;

نعرف أشكالهم: حسن البارودي طيب بدرجة منافق وصل للعالمية وأسر أم كلثوم

  • تاريخ النشر: الثلاثاء، 26 نوفمبر 2019
نعرف أشكالهم: حسن البارودي طيب بدرجة منافق وصل للعالمية وأسر أم كلثوم

"العمدة عايز يناسبك، في فاطمة مراتك، طلقها وإتجوز غيرها البلد مليانة بنات حلوة" تلك الكلمات تُعد من أشهر الجمل الحوارية في تاريخ السينما المصرية، كلمات قليلة وبسيطة بأداء رائع خلدها الفنان الراحل حسن البارودي، في ذاكرة المشاهد لعقود طويلة، وهي من فيلم "الزوجة الثانية" الذي شارك فيه شكري سرحان وصلاح منصور وسعاد حسني وإخراج صلاح أبو سيف.

نواصل حلقاتنا من سلسلة أشهر كومبارسات السينما المصرية، ونتحدث اليوم في السطور المقبلة عن الفنان الراحل حسن البارودي.

منحه الخالق صوتاً مميزاً حقاً فتستطيع أذنك التعرف على صوته من جملة قصيرة ينطقها بنبرة طيبة أحياناً وببنرة تحمل معاني النفاق مغلفة بصبغة دينية أحياناً أخرى، فمن ينسى نبرته الهادئة والطيبة في فيلم باب الحديد وتحديدًا في جملة "قناوي يا ابني البس بدلة الفرح هاجوزك هنومة" ومن لن ينسى تلك النبرة الهادئة الطيبة فلن ينسى نبرته في فيلم الزوجة الثانية حين يتحدث مع أبو العلا الفلاح المقهور محاولاً إقناعه بتطليق زوجته ليتزوجها العمدة قائلاً:"ماتعصلجش يا أبوالعلا، إنطاع يا ابنى، ده احنا غلابة، والله لما ندن على مدنى ماحدش هيسمعنا، الأكابر بس اللى بيتسمع كلامهم.. بيأمروا واحنا اللى ننفذ.. واطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم".

اسمه بالكامل هو حسن محمود حسانين البارودي، ولد في 19 نوفمبر عام 1898، بحي الحلمية في القاهرة، وهو الثاني بين إخوته، وكان والده يعمل مترجماً بشركة توماس كوك، وكان يتقن اللغة الإنجليزية إتقاناً شديداً، إلى جانب اتقانه للغة العربية.

درس مراحل التعليم الأساسية في مدرسة الأمريكان وبدأت مواهبه الفنية من الطفولة فكان رئيس فريق لتمثيل بالمدرسة، وساعدته مدرسته في اتقان اللغة الإنجليزية، والتحق للعمل بنفس شركة والده توماس كوك وعمل كمترجم بالشركة.

اختاره مدرس اللغة العربية ليلقي كلمة أمام سعد زغلول وفور انتهاءه من الخطبة ناداه سعد باشا، وقال له صوتك حسن مثل اسمك ومؤثر وقوى ومقنع، ولو عملت محامياً ستكون بارعاً وتكسب القضايا من أول مرة، ورغم سعادته والدى بهذه الكلمات إلا أن حلم التمثيل ظل يراوده ولم يفكر فى غيره.

بدأ حياته الفنية عندما التحق بفرقة حافظ نجيب المتجولة، ثم إنضم لفرقة عزيز عيد عام 1921، وفي عام 1923 عمل ملقنًا لفرقة مسرح رمسيس عند افتتاحه، وعمل في فرقة يوسف وهبي حوالى 20 عاماً كما عمل لسنوات مع المسرح القومي أو الفرقة القومية، وشارك بالعديد من المسرحيات منها "غادة الكاميليا، ملك الحديد، البؤساء".

شارك في 121 فيلماً سينمائياً ومسلسلاً حسب موقع "فيلومجرافيا" لعل أبرزهم "بابا الحديد" مع يوسف شاهين، و"الزوجة الثانية" مع شكري سرحان وسعاد حسني، و"الشيماء" مع سميرة أحمد، وأحمد مظهر.

كانت بدايته السينمائية في 1920، حينما شارك في فيم "ابن الشعب" وتوالت الأعمال الفنية عليه، وصلت إلى 100 فيلم، كان أخرها فيلم العصفور للمخرج الكبير يوسف شاهين.

رغم عدم حصوله على فرصة البطولة المطلقة في الأفلام والمسلسلات المصرية التي شارك فيها، إلا أن جملة واحدة منه كافية لتحجز لنفسها مكاناً في ذاكرة المشاهد وتاريخ السينما المصرية، وكانت جمله القصيرة، كافية للفت أنظار ممثلين ومخرجين أجانب، ومنحته فرصة المشاركة في أفلام أجنبية منها "الخرطوم، وثلاث قصص مصرية، وروميل يغزو القاهرة".

يقول عنه المخرج الأمريكي جورج راتوف، "حسن يمتلك صوت بمليون جنيه" فيما رأت أم كلثوم بأنه أفضل الأصوات في المجال الفني ويستطيع أن يغني على المسرح بصوته وتعبيرات وجه.

ولكن من الأدوار التي لا يمكن أن ينساها الجهور ما قدمه في أفلام "باب الحديد"، و"الزوجة الثانية" الذي أصبح من خلاله حتى يومنا هذا تيمة للرجل الذي يقوم بقلب الحق إلى باطل في أقل من ثانية وتيسير الدين طبقًا لأهواءه.

سجل للتليفزيون فى رمضان برنامج البنورة المسحورة، وكان من أنجح البرامج، وفاز فى استطلاع لرأي المشاهدين كأفضل عمل تلفزيوني، كما سجل للإذاعة ما يقرب من 540 حلقة من كتاب الأغانى لأبي الفرج الأصفهاني، وكان برنامج يومي يقوم فيه بدور الأصفهاني، وشارك في هذا البرنامج كل ممثلي مصر تقريباً.

وبعيد عن الفن وما قدمه البارودي في سنوات عمله كممثل، تزوج البارودي مرتين، الأولى من الفنانة رفيعة الشال وله منها ابنة، ثم تزوج مرة أخرى من خارج الوسط الفنى وأنجب ثلاثة أولاد.

حصل علي وسام الفنون سنة 1959، و جائزة الدولة التشجيعية في العلوم والفنون من الطبقة الأولى.

وكان من الدائرة المقربة لكوكب الشرق أم كلثوم، والتي جمعته بها صداقة قوية، حيث أنه كان أحد رواد صالونها الثقافي، والذي إذا تغيب يوم تقوم بالسؤال عليه، ولم تتوقف العلاقة بينهما إلى هذا الحد.

فقد لجأ إلى كوكب الشرق بعد أن ضاقت الدنيا عليه، عام 1965، وتم إحالته للمعاش وقد بدأت عينيه بالإصابة حينها، وزاد الأمر حالته النفسية سوءًا بعد ما تعرض له من الإحالة للمعاش، فقامت هي بالإنفاق على علاجه بعد أن رفض المسئولين عن الثقافة حينها سفره إلى الخارج.

للأسف لم يأتي هذا السفر بنتيجة وازاد المرض عليه وأصيب بالعمى، ورحل بعدها رحل عن عالمنا في 17  سبتمبر من عام 1974، ليكتب نهائة لجسد البارودي الذي ترك إرثاً فنياً يعيش إلى يومنها هذا.