديدة، شملت هذه الآلات أدوات النفخ مثل البوق، الآلات الوترية مثل العود والقيثارة، آلات السلاسل مثل البيانو، الآلات الإيقاعية مثل المثلث والأجراس، وفي العصر الباروكي أضيفت آلات جديدة إلى الموسيقى الكلاسيكية مثل التشيلو، الكمان، الفيولا، المزمار، الكورينيت، الترومبون، البيانو، الدف والصنجات.

واستمر الموسيقيون في العصر الكلاسيكي في استخدام الأدوات التي كانت تستخدم في العصر الباروكي مثل التشيلو والترومبون والطبل، في حين انخفض استخدام بعض الأدوات مثل المزمار والبوق، فخلال الحقبة الكلاسيكية كان الاعتماد الأكبر على الآلات الوترية والمستخدمة في الأوركسترا وموسيقى الحجرة مثل الكمان، الفيولا، التشيلو والكونترباص، مع الاستغناء عن بعض الآلات، بينما تطور نظام العزف على الآلات في العصر الرومانسي، فتم الحفاظ على الآلات الكلاسيكية المتبعة، لكن بدلاً من اشتراك اثنين من العازفين على نفس الآلة فقد أصبح عددهم عشرة، وأصبحت الموسيقى أكثر تعبيراً.

في حين أصبحت الموسيقى الحديثة موقفاً فلسفياً وجمالياً كامناً للتغيير والتطوير الذي طال اللغة الموسيقية في تلك الفترة، فقد كانت فترة من ردود الفعل المتنوعة في التحدي وإعادة تحليل وتفسير الموسيقى، مع ابتكار طرق جديدة لتنظيم الألحان والإيقاعات الموسيقية، أما العصر الحديث العالي (1950-1969) فقد أُدخلت عليه الآلات الموسيقية الكهربائية مثل الغيتار الكهربائي، واستخدمت الحواسيب لمزج الصوت وإجراء التغييرات الرقمية على الأصوات.

أخيراً أفضل طريقة لكي تفهم الموسيقى الكلاسيكية أن تذهب لإحدى الحفلات الموسيقية للاستماع إليها، أو القيام بذلك عن طريق الأقراص المدمجة، أو لديك خيار بعيد عما سبق... بأن تقوم بشراء آلة موسيقية وتتعلم كي تستمتع بعزف الموسيقى الكلاسيكية.