توقعات إيجابية لسوق الأسهم ولكن ينبغي الحذر

  • تاريخ النشر: الإثنين، 14 أغسطس 2023
مقالات ذات صلة
الحذر من هذا العبث
افتتاح المؤتمر الدولي لسوق العمل في الرياض
عبارات مسائية إيجابية

حافظت أسعار الأسهم على أدائها الإيجابي منذ بداية 2023، وذلك رغم التقلبات الحادة التي تمر بها من فترة إلى أخرى، وتجبر معها المستثمرين على التزام جانب الحذر في ظل ضبابية التوقعات الاقتصادية.

إذا ألقينا نظرة على أداء سوق الأسهم الأمريكية في يوليو، سنجد أن مؤشر الداو جونز للشركات القيادية قد ارتفع بنسبة 3.4%، فيما أضاف مؤشر S&P 500 الأوسع نطاقًا مكاسب بـ 3.1%، وتصدر مؤشر ناسداك، والذي تغلب عليه أسهم التكنولوجيا، قائمة الرابحين بارتفاعات بلغت 4%. برغم ذلك، تبدلت الأمور سريعًا مع افتتاح تعاملات أغسطس حيث تخلى الناسداك وS&P 500 عن ثلثي مكاسبهما تقريبًا، فيما تراجع مؤشر الداو جونز بأقل من 1%.

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

برغم هذه الخسائر فإن معنويات المستثمرين لا تزال إيجابية تجاه أسعار الأسهم، خصوصًا بعد نجاحها مرات عِدة في تعويض خسائرها الشهرية خلال الأسبوع الأخير، وهو السيناريو الذي تكرر في يونيو ويوليو الماضيين.

توقعات المحللين لأداء سوق الأسهم خلال الربع الثالث إيجابية في مجملها وسط تفاؤل بشأن انتهاء دورة التشديد النقدي من قبل الاحتياطي الفيدرالي، وهو الأمر الذي من المفترض أن ينعكس إيجابًا في شكل دفع المستثمرين لتقليل حيازات أدوات الدخل الثابت في محافظهم خلال الفترة المقبلة.

برغم ذلك، يرى كثيرون أن الأمر قد يتطلب إجراء إعادة موازنة تكتيكية في الربع الرابع وسط توقعات بانخفاض ملحوظ في الأرباح الفصلية، فضلاً عن احتمالات دخول الاقتصاد الأمريكي والعالمي مرحلة الركود خلال النصف الأول من 2024. ويبدو أن هذه المخاوف تستند إلى أسس واقعية، حيث لا تزال أزمة إفلاس عدد من البنوك الأمريكية والأوروبية خلال الربع الأول حاضرة في الأذهان. وبرغم نجاح السلطات التنظيمية في احتواء الأزمة، إلا أن انفجار أزمة مماثلة في أسواق التجزئة سوف تثير حالة من الهلع يصعب احتوائه.

هناك أيضًا توقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يرفع سعر الفائدة مرة أخرى، وربما مرتين، قبل نهاية العام الحالي، وهو السيناريو الذي سيلقى مزيدًا من الرواج إذا فشل مؤشر أسعار المستهلكين في التراجع إلى ما دون المستوى 4% قبل نهاية العام.

قطاع التكنولوجيا

في ظل هذه الأجواء، لا يزال قطاع التكنولوجيا هو الحصان الرابح حتى الآن. فبعد الخسائر الحادة التي مُني بها في عام 2022، سجل مؤشر ناسداك المجمع أداءً قياسيًا بعد أن ارتفع بما يقرب من 40% خلال النصف الأول من 2023. وجاءت هذه المكاسب بدعم رئيسي من حالة الهوس بتقنيات الذكاء الاصطناعي والصناعات المرتبطة بها، مثل الرقائق الإلكترونية، حيث أثار ذلك موجة من الحماس تجاه دور هذه التطبيقات في مستقبل الاقتصاد العالمي.

وبرغم وجود مخاوف بشأن تصحيحات هبوطية قوية بعد تلاشي الزخم الأولي الذي يصاحب مثل هذه الاكتشافات الجديدة، إلا أن أداء الربع الثاني يعكس استقرارًا ملحوظًا في أداء قطاع التكنولوجيا، في إشارة إلى أن المستثمرون يتعاملون مع الذكاء الاصطناعي وملحقاته بشكل أكثر جدية، وليس مجرد فقاعة على شاكلة العملات الرقمية. ويعضد هذا السيناريو افتراضات قوية بأن السوق الهبوطية التي استمرت من نوفمبر 2020 حتى أكتوبر 2022 قد أزالت جزء كبير من الاستثمارات المضاربية والعلاوات السعرية والتقييمات المبالغ فيها للشركات المرتبطة بالاقتصاد الرقمي. أيضًا فإن المكاسب القوية التي حققتها محافظ المستثمرين الذين ’كدسوا‘ أسهم التكنولوجيا بأسعار رخيصة تبدو مُغرية بالقدر الكافي للاستمرار على هذا النهج حتى إشعار آخر.

أيضًا فإن استمرار كبار التنفيذيين في شراء أسهم في شركاتهم يعكس ثقتهم في مستقبل الأعمال، وهي إشارة إيجابية على أية حال. علاوة على ذلك، تشير شركات مثل إنفيديا في توقعاتها السنوية إلى توسع كبير في المنتجات المرتبطة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي. هناك أيضًا أحاديث متواترة حول قدرة تقنيات الجيل الجديد على إحداث ثورة في أداء الشركات والأفراد على حد سواء. أبرز مثال على ذلك هو الحديث عن استغناء شركات كبرى عن جزء كبير من موظفيها بسبب قدرة تطبيقات الذكاء الاصطناعي على أن تحل محل العامل البشري بطريقة أقل تكلفة وأكثر كفاءة. وبغض النظر عن التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي يمكن أن تفرضها هذه التكنولوجيا الناشئة، إلا أنها ستعطي فرصة لشركات أخرة للاستفادة من التوجه الجديد، وهي بيئة إيجابية عمومًا تُغري الكثير من صائدي الفرص للعودة إلى السوق.

خاتمة

تبدو التوقعات بالنسبة لأداء سوق الأسهم في النصف الثاني من العام إيجابية في مجملها، ولكنها كما أشرنا تفتقد الحماس الذي كانت عليه في بداية العام. هناك حذر من جانب المستثمرين بعد الارتفاعات القوية خلال النصف الأول، وهذا الحذر تتزايد وتيرته في ظل حالة عدم اليقين بشأن انتهاء دورة التشديد النقدي، وتزايد إشارات الانكماش الاقتصادي، والمخاوف من حدوث أزمة ائتمان مع بلوغ الفائدة أعلى مستوياتها في ربع قرن.

إذا أردنا ترجمة هذه التوقعات بشكل عملي، فربما يكون من الأفضل زيادة الوزن النسبي لأسهم شركات التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي حتى موسم تقارير أرباح الربع الثالث، وبُعدها يُقيم المستثمر محفظة سوق الأسهم ككل بناءً على مؤشرات الاقتصاد الكلي ومدى جدية احتمالات الركود في النصف الأول من 2024.