ظهور نجم سهيل يبشر بانكسار الحر وبدء الاعتدال التدريجي للأجواء في الجزيرة العربية
مع اقتراب نهاية أغسطس، يترقب سكان الجزيرة العربية طلوع نجم "سهيل"، الذي لطالما ارتبط ظهوره لدى العرب القدماء بجملة من التحولات المناخية التي تشير إلى بداية انكسار الحر واعتدال الأجواء تدريجيًا.
ويُستدل على ما سبق، بالمثل الشائع: "إذا طلع سهيل برد الليل"، في إشارة إلى انخفاض درجات الحرارة خلال ساعات الليل، إيذانًا بانتهاء فصل القيظ.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ويُعد "سهيل" ثاني ألمع نجوم السماء بعد نجم الشعرى اليمانية، ويُشاهد في الأفق الجنوبي الشرقي قبيل الفجر، بدءًا من 24 أغسطس في المناطق الوسطى من الجزيرة، بينما يظهر في الجنوب قبل أن يُرى في الشمال.
علامات بيئية ومناخية ترافق طلوع "سهيل"
ويرتبط طلوع النجم بما يُعرف في الموروث الشعبي بـ"حساب الدرور"، وهو نظام تقليدي لرصد التغيرات البيئية المصاحبة لهذه الفترة. ومن أبرز تلك العلامات: برودة الماء وأديم الأرض عند الفجر، احتفاظ التربة برطوبتها حتى الصباح بعد ريّها مساءً، انخفاض حاجة الإبل للماء، بدء اخضرار أشجار السمر من جهة الجنوب، وعودة بعض طيور البحر مثل طائر الصلال، وكلها مؤشرات على بداية التحول الموسمي في المناخ.
- اقرأ أيضاً:
المناخ والعوامل الطبيعية التي تؤدي لتغيره ومصادره وعناصره وأنواعه.
موسم زراعي جديد
وفي هذا السياق، أوضح إبراهيم الجروان، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للفلك وعضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، أن طلوع "سهيل" يمثل محطة فلكية ومناخية بارزة في الثقافة العربية، حيث يبدأ المزارعون بالتحضير للموسم الزراعي الجديد، مستفيدين من اعتدال الطقس، كما يعمد مربو الماشية إلى تقليم أظلاف الأغنام، وهي ممارسة ضرورية للحفاظ على صحة القطيع.
بداية موسم الصيد وعودة سفن اللؤلؤ
وأشار الجروان إلى أن الصيادين يترقبون هذه الفترة أيضًا، إذ تبدأ الأسماك بالاقتراب من السواحل بفعل انخفاض حرارة المياه.
كما تنطلق أولى مواسم السنة المناخية المعروفة باسم "الصفري" أو "الصفرية"، والتي ترتبط ببداية اعتدال الأجواء وترقب هطول الأمطار النافعة.
ويتزامن هذا التوقيت أيضاً مع "أوان القفال"، أي موعد عودة سفن صيد اللؤلؤ في الخليج العربي إلى ديارها، معلنة نهاية موسم الغوص الكبير منتصف سبتمبر.
إرث شعبي حيّ يربط الإنسان بالبيئة
وأكد الجروان أن هذه العلامات، التي تناقلها العرب عبر الأجيال، لا تزال تحظى بمكانة مهمة في الموروث الشعبي، وتشكل رابطًا حيًا بين الإنسان والبيئة، بما تحمله من دلالات فلكية ومناخية ترشد الناس في حياتهم اليومية، وتُسهم في تنظيم أنشطتهم الزراعية والبحرية وفق إيقاع الطبيعة.
- اقرأ أيضاً: