عالم لا نراه: الكائنات الليلية وكيف طوّرت قدرات خارقة للعيش في الظلام

  • تاريخ النشر: منذ يوم زمن القراءة: دقيقتين قراءة | آخر تحديث: منذ ساعة
مقالات ذات صلة
علامات ليلة القدر
أدعية ليلة القدر
فيديو سلالة من الحمام فقدت القدرة على الطيران وطورت طريقة غريبة للحركة

حين نخلد إلى النوم ويعمّ السكون، تبدأ حياة أخرى تماماً فوق الأرض وتحتها وبين أغصان الأشجار. إنها مملكة الكائنات الليلية التي لا تحتاج إلى مصابيح ولا هواتف مضيئة كي ترى طريقها، بل تمتلك قدرات تبدو كأنها من عالم الخيال العلمي. هذه الكائنات لم تولد خارقة، بل طوّرت مهارات مدهشة عبر ملايين السنين لتتكيّف مع عالم الظلام بأفضل شكل ممكن.

الكائنات الليلية: كيف طوّرت قدرات خارقة؟

عيون مصمّمة لاستقبال كل ذرة ضوء

أول سرّ في نجاح الكائنات الليلية هو عيونها الفائقة. فالقطة مثلاً لا ترى في الظلام التام، لكنها تلتقط أضعف خيوط الضوء بفضل طبقة عاكسة خلف شبكية العين تُسمّى Tapetum lucidum. هذه الطبقة تجعل الضوء يرتدّ داخل العين مرتين، ما يضاعف قدرتها على الرؤية.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

أما الذئاب والبوم، فتعتمد على اتساع بؤبؤ العين لدرجة مخيفة، يسمح بدخول أكبر كمية من الضوء. ولذلك تبدو عيونها متوهّجة ليلاً، وكأنها شاشات صغيرة تلمع في العتمة.

آذان تعمل مثل الرادار

في الوقت الذي نحتاج فيه إلى ضوضاء بيضاء لننام، تعتمد الحيوانات الليلية على السمع باعتباره حاسة أساسية للبقاء.
الخفافيش مثال مذهل: فهي لا ترى جيداً لكنها تطلق موجات صوتية ترتدّ من الأجسام حولها وتعود إليها لتصنع خريطة ثلاثية الأبعاد للمكان—تقنية مشابهة تماماً للرادار.

حتى البومة، التي تُلقّب بـ"سيدة الليل"، تمتلك فتحات أذنين غير متساوية. هذا الاختلاف يجعل دماغها يحدد اتجاه الصوت بدقة متناهية، فيساعدها على اصطياد فأر صغير يمشي تحت طبقة من الثلج دون أن تراه.

مهارات تنقّل صامتة ومخالب محسّنة

لأن الليل عالم المفترسين والفريسة، تطوّر عدد من الكائنات أساليب حركة شديدة الصمت، البومة مثلًا تمتلك ريشاً خاصاً يقلّل الضوضاء بنسبة كبيرة، فيجعل حركتها تشبه مرور الهواء نفسه. لذلك تجد الفريسة نفسها بين المخالب قبل أن تدرك ما حدث.

بينما طوّرت القطط مخالبها القابلة للسحب، فلا تصدر صوتاً على الأرض، مما يجعلها صياداً ليلياً من الطراز الأول.

حواس إضافية تفتح أبواباً جديدة للرؤية

بعض الكائنات الليلية لم تكتفِ بالضوء والصوت، فاستعانت بحواس أخرى:

  • الأفاعي تمتلك حُفراً حرارية تستشعر حرارة الكائنات الحيّة، فتراها كما نرى نحن بالأشعة تحت الحمراء.
  • العقارب تتوهّج تحت الضوء فوق البنفسجي، مما يساعدها على التواصل أو التمويه.
  • الراكون يعتمد على اللمس بنسبة كبيرة، إذ تحتوي يداه على مستقبلات حسّية تفوق اليد البشرية بخمسة أضعاف.

لماذا يستحق عالم الليل أن ندرسه؟

فهمنا لهذه الكائنات يقدّم للبشر أفكاراً ثورية:

  • تطوير كاميرات رؤية ليلية مستوحاة من عيون القطط.
  • تصميم أنظمة ملاحة تعتمد على المحاكاة الصوتية كالخفافيش.
  • ابتكار أجهزة حسّية حرارية تستلهم آلية الأفعى.

العلماء اليوم يدرسون هذه المخلوقات لابتكار تقنيات جديدة في الأمن والطب والبحث والإنقاذ. فبينما نعيش نحن حياتنا في النهار، هناك عالم هائل من الإلهام والذكاء الطبيعي يعمل بصمت في الظلام.